مرحلة التعليم الثانوي
الأحلام الوردية في وزارة التربية (4)
لقد كنت حائرا ومترددًا ولدى الكثير من التردد في كتابة موضوع عن التعليم الثانوي ولكني تشجعت ومسكت القلم للكتابة فمرحلة التعليم الثانوي هي أكثر مرحلة كنت أعمل بها أكثر من نصف عمري الوظيفي.
وتعد مرحلة التعليم الثانوي أهم مرحلة في منظومة التعليم قبل الجامعي فهي المرحلة التي تفصل منظومة التربية والتعليم عن مرحلة التعليم الجامعى، حيث أن التعليم الجامعي هو الذي يؤهل المتعلمين إلى سوق العمل وهي مرحلة تغطى فترة حرجة من حياة الشباب..
فهم يمرون بمرحلة المراهقة فى هذه المرحلة وما يصاحبها من تغيرات فى البناء النفسي والاجتماعى، وتحتاج هذه المرحلة إلى إعادة النظر بشكل مستمر مع التقدم العلمي والتكنولوجي لتحقيق طموحات المجتمع من جهة والطلاب وأولياء أمورهم من جهة أخرى.
مرحلة التعليم الثانوي
وتهدف مرحلة التعليم الثانوي لإعداد الطلاب للحياة جنبًا إلى جنب مع إعدادهم للتعليم العام والجامعى أو المشاركة فى الحياة العامة والتأكيد على ترسيخ القيم الدينية والسلوكية والقومية. طبقًا لما ورد بقانون التعليم 139 لسنة 1981.
ومنذ ذلك التاريخ مرت مرحلة التعليم الثانوى بعدة تعديلات فى هذا القانون ولكى نستطيع أن نتكلم عن الوضع الحالى لابد أن نعرف كيف كانت مرحلة التعليم الثانوى طوال هذه السنوات وكيف أصبحت وماهى التعديلات التى تمت فى خلال هذه الفترة الطويلة وهل هذه التعديلات قامت ببعض الحلول وتقليل المشكلات التى تحدث فى هذه المرحلة.
وقبل أن نسرد ما تم فى الماضى وربطه بالحاضر وتمنياتنا بالمستقبل لابد أ، نقول هنا أننا لسنا على استعداد أن نقوم بالنقد لأى من الأشخاص الذين تولوا هذه المسئولية الصعبة سواء فى الماضى أو الحاضر فكل شخص كان مسئولا عن هذا الملف قد قام بواجبه على أكمل وجه بل وحاول أن يكون أفضل القائمين عليه لما له من تأثير إعلامى كبير على مستوى الدولة.
وأشهد الله الذي لا إله إلا هو أن جميع المسئولين الذين عملت معهم كانوا على قدر المسئولية والأمانة الملقاة عليهم بل وجاهدوا لإنجاح هذا العمل بكل ما استطاعوا من قوة إرضاء لله سبحانه وتعالى وحرصًا على مستقبل أبناءنا من الطلاب الذين هم قادة المستقبل القريب.
مدة الدراسة في مرحلة التعليم الثانوى ثلاث سنوات دراسية ويجرى الامتحان للحصول على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة فى نهاية الصف الثالث الثانوى من دورين، فشهادة الثانوية العامة كانت عام واحد حتى صدور القانون رقم 2 لسنة 1994 وجعل الثانوية العامة على مرحلتين أى الصف الثانى الثانوي والصف الثالث الثانوى ويتم جمع درجات المرحلتين للحصول على الشهادة..
وكان في ذلك الوقت السماح للطلاب بالتحسين في جميع المواد وبعد حوالي ثلاث سنوات صدر القانون 160 لسنة 1998 وتم إلغاء التحسين واستمر هذا الوضع حتى عام 2012 بصدور القانون رقم 20 لسنة 2012 لعودة الثانوية العامة لسنة واحدة كما كان من قبل.
واختصارا لما سبق أحب أن أوجز ما تم فى هذه الفترة منذ صدور القانون 1981 حتى 1994 كانت الثانوية العامة سنة واحدة 1994 حتى 1998 كانت الثانوية العامة على عامين مع وجود إمكانية التحسين لجميع المواد 1998 حتى 2012 كانت الثانوية العامة على عامين مع عدم وجود تحسين لأي مادة 2013 حتى 2023 كانت الثانوية العامة عام واحد وعدم وجود تحسين لأى مادة.
هذا فيما يتعلق من تغيير في النظام والذي لابد أن يتم التعديل من خلال قوانين يقرها مجلس النواب.
أما بالنسبة للمواد التي يتم الامتحان فيها ومناهجها وخططها وتنظيم الامتحانات ومواعيدها وشروطها وضوابط التقدم لها والنهايات الصغرى والكبرى لدرجات المواد الدراسية فالذى يقوم بتحديد ذلك هو وزير التربية والتعليم بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى.
وانطلاقًا من هذه الحقوق للسيد الوزير والمجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى قامت الوزارة ببعض التعديلات خلال السنوات الأخيرة وذلك حرصًا منها على تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص لأبناؤنا الطلاب والحد من ظاهرة الغش التي انتشرت بشكل كبير خلال السنوات السابقة.
فبعد أن كانت الامتحانات تتم من خلال ورقة أسئلة منفصلة عن ورقة الإجابة حتى عام 2016 بدأت الوزارة فى تطبيق نظم امتحانية جديدة مرورا بنظام البوكليت وهو نظام تكون فيه الإجابة فى نفس كراسة الأسئلة واستمر هذا النظام حتى عام 2020 ثم قامت الوزارة بمحاولات عديدة لعمل امتحان إلكتروني..
وقامت بدراسة التجربة فى الصف الأول والثاني الثانوي، إلا أن هذا النظام لم ينجح بشكل كامل وبالتالي عجزت الوزارة عن عقد امتحان إلكتروني موحد كما فى القانون لجميع طلاب الصف الثالث الثانوي لوجود كثير من التحديات التي واجهت هذا النظام في ذات الوقت مما اضطر الوزارة إلى اللجوء إلى امتحانات بنظام البابل شيت..
ظاهرة الغش
حيث أن الوزارة قامت بهذه التجربة من قبل أعوام 2007 – 2008 باختبارات كادر المعلم باتباع التصحيح الكترونيا دون تدخل بشري وقد حدثت كثير من المشكلات فى هذا النظام لما فيه من بعض السلبيات، والتي أدت إلى حدوث مشكلات كثيرة خاصة العام الماضى فهذا الامتحان كانت الأسئلة بالكامل أسئلة موضوعية اختيار من متعدد. ثم قامت الوزارة فى هذا العام بوضع أسئلة مقالية بنسبة 15% بجانب الأسئلة الموضوعية بنسبة 85%.
ومع ظهور نتيجة امتحانات الثانوية العامة فى الأسبوع الماضى فقط إلا إننا جميعًا لابد أن نعطى الفرصة الكاملة للقائمين على هذا العمل لتحليل النتائج ودراستها للوقوف على السلبيات والإيجابيات ووضع المقترحات سواء كانت بالاستمرار فى هذا النظام أو التعديل فيما هو قادم.
ولابد أن نتكلم عن ظاهرة سلبية من أكبر المشاكل والتحديات التى تواجه أى تغيير أو تعديل فى هذه المنظومة الهامة وهى ظاهرة الغش بكافة أنواعه وصوره، فظاهرة الغش هي التى تعوق أى تعديل أو تغيير أو إصلاح لهذه المنظومة..
ولم يستطع أحد خلال الفترات السابقة القضاء عليها بشكل كبير إلا أن هذه الظاهرة تزداد من سنة إلى أخرى خاصة مع وجود التطوير التكنولوجى العالمى، فظاهرة الغش هي الآفة التى تهدد مستقبل التعليم فى مصر، بالإضافة إلى أنها تهدر مبدأ تكافؤ الفرص وتصيب أبنائنا بالإحباط وعدم الولاء والانتماء للوطن، فعندما يرى الطالب أن أى شخص قد اغتصب حق غير حقه خاصة فى هذه المرحلة العمرية الخطيرة مما يؤثر عليه تأثيرًا سلبيًا ومعنويا وأحيانًا نفسيًا.
وبالرغم من المجهودات الكبيرة التى قامت بها الوزارة فى هذا المجال إلا أنه لازال الغش داخل الامتحانات على مرأى ومسمع من الجميع وهنا أقصد المجتمع وليست الوزارة فقط فالمجتمع شريك أساسى فى القضاء على هذه الظاهرة السلبية.
الوعي الإيجابي
ولتحقيق الحلم لابد أن يتم تغيير الأهداف بما يتناسب من الأهداف العليا للمجتمع وإعادة النظر فى توزيع الأدوار لتكون المسئولية على المجتمع بالكامل وليست وزارة التربية والتعليم فقط لتقليل الفجوة بين الواقع وما هو مطلوب مع وجود تغييرات جذرية فى المناهج وتعميق روح البحث والتجريب وتزويد الطلاب بالمهارات الفكرية اللازمة لعملية التعلم الذاتى مع بناء الشخصية القادرة على الالتحاق بالجامعة..
ومواجهة المستقبل وضرورة التأكيد على الهوية الثقافية والوطنية دون تعصب وترسيخ القيم الدينية والسلوكية كما لابد أن يتم الاهتمام بالطلاب المتفوقين والموهوبين لإبراز موهبتهم وتنمية قدراتهم. وأن يتم الحرص على تسخير التكنولوجيا الحديثة للمعلومات لخدمة المجتمع المدرسي بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة من خلال معرفتهم بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات.
ويكون ذلك من خلال تكوين الوعي الإيجابي الذي يواجه به طلابنا الأفكار الهادمة والاتجاهات السلبية، مع ضرورة أن يتم إعداد المعلمين ذوى القدرة على التعامل مع مستويات مختلفة من الطلاب مع مراعاة المرحلة السنية التى يمر بها الطلاب مع التأكيد على دور أولياء الأمور فى دعم أبناؤهم في عملية التعليم والتعلم.
وفي نهاية كلمتي أدعو جميع القائمين على العملية التعليمية لعقد مؤتمر للتعليم الثانوى برعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى تحت شعار "معا نستطيع" على أن تتضمن فعاليات هذا المؤتمر كل ما تم فى هذه المرحلة من قبل وعلى الأخص مؤتمر التعليم الثانوى المنعقد عام 2008 فى حضور الرئيس الأسبق آنذاك، والذى انتهى إلى عدة توصيات هامة وكاد المشروع أن ينتهى إلا أن أحداث 25 يناير أطاحت بهذا المشروع مع العلم بأن آخر جلسات اللجنة المشكلة من التربية والتعليم والتعليم العالى كانت يوم 13 يناير 2011.
وللحديث بقية