ما يصلح اليوم لا يصلح للعام القادم، رؤية علي أمين لتطوير التليفزيون المصري
فور إعلان افتتاح التليفزيون المصرى وبداية إقبال الناس على أجهزة الاستقبال، رأى البعض أن التليفزيون سيقضى نهائيا على الصحافة الورقية وعلى الإذاعة كذلك، لكن كتب الصحفى على أمين مقالا في مجلة آخر ساعة عام 1960 مقالا يوضح فيه كيف يكون التليفزيون عامل نجاح بالنسبة للإذاعة والصحافة والسينما قال فيه:
بمناسبة افتتاح التليفزيون لأول مرة في مصر أرى أنه لابد من إرسال بعثات مصرية إلى أمريكا وإنجلترا لدراسة برامج التليفزيون هناك والتنوع الكبير الموجود بها وتقسيم الأذواق على البرامج المختلفة.
فرق كبير بين عمل الإذاعة والتليفزيون
ويهمنى إلا تخلط محطة الإذاعة بين مايصلح للإذاعة وما يصلح للتليفزيون فهناك فارق كبير بينهما ويجب إعداد مخرجين لمواجهة هذا الاختراع العظيم، كما اعتقد ان التليفزيون ككل مشروع جديد سيدفع الصحافة الى الامام، فمثلا الكوكاكولا عندما دخلت مصر قال بعض الاغبياء انها ستقضى على الكازوزة، لكن رأينا كيف أدت منافسة الكوكاكولا الى رفع مستوى صناعة المياه الغازية في مصر فتحسنت الزجاجات في الشكل والموضوع وأصبحت تحمل على لوريات كبيرة بدلا من عربات الكارو واختفى العربجى الغلبان وحل محله السائق النشيط.
أثر التليفزيون على الصحافة
وما صنعته الكوكاكولا والبيبسى سيصنعه التليفزيون مع الصحافة، فالتليفزيون سيقدم للشعب الوجوه التي تصنع الاخبار وعند ذلك سيبحث الشعب عن أخبار هذه الوجوه في الصحف، وبذلك يزداد توزيع الصحف وتزداد نسبة الاخبار لأن التليفزيون سيخلق في الشعب الاهتمام بعدد من الشخصيات التي كان لا يهتم بها لأنه لا يعرفها.
إن التليفزيون يجب ألا يثير اهتمام الناس بأن يقدم لهم مايريدونه لا ما تريده المحطة، وهو يستطيع أن يكون ورقة صحافية ناجحة في يد الإذاعة إذا عرف المشرفون عليه كيف يوجهونه الوجهة الإخبارية الصحيحة، ولو كنت مخرجا في التليفزيون مثلا وأردت أن أقدم نشرة أخبار، فإننى أقدم المذيعة أولا لتقرأ رءوس الموضوعات والعناوين السياسية المثيرة وبعد ذلك أتمم عن طريق الصورة وليس عن طريق صورة المذيعة تقرأ.
اثر التليفزيون على السينما
وانا اعتقد ان التليفزيون لن يسبب رخاء الصحافة فحسب بل سوف يسبب رخاء في السينما أيضا، فإن الاستديوهات ستستخدم بكثرة وستروج الالات والمواد الخام ويجد كثيريين من الفنيين مجالا للعمل، ولابد من القائمين على التليفزيون من تشجيع الدوبلاج الذى سيساعد التليفزيون المصرى على ان يحيط بأخبار العالم كله لا اخبار مصر فحسب كذلك سيتيح للمتفرجين الاطلاع على روائع السينما العالمية الى جانب السينما المحلية.
افكار اليوم تتجدد غدا
هذه افكارى اليوم عام 1960 وهى لا تصلح للعام القادم حين يعمل التليفزيون فعلا الى مصر، ان الأفكار تتجدد وتتطور ويسرنى ان احدد لك عزيزى القارئ ميعادا في مثل هذا اليوم من العام القادم لتسألنى عن رأيى حينئذ في التليفزيون فإن مايصلح اليوم لايصلح للعام القادم.