بعد أخذ الآراء، كيف نجا الملك فاروق من الإعدام قبل تنازله عن العرش وسر "عصا" جمال سالم التي استفزته
استتب الأمر لقيادة الثورة وكلف علي ماهر بالوزارة التي بدأ تشكيلها بعد استقالة وزارة نجيب الهلالي وأصبح كل شيء في يد ضباط الجيش وبقيت مشكلة واحدة ماذا يفعلون بـ الملك فاروق، ونشأت فكرة عزل الملك بعد أن ثبت ضعفه وخوفه، وتعارضت الآراء بين أعضاء مجلس قيادة الثورة فاقترح البعض محاكمته واقترح البعض الآخر التخلص منه، لكن أكدت الأغلبية ضرورة ترك الملك مصر معززًا مكرمًا حتى تخرج الثورة بيضاء دون دماء ولكن يخرج من مصر وكان رأي جمال سالم إعدام الملك فورًا.
استشار جمال عبد الناصر معلمه الأول اللواء عزيز المصري الذي طالب برأس الملك فاروق أولًا، يقول عبد اللطيف بغدادي: "تناقشنا جميعًا واستقر الرأي على أنه من الأفضل أن يترك الملك وشأنه وللتاريخ أن يحكم عليه وليس عليه إلا أن يغادر البلاد بعد توقيع وثيقة التنازل عن العرش، وعلق جمال عبد الناصر: "المهم السرعة حتى نتفرغ إلى ما هو أهم وهو بناء العهد الجديد".
علي ماهر حمل التنازل إلى الملك
في ذلك الوقت انتقل فاروق إلى قصر رأس التين ومعه زوجته ناريمان وبناته، وكان القصر محصنًا ببعض رجاله حتى يكون بالقرب من اليخت المحروسة للهرب في أي وقت.
وفي صباح 26 يوليو 1952 وصل علي ماهر إلى قصر رأس التين يحمل إنذارًا إلى الملك بالتنازل عن العرش كتبه البكباشي أنور السادات، ووقَّعه محمد نجيب وجاء نصه:
(نظرًا لما تعرَّضت له البلاد لسوء حكمك وانتهاكك للدستور، واحتقارك لإرادة الأمة الذي تزايد حتى أصبح المواطن غير آمن على حياته أو أملاكه أو كرامته، ونظرًا لأنك تحت حمايتك سمح للخونة والمخادعين أن يجمعوا ثروات باهظة باستغلال المال العام، بينما يموت الشعب من الجوع والحرمان، وقد تجلت آية الفساد في حرب فلسطين وما تبعها من فضائح، لذلك فإن الجيش الذي يمثل قوة الشعب الآن يطلب من جلالتك التخلى عن العرش لصالح ابنكم ولى العهد الأمير أحمد فؤاد، وأن تغادر البلاد في نفس اليوم قبل السادسة صباحًا).
فاروق يتنازل عن العرش
وافق الملك فاروق على التنازل وردَّ بأمر ملكي يحمل وثيقة التنازل وقام بالتوقيع عليها وكتب فيها: (نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان.. حيث إننا نسعى دائمًا إلى سعادة ومصلحة شعبنا دائمًا، ونتمنى بصدق أن نجنبهم المصاعب التي تواجهها في تلك المرحلة الدقيقة، فنحن نخضع لإرادة الشعب ونزولًا على إرادة هذا الشعب قررنا النزول عن العرش لولي عهدنا الأمير أحمد فؤاد، وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام علي ماهر باشا رئيس الوزراء للعمل بمقتضاه)، وقَّع فاروق الوثيقة والدموع في عينيه.
يقول الدكتور ثروت عكاشة في مذكراته: كنا نقصد فقط إقصاء معوقات تحقيق أهدافنا وإسناد الحكم إلى اكفأ رجال السياسة الموثوق بوطنيتهم ووقف الملك عند حده.
شهادة حسين الشافعي للتاريخ
ويحكي الصاغ حسين الشافعي كيف خرج الملك فاروق من القصر إلى يخت المحروسة فيقول: البداية ركبنا نحن الثلاثة الطائرة، وكان فيها اللواء محمد نجيب والصاغ جمال سالم، ثم نزلنا إلى مطار الإسكندرية، وهناك قابلنا القائد العام للإسكندرية، وكانت كتيبة مدرعات سبقت إلى قصر رأس التين، وتمت مناوشة من عبد المنعم عبد الرؤوف، وحينما وصلنا كان الملك فاروق قد خرج من القصر وركب قارب يقله إلى يخت المحروسة وأبلغنا أن الملك كان غاضبًا لعدم توديعه بطريقة لائقة، وكان في وداعه علي ماهر والمستر جيفرسون كافري السفير الأمريكي وقائد اليخت الملكي وعدد من ضباط الحراسة الشخصية للملك وبعض من أفراد الخدمة الخاصة لجناحه، انفجر الجميع بالبكاء واتجه إلى يخت المحروسة، وكان الملك محافظًا على أعصابه أثناء أداء مراسم التحية التي أديت له.
وأضاف: قال الرئيس محمد نجيب نريد أن نودع الملك فاروق، فجيء لنا بأحد اللانشات الحربية ووصلنا إلى اليخت ثم أخذنا جولة حوله حتى يرانا الملك وأدينا له التحية العسكرية لكنه لم يرد وكان وقتها ينظر من شرفته في اليخت مما دفعنا إلى الدوران مرة أخرى عله لم يرنا، وفي المرة الثانية حيانا التحية العسكرية ثم صعدنا إلى اليخت، وكان اللواء محمد نجيب أول من سلم على الملك ودار بينهما حديث لم يخرج عن إطار كلمات التوديع العادية وقال له "أنت تعلم يا فندم أنك السبب فيما فعلناه" فرد فاروق “أنت سبقتموني بما فعلتموه وكنت أريد فعله، على الله تخلوا بالكم من جيش أجدادي وبلادي”.
غضبة فاروق من جمال سالم
وأضاف الشافعى: انتهى دور اللواء محمد نجيب ليصعد الصاغ جمال سالم وكان يحمل في يديه عصاه المعتادة ثم اعتدل ووقف وقفته العسكرية أمام الملك فاروق، وهنا تذمر فاروق ليوجه كلامه إلى جمال سالم "نزل العصا دي" فغضب جمال سالم ورفض الأمر وأنهى وقفته العسكرية، وتدخل اللواء نجيب في وسط هذا النقاش ليقول لجمال "نزل عصايتك" بعدها غادرت المحروسة الميناء.
انتهاء حكم الأسرة العلوية
تنازل الملك فاروق عن العرش لابنه ولي العهد ليصبح آخر ملوك الأسرة العلوية، تنفيذًا لأوامر قادة الثورة وغادر مصر بصحبة ناريمان وبناته الثلاث وولي العهد إلى إيطاليا على متن يخت المحروسة، بعد أن شكلت لجنة وصاية على العرش مكونة من الأمير محمد عبد المنعم وبهي الدين باشا بركات والقائم مقام رشاد مهنا، وانتهت الوصاية بعد ذلك بإعلان الجمهورية وإلغاء الملكية.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.