في ذكرى مئويته، البابا شنودة الثالث حكيم هذا العصر ومعلم الأجيال وصاحب تاريخ حافل بالوطنية
نظير جيد الذى أصبح فيما بعد قداسة البابا شنودة الثالث رمز ديني مصري كان يمتلك من الكاريزما والحكمة الكثير ما يؤهله للحصول على لقب حكيم هذا العصر، ولقب أيضا بـ معلم الأجيال، شمعة القرن، أثتاسيوس القرن العشرين، وظهرت حكمة البابا شنودة الثالث في العديد من أقواله التي أثرت في جميع المصريين من مسلمين وأقباط، ومنها المقولة الشهيرة التي أصبحت درسا في الوطنية والانتماء وحب الوطن،وهى «مصر وطن يعيش فينا وليس وطنا نعيش فيه».
نحتفل اليوم بمئوية ميلاد قداسة البابا شنودة الثالث، ولد نظير جيد روفائيلل شنودة ـ يوم 3 أغسطس 1923 بقرية سلام بمحافظة أسيوط، واجتاز مراحله التعليمية الأولى في دمنهور والإسكندرية وأسيوط وبنها، وأتم دراسته الثانوية بمدرسة الإيمان الثانوية بجزيرة بدران بشبرا مصر فى سنة 1939 وبدأ خدمته فى مدارس التربية الكنسية بكنيسة العذراء بمهمشة بالقاهرة، وفى سنة 1946 بدأ خدمته بكنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بشبرا مصر، وفي سنة 1947 حصل على ليسانس الآداب قسم التاريخ من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا)، وفى نفس العام تخرج من كلية الضباط الاحتياط.
عمل فى مجال التدريس أولا
وفي سنة ١٩٤٦ التحق قداسة البابا شنودة الثالث بالكلية الأكليريكية، وعمل في مجال التدريس وفى سنة ١٩٤٩ تكرس للخدمة وللتدريس بالإكليريكية، وقد تولى رئاسة تحرير مجلة مدارس الأحد في أكتوبر1949 وحتى رهبنته في يوليو ١٩٥٤وفى سنة ۱۹٥٢ اختير رئيسًا لمجلس إدارة بيت مدارس الأحد، ثم استقال منه ليتفرغ للإكليريكية وللخدمة، فى سنة ۱۹۵۳ قام بالتدريس في مدرسة الرهبان بحلوان.
مرحلة التأمل والوحدة
في يوليو ١٩٥٤ ترهب بدير السيدة العذراء (السريان بوادي النطرون باسم الراهب أنطونيوس السرياني، وصار أمينا لمكتبة دير السريان ومن عام ١٩٥٦ إلى عام ١٩٦٢ عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالى ٧ أميال عن مبنى الدير مكرسًا فيها كل وقته للتأمل والصلاة، تمت سيامته قسًا يوما ٣١ أغسطس ۱۹٥٨ بيد أنبا ثاؤفيلس أسقف الدير وقتذاك.
وفي يونيو ١٩٥٩ اختاره البابا كيرلس السادس ليكون سكرتيرًا له، وبعد ثلاث سنوات.
وتمت سيامته أسقفًا للتعليم باسم أنبا شنودة وأسس اجتماعات روحية للوعظ والتعليم بمنطقة دير الأنبا رويس بالعباسية، أصدر بعدها العدد الأول من مجلة الكرازة، وفى عام 1966 أصبح عضوا بنقابة الصحفيين باعتماده صحفيا، وفى نوفمبر عام 1971 تم تتويجه وتجليسه على الكرسى البابوى.
الكرسى البابوى
وظل قداسة البابا شنودة، على سدة الكرسي المرقسي أكثر من ٤٠ عاما، شهد خلالها العديد من رؤساء مصر، والأحداث الهامة على المستوى السياسي أو الكنسي، فى فبراير ۱۹۹۱ اختير رئيسًا لمجلس الكنائس العالمي عن الارثوذكس الشرقيين والشرق الأوسط، وفى ٨ نوفمبر ١٩٩٤ اختير رئيسًا لمجلس كنائس الشرق الأوسط عن عائلة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية وتجدد انتخابه لمرة ثانية سنة،۱۹۹۸، ولمرة ثالثة ٢٠٠٣.
وفى عام ۱۹۸۰ أسس أسقفية لخدمة الشباب، وفى ١٩٧٦ تأسست أسقفية عامة لشئون أفريقيا وفى ١٩٩٥ تأسست أسقفية للكرازة، وأسس معهد الرعاية والتربية ١٩٧٤، ومعهد الكتاب المقدس ١٩٧٤.
وتعددت كتابات ومؤلفات البابا شنودة الثالث وتنوعت بين كتب اجتماعية وكتب عن التأمل في الكتاب المقدس وكتب للحياة، وفى المجالات الروحية واللاهوتية والعقائدية وغيرها وقد تم ترجمة العديد من مؤلفاته الى لغات متعددة، وبلغت مؤلفاته 141 كتابا منها: يارب لا تبكتنى، موسى وفرعون، من هو الإنسان، من وحى الميلاد، يستجيب لك الرب، من وحى أسئلة الناس، مخافة الله، كلمات السيد المسيح، كيف تعامل الأطفال، مختارات من الادب والحكمة، كيف نبدأ عاما جديدا وغيرها.
كما وضع 42 قصيدة شعرية منها:أبواب الجحيم، ذلك الثوب، أبطال، هذه الكرمة، الأمومة، من ألحان باراباس، أيها النجم، في جنة عدن، ابيات عن مريم، همسة حب، تائه في غربة، يا تراب الوطن وغيرها.
إلى جانب مجموعة كبيرة من المقالات فى مجلة الكرازة وصحف اخبار اليوم والاهرام والجمهورية ومجلة الهلال.
من أقوال قداسة البابا شنودة المأثورة " كله للخير مسيرها تعدى "، مصر وطن يعيش فينا وليس وطن نعيش فيه ، إن ضعفت يومًا فاعرف أنك نسيت قوة الله، أعط من قلبك قبل أن تعطى من جيبك، إن الكلمة التي تقولها تُحسب عليك مهما اعتذرت عنها، إن الضيقة سميت ضيقة لأن القلب ضاق عن أن يحتملها، ضع الله بينك وبين الضيقة فتختفي الضيقة ويبقى الله المحب، الضمير هو صوت وضعه الله في الإنسان يدعوه إلى الخير ويبكته على الشر ولكنه ليس صوت الله، توجد صلاة بلا ألفاظ.. بلا كلمات، خفق القلب صلاة، دمعة العين صلاة، الإحساس بوجود الله صلاة، إن الله يعطيك ما ينفعك وليس ما تطلبه، إلا إذا ما تطلبه هو النافع لك، وذلك لأنك كثيرا ما تطلب ما لا ينفعك، ليكن الخير طبعًا فيك، وليكن شيئًا تلقائيًا لا يحتاج إلى جهـد، مثلـه مثـل التنفـس عنـدك.
مواقف وطنية متعددة
كانت له مواقف وطنية كثيرة منها: مساندة القضية الفلسطينية، وقضية القدس ومساندة الوطن خلال حرب ٦ أكتوبر ۱۹۷۳م، واستطاع أن يعبر بالكنيسة إلى بر الأمان أثناء القرارات التي أصدرها الرئيس أنور السادات في سبتمبر ۱۹۸۱م ومنها قرار الغاء تعيينه بابا للإسكندرية، وإقامته الجبرية بالمقر البابوي بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون لمدة أربعين شهرًا، وعاد إلى مقر كرسيه فى يناير ۱۹۸٥م.
وفى سنة ۲۰۱۱م أصدرت اللجنة الدائمة" للمجمع المقدس برئاسته بيانًا بتاريخ ۱۵ فبراير ۲۰۱۱م أكدت فيه تأييدها لثورة ٢٥ يناير ۲۰۱۱م، والإشادة بدور الجيش المصري والمجلس الأعلى للقوات المسلحة وما أصدره من بيانات.
من أشد المواقف التي صادفها قداسة البابا شنودة الخلاف مع الرئيس السادات التي انتهت بتحديد إقامة البابا في دير وادى النطرون، ضمن 1531 من الشخصيات العامة التي اعترضت على اتفاقية كامب ديفيد، حيث اشترط بيجين على السادات اثناء توقيع الاتفاقية عودة الحجاج الأقباط إلى القدس مرة أخرى وبتأشيرة دخول إسرائيلية ووافق السادات وطلب بعدها من البابا شنودة أن يسمح للاقباط بزيارة القدس والحج اليها، فكان رد البابا: إن حج الأقباط إلى القدس حلم يتمناه كل قبطى ولكن عذرا سيدى الرئيس لا أستطيع الموافقة على ذلك.
حاول السادات إقناع البابا دون جدوى، وأرسل له وفدا عالى المستوى يحاول إقناعه بالفكرة تحت مسمى تحقيق السلام فأصر البابا على رفضه مؤكدا ان زيارة القدس بتأشيرة إسرائيلية معناها مشاركة فعلية للاحتلال الاسرائيلى وتوقيع على اتفاقية لسفك مزيد من الدماء الفلسطينية وأنا لا أقبل أن يكون للأقباط دور في هذا التطبيع حتى لو على حساب احلامهم بالحج الى الاراضى المقدسة، ولن يذهب الاقباط الا مع إخوانهم المسلمين.
الكتابة فى مجلة مدارس الاحد
كان نظير جيد ينتمى للحركة الإصلاحية لمدارس الاحد وكتب مقاله بعنوان "هدية العيد" في العدد الأول لمجلة مدارس الاحد التى يترأس تحريرها ردا على حرق الاخوان المسلمين للكنائس في السويس.
العديد من الاديرة والكنائس
كان البابا شنودة أول بطريرك يقوم بإنشاء العديد من الأديرة القبطية خارج جمهورية مصر العربية، وأعاد تعمير عدد كبير من الاديرة التي قربت على الانهيار، ففي عهده أيضا زادت الايباريشيات كما تم انشاء عدد كبير من الكنائس داخل مصر وخارجها وانتقلت في عهده الكنائس المصرية من المحلية الى العالمية.
ومن أهم التعديلات التي اجراها تعديل لائحة 38 للأحوال الشخصية عام 2008 ومنع الطلاق إلا في حالة الزنا.
40 عاما على الكرسى البابوى
رحل يوم ۱۷ مارس ۲۰۱۲، وكانت صلاة الجناز على جسده يوم الثلاثاء ۲۰ مارس ۲۰۱۲ وسط حضور العديد من ممثلى الكنائس في العالم ورجال السياسة ومئات الآلاف من الشعب المسيحيين والمسلمين ودفن بمقبرة خاصة بدير القديس الأنبا بيشوي بناء على وصيته، بعدما جلس على الكرسي البطريركي لمدة ٤٠ سنة و٤ أشهر و٤ أيام وبهذا يعتبر سابع البابوات من حيث طول مدة الجلوس على الكرسى المرقسى، وعاش ۸۸ سنة و٧ أشهر وحصل على 8 جوائز عالمية، بالإضافة إلى 9 شهادات للدكتوراة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
