ماذا يحدث في ليبيا.. خطف وزير المالية السابق.. إغلاق حقول النفط وتوقيف 25 عضوًا من مجلس الدولة
كلما خطت ليبيا خطوة إلى الأمام، ارتدت خطوات إلى الخلف، كل هذا بفعل فاعل، أطراف خارجية مستفيدة من الأوضاع القائمة، تحرك منفذين داخليين متواطئين من أجل المصالح الشخصية الضيقة، والضحية؛ الدولة، ويدفع الثمن الباهظ الشعب المسكين.
أمس، كشفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن قيام جهات أمنية بعمليات خطف واعتقال تعسفي واختفاء قسري لشخصيات عامة في البلاد، ودعت إلى سرعة الإفراج عنهم والامتناع عن التصعيد بما فيه استخدام خطابات التحريض.
كما أعربت بعثة الأمم المتحدة في بيان صحفي عن "انزعاجها الشديد من استمرار عمليات الخطف والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري للمواطنين والشخصيات العامة من قبل مختلف الجهات الأمنية في ليبيا".
اعتقال وزير المالية السابق
وأمس الأول، أي في 12 يوليو، وردت تقارير عن اعتقال وزير المالية السابق فرج بومطاري بحكومة فائز السراج في مطار معيتيقة واقتياده إلى مكان مجهول.
وأشارت التقارير إلى أن خمسة من أعضاء المجلس الأعلى للدولة مُنعوا من السفر في المطار نفسه، وفقًا للبيان.
اقرأ كذلك: إجهاض خطة الدبيبة والإخوان، تفاصيل جديدة عن احتجاز أعضاء مجلس الدولة في ليبيا
وأكدت البعثة أن هذه الأعمال "تزيد من التوترات بين المجتمعات المحلية والقبائل"، داعيةً السلطات الليبية والتشكيلات الأمنية إلى "الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيًا، وضمان إجراء تحقيقات مستقلة في جميع عمليات الاحتجاز والاختطاف خارج نطاق القانون، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة".
وأوضحت تقارير إعلامية محلية أن وزير المالية السابق فرج بومطاري تم اعتقاله من طرف جهاز الأمن الداخلي فور وصوله إلى مطار معيتيقة بطرابلس، فيما لم تصدر أي جهة أمنية أو حكومية تعليقًا رسميًا بخصوص الواقعة.
وفي أعقاب انتشار نبأ اعتقال بومطاري، هددت قبيلة الزوية التي ينحدر منها الوزير السابق بإغلاق حقول نفطية في جنوب البلاد، إذا لم تسارع السلطات في طرابلس إلى إطلاق سراحه.
أسماء المتهمين في اختطاف وزير المالية السابق
وفي مفاجأة مدوية، كشف رئيس المجلس الاجتماعي لقبيلة "أزية" الليبية، السنوسي الحليق، عن "مؤامرة" دبرها محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق عمر الكبير، أدت إلى اعتقال وزير المالية السابق فرج بومطاري.
وأوضح الحليق، أن "ما حدث لبومطاري، مؤامرة يتحمل مسؤوليتها الصديق عمر الكبير، إلى جانب رئيس جهاز الأمن الداخلي لطفي الحراري، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لأن الجهاز الأمني المسؤول عن ذلك يتبعه".
وأكد في تصريحات تلفزيونية أن الوزير بومطاري جرى خطفه من مطار معيتيقة بطريقة استفزازية، مشيرا إلى أن النائب العام أكد عدم وجود أي قضايا ضد الوزير السابق.
وقال الحليق: إن توقيف بومطاري جاء على خلفية ترشحه لمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، متهما الصديق الكبير بأنه رأس الفساد الذي يتعين تقديمه إلى المحاكمة أمام القضاء، واصفا إياه بأنه زعيم الميليشيات والمال الفاسد.
وتوعد بأنه إذا لم يتم إطلاق سراح بومطاري فإن الخطوات التصعيدية من قبيلة أزوية ستشمل إغلاق النفط وقطع المياه، مشددا على أن القيادة العامة ومجلس النواب والدبيبة والمنفي على علم بتلك التطورات.
وأشار الحليق إلى أن وزير المالية السابق من قبيلة أزوية ويسانده مئة ألف من أبناء القبيلة لن يتركوه، مشيرا إلى أن الصديق الكبير "مطلوب عندنا إن حدث شيء لبومطاري".
اقرأ: أوراق الأزمة الليبية تختلط من جديد.. هل من أفق لإنهائها رغم الخلافات؟
وكان بومطاري قد احتجز هذا الأسبوع في العاصمة طرابلس، دون الكشف عن أسباب احتجازه إن كانت سياسية أو لتورطه في ملفات فساد، ولا عن مصيره.
وردا على عملية الخطف، أقدم أفراد ينتمون لقبائل في ليبيا على غلق حقلَي الشرارة والفيل النفطيين، حسب جهاز حرس المنشآت النفطية فرع الجنوب الشرقي، وذلك للضغط لإطلاق سراح وزير المالية الأسبق فرج بومطاري، الذي احتجزته جهة في مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس منذ الثلاثاء الماضي.
غلق صمامات ومحطات ضخ المياه
فيما قال رئيس المجلس الأعلى لقبائل أزوية، السنوسي الحليق، في تصريح صحفي، إنهم مُستمرّون حتى الإفراج عن بومطاري، مهددا بغلق صمامات ومحطات ضخ المياه الخاصة بالنهر الصناعي، والتي تغذّي المدن في المنطقة الغربية؛ مما سيحولها إلى مناطق قاحلة.
من جانبهم، قال أعيان وشيوخ قبائل أزوية، في بيان الأربعاء الماضي، إن بومطاري تعرض للابتزاز من قِبل أشخاص نافذين في طرابلس لأجل التراجع عن ترشّحه لمنصب محافظ المصرف المركزي، لكنه رفض ذلك فاستمروا في احتجازه.
وأكدوا أن تلك الواقعة تظهر أن الدبيبة لم يعد يسيطر على الوضع في العاصمة، متعجبين من عدم صدور تعليق من المجلس الرئاسي والنائب العام حول الواقعة إلى الآن، كما أعربوا عن رفضهم "استمرار ارتهان عائدات النفط، والقرار المالي والاقتصادي والسياسي في يد مليشيات" ومنتفعين.
وكان بومطاري قد تعرض للانتقاد عدة مرّات عندما كان في منصبه، حيث اتُّهم المصرف تحت إدارته بالتسبّب في أزمات مزمنة تتعلّق بالسيولة النقدية وتأخر صرف المرتبات للعاملين بالدولة، وأكد بومطاري أن القطاع المصرفي كله متضرّر نتيجة تلك السياسات، منتقدا كثرة السرقات ووقائع الفساد في النظام النقدي وسهولة تحويل الأموال والهروب بها خارج البلاد.
أيضا، دعا بومطاري إلى هيكلة المصرف المركزي وتحديث نظامه وآليته، والعمل على تشكيل مجلس إدارة جديد، لوضع "سياسات صحيحة وثابتة"، ملمّحا إلى أن المصرف وقف أمام محاولات إتمام إصلاحات اقتصادية، كما غابت الرقابة على النقد الأجنبي فيه، ما أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار الليبي.
وأعلنت لجنة العدل بالبرلمان الليبي أنها تتابع بقلق حادث "خطف وحجز حرية" فرج بوماطري، من قبل إحدى الجهات في مطار معيتيقة، مؤكدة أن ما حدث "جريمة ومخالفة للقانون وتعدٍّ على الحريات العامة وحقوق الإنسان".
كما حمَّلت اللجنة سلامة بومطاري للجهة التي خطفته، ودعت إلى إطلاق سراحه دون قيد أو شرط، وفي حال لم يتم ذلك "ستضطر اللجنة لاتخاذ الإجراءات اللازمة مع الجهات المحلية المسؤولة والدولية ذات العلاقة بحماية الحريات وحقوق الإنسان".
والمعروف أن حقل "الشرارة" النفطي يعتبر الأكبر في ليبيا، وتصل إنتاجيته إلى 240 ألف برميل يوميا، بما يعادل نحو 25% من إجمالي إنتاج الخام في البلاد، ولا يقل حقل الفيل، الذي يقع في حوض مرزق، أهمية عن "الشرارة" إذ تصل إنتاجيته إلى 80 ألف برميل يوميا.
إغلاق حقول نفط
يأتي ذلك فيما أعربت البعثة الأممية في ليبيا عن قلقها إزاء الأنباء الواردة عن إغلاق بعض حقول النفط، ردا على احتجاز الأجهزة الأمنية بالعاصمة طرابلس وزير المالية السابق بحكومة الوفاق فرج بومطاري.
من جانب آخر، كشفت تقارير إعلامية أن الـ 25 عضوًا التابعين لمجلس الدولة الليبي الذين منعهم عبد الحميد الدبيبة من السفر كانوا في طريقهم إلى تركيا، للمطالبة ببقاء خالد المشري في منصب رئيس المجلس، بالإضافة إلى منع خطة الدبيبة والإخوان للإطاحة به.
توقيف 25 عضوًا من مجلس الدولة
وكان جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الدبيبة قد أوقف 5 من أعضاء مجلس الدولة من بينهم أعضاء صوتوا لصالح خريطة طريق تقضي بتغيير حكومة الدبيبة، وإجراء الانتخابات، سحب جوازات سفرهم بناء على تعليمات من رئيس الجهاز لطفي الحراري.
وما أن اعترض الـ 20 عضوًا الآخرين على احتجاز زملائهم حتى قام جهاز الأمن الداخلي بسحب جوازات السفر الخاصة بهم، وتم دعوة أعضاء مجلس الدولة لاجتماع في فندق المهاري لإصدار بيان احتجاجي على ما حدث.
وقد استقبل جميع أعضاء مجلس الدولة الـ 34 الذين صوتوا لصالح خارطة الطريق على هواتفهم رسالة نصها: (كلمني.. لطفي الحراري).
وتواصل بعض الأعضاء مع رئيس جهاز الأمن الداخلي، فطلب منهم أن يمروا عليه في مقر الأمن الداخلي بالدريبي المعروف كمكان للاعتقال خارج القانون والتعذيب.
وبالطبع، رفض أغلب الأعضاء الذهاب إلى الحراري مؤكدين أن لديهم حصانة، وأن إجراءات الاستدعاء لابد أن تتم عبر رئاسة مجلس الدولة.
مجلس الدولة: احتجاز الأعضاء "جريمة نكراء"
وفي السياق، أصدر المجلس الأعلى للدولة فى ليبيا بيانًا أدان فيه احتجاز أعضائه، قائلًا: إن عملية حجز جوازات السفر الخاصة بأعضاء المجلس ومنعهم من السفر من مطار معيتيقة جريمة نكراء.
اقرأ أيضا: مجلس النواب يدين 'اختطاف' بومطاري في طرابلس ومنع أعضاء مجلس الدولة من السفر
وقرر رؤساء اللجان تفويض رئيس المجلس خالد المشري، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والسياسية للرد على هذا التجاوز المخالف للقانون.
ودعا رئيس مجلس الدولة الليبي، النائب العام إلى فتح تحقيق في واقعة منع أعضاء المجلس من السفر وحجز جوازات سفرهم، مؤكدًا أن قرار منع السفر بحق الأعضاء صدر من رئيس جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الدبيبة المنتهية ولايتها.
من جانبه، أدان مجلس النواب الليبي اختطاف وزير المالية الأسبق فرج بومطاري واقتياده إلى جهة غير معلومة بعد وصوله إلى مطار معيتيقة محملا مسؤولية سلامته لحكومة الوحدة.
وأعرب المجلس في بيان عن دهشته لمنع عدد من أعضاء مجلس الدولة من السفر عبر مطار معيتيقة وسحب جوازات سفرهم وحرمانهم من حقهم القانوني في السفر خارج ليبيا.
وشدد المجلس في بيانه على ضرورة قيام النائب العام باتخاذ الخطوات اللازمة تجاه هذه التجاوزات ومحاسبة كل من تورط في ذلك وتقديمهم للعدالة في أسرع وقت.
من جانبها، وحول الجديد على الساحة الليبية من أجل تهدئة الأوضاع السياسية، أوضحت الدكتورة ميرال صبري، وكيل كلية العلوم السياسية بجامعة المستقبل، أن البرلمان الليبي يعمل على إنجاز الدستور الجديد، لكي يتم التوافق على المواد الخاصة بالدستور، في مواجهة محاولات وضع العراقيل، ورصّ العقبات، وهناك "مساعي تعطيل جامدة جدا في المواد الدستورية".. مشيرة إلى أن الخطوة الثانية تتمثل في مهمة الأمم المتحدة.. حيث يركز المبعوث عبد الله باتيلي على الانتخابات.. و"لو بقيت انتخابات ديموقراطية صحيحة هيحصل فيه عملية استقرار داخلي في البلاد".
وتضيف د. ميرال صبري أن الخطير في الأزمة الليبية هو التدخل الخارجي، والمأساة أن كل طرف يسعى لتحقيق منافعه الخاصة، فمثلا إيطاليا أكبر مكاسبها هي الاستثمارات الكبيرة الخاصة بأكبر شركات البترول، كشركة إيني، والتي تتطلع إلى الاستحواز على البترول ثم الغاز، ومن أجل تحقيق هذا الهدف "غير المشروع"، يجب أن يتم توقيع اتفاقيات.
وتؤكد أن تلك الدول لا يهمها مصلحة الدولة ولا الشعب الليبي، في قليل أو كثير.
وتشدد د. ميرال صبري على أن الانتخابات الحرة والنزيهة ثم عملية التحول الديمقراطي، هي أقصر الطرق نحو الاستقرار؛ ومن ثم يجب أن تبتعد الأطراف الخارجية، وتترك الليبيين يقررون مصيرهم، ويديرون شئونهم بأنفسهم، فأهل مكة أدرى بشعابها.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.