رئيس التحرير
عصام كامل

مصيدة التيار الثالث


كما لا يمكن قيام تيار ثالث بين الحق والباطل، بين الوطنية والعمالة، الضحية.. والجلاد، الصدق والكذب، لا يوجد تيار ثالث بين الذين ينحازون للمطالب العادلة للشعب في الحرية والعدالة والتطلع نحو مستقبل أفضل، وهؤلاء الذين يسعون لإعادة عقارب الساعة للوراء.. وفرض تصوراتهم العقيمة على المواطنين باسم الدين.. والدين منها براء.


ما يسمى بالتيار الثالث ليس له وجود حقيقى.. حتى لو رفع شعار «لا لحكم المرشد - ولا لحكم العسكر» في محاولة لادعاء الموضوعية والاستقلال بينما هو في الحقيقة يقف في خندق الجماعة ويخدم أغراضها في إرباك الموقف الداخلى.. وتوجيه رسالة إلى العالم مفادها.. أن الشارع المصرى منقسم بين فريقين متعادلين.. بينما الحقيقة التي لم تعد خافية على أحد.. أن المصريين بجميع توجهاتهم لا يمكن أن تحكمهم أو ترهبهم.

يسعى المنتمون إلى ما يسمى التيار الثالث، لأن يصدروا للعالم صورة مغايرة عما حدث في مصر من انتفاضة شعبية أذهلت العالم، وأنها مجرد انقلاب قام به الجيش لإسقاط السلطة الشرعية المنتخبة.

لم تصمد محاولاتهم ولا تهم طويلا.. حتى حليفهم الرئيس اعترف بأن ما جرى ثورة شعبية حقيقية وأن القوات المسلحة استجابت لمطالب الجماهير المشروعة للتخلص من النظام الإخوانى الفاشل الذي انقض على مكتسبات ثورة يناير، رغم مشاركته المحدودة بها.. واستولى على الحكم مستبدًا كل الفصائل الأخرى التي راهنت على قدرات لا يمتلكها.. وخدعت في وعود لم ينفذها.. وكان الصدام مع هذه الجماعة حتميًا بعد انكشاف مساعيها لهدم الدولة المصرية.. وإقامة مؤسسة موازية من عناصر تنتمى إلى جماعتهم.

خرج الشعب المصرى عن بكره أبيه في مشهد أذهل العالم، يرفض مشروع الجماعة.. واستجاب الجيش للمطالب الوطنية المشروعة.. وطالب الرئيس الإخوانى بأن يرضخ لإرادة الشعب ولكنه رفض.. ما عجل بعزله.

بذلك يبدو موقف ما يسمى بالتيار الثالث مريبًا.. لأنه لا يمكن وضع من ينحاز إلى المطالب الوطنية، في مقارنة مع جماعة لديها امتدادات عالمية تعمل وفق مخططاتها.. ما يصب في خدمة الإخوان في نهاية المطاف.

يؤكد هذا الافتراض مشاركة بعض من ينتمون إلى الإسلام السياسي.. في صدارة التيار الثالث.. الذي تحول إلى بوق للدفاع عن حقوق معتصمى النهضة ورابعة في احتلال الميادين.. وتحويلها إلى سلاخانات لتعذيب خصومهم.. وتحريض المتظاهرين على استخدام العنف ضد سلطات الدولة.

خطورة هذا التيار رغم محدوديته ليست في تشويه صورة ما جرى في مصر أمام دول العالم، لأن مصر لن تحكم بتدخلات خارجية، إنما في إرباك المشهد الداخلى وبالتأثير على مواقف المواطنين الذين ينخدعون بالشعارات المعادية للجيش المصرى.. ويخشون من أن يستولى على حكم البلاد.. رغم التصريحات التي تصدر عن قيادة القوات المسلحة بأنها لا تسعى لتعاطى السياسي.. ولا ترغب في الحكم.. ولكن ما يسمى بالتيار الثالث يصدر للجماهير المخاوف من استيلاء الجيش على الحكم، بهدف إحداث الوقيعة بين القوات المسلحة الوطنية والشعب.. وهو ما تبين أنه محصن ضد كل من يسعى لإحداث تلك الوقيعة.
الجريدة الرسمية