رئيس التحرير
عصام كامل

عباس حلمي الأول، اعتنق الأفكار السلفية وأعلن العداء لمشروع الحداثة في مصر

عباس حلمي الأول،
عباس حلمي الأول، فيتو

في مثل هذا اليوم من عام 1854 اغتيل والي مصر عباس حلمي الأول في قصره بمدينة بنها، وتعددت الروايات حول أسباب مقتله ، لكن ما كان لافتا انحيازه للأفكار الرجعية والسلفية، وإعاقته في المقابل لحركة التقدم والنهضة التي بدأت منذ عهد جده محمد علي باشا.

 

حياة ونشاة عباس حلمي الأول

 

ولد بمدينة جدة عام 1813، لأحمد طوسون باشا، بن محمد علي باشا، ثم انتقل لاحقًا إلى القاهرة، وبذل جده محمد علي شيئا من العناية في تعويده ولاية الحكم إذ كان أكبر أفراد الأسرة العلوية سنًا وبالتالي أحقهم بولاية الحكم بعد عمه إبراهيم باشا.

 

عهد إليه بالمناصب الإدارية والحربية، فتقلد منصب مدير الغربية، ثم منصب الكتخدائية التي كانت بمنزلة رئاسة الناظر. ولم يكن في إدارته مثلًا للحاكم البار، بل كان له من التصرفات ما ينم عن القسوة، وكان يبلغ جده نبأ بعض هذه التصرفات فينهاه عنها ويحذره من عواقبها ولكن طبيعته كانت تتغلب على نصائح جده وأوامره.

 

ومن الجهة الحربية اشترك مع عمه إبراهيم باشا في الحرب بالشام، وقاد فيها إحدى الفيالق، ولكنه لم يتميز فيها بعمل يدل على البطولة أو الكفاءة الممتازة. وبالتالي لم تكن له ميزة تلفت النظر، سوى أنه حفيد رجل أسس ملكًا كبيرًا فصار إليه هذا الملك.

 

وكان عمه إبراهيم باشا لا يرضيه منه سلوكه وميله إلى القسوة، وكثيرًا ما نقم عليه نزعته إلى إرهاق الأهالي، حتى اضطره إلى الهجرة لمكان ولادته في جدة، وبقي هناك إلى أن داهم الموت عمه إبراهيم باشا، وهنا استدعي إلى مصر ليخلفه على سدة الحكم تنفيذًا لنظام التوارث القديم الذي يجعل ولاية الحكم للأرشد فالأرشد من نسل محمد علي، وتولى الحكم فعليا  في 24 نوفمبر سنة 1848.

 

مظاهر حكم عباس حلمي الأول

 

تولى الحكم لمدة خمس سنوات ونصفًا، وكان يبدو خلالها غريب الأطوار في حياته، يميل إلى القسوة، سيئ الظن بالناس، ولهذا كان كثيرًا ما يأوي إلى العزلة، ويحتجب بين جدران قصوره. وكان يتخير لبنائها الجهات الموغلة في الصحراء أو البعيدة عن الأنس.

 

بنى قصرًا بصحراء الريدانية التي تحولت إلى العباسية أحد أشهر أحياء القاهرة والتي سُمّيت من ذلك الحين باسمه، وكانت في ذلك الوقت في جوف الصحراء، وقد شاهد الميسو فرديناند دي لسبس هذا القصر سنة 1855 فراعته ضخامته وذكر أن نوافذه بلغت 2000 نافذة، وهذا وحده يعطي فكرة عن عظمة القصر واتساعه، فكأنه بنى لنفسه مدينة في الصحراء، كما بنى قصرًا آخر نائيًا في الدار البيضاء الواقعة بالجبل على طريق السويس ولا تزال آثاره باقية إلى اليوم. وقصر بالعطف، كما بنى قصرًا في بنها على ضفاف النيل بعيدا عن المدينة، وهو القصر الذي قُتل فيه.

 

وقد أساء عباس حلمي الأول الظن بأفراد أسرته وبكثير من رجالات محمد علي باشا وإبراهيم باشا وخيّل له الوهم أنهم يتآمرون عليه فأساء معاملتهم وخشي الكثير منهم على حياتهم، فرحل بعضهم إلى الأستانة والبعض إلى أوروبا خوفًا من بطشه واشتد العداء بين الفريقين طول مدة حكمه.

 

وبلغ به حقده على من يستهدفون غضبه أن حاول قتل عمته "الأميرة نازلي هانم"، واشتدت العداوة بينهما حتى هاجرت إلى الأستانة خوفًا من بطشه، وقد سعى إلى أن يغير نظام وراثة العرش ليجعل ابنه إبراهيم إلهامي باشا خليفته في الحكم بدلًا من عمه محمد سعيد باشا ولكنه لم يفلح في مسعاه ونقم على عمه سعيد الذي كان بحكم سنه وليًا للعهد واتهمه بالتآمر عليه، واشتدت بينهم العداوة حتى اضطره أن يلزم الإسكندرية وأقام هناك بسراي القباري.

 

في هذه الأجواء، انتشرت الجاسوسية في عهده انتشارًا مخيفًا، فصار الرجل لا يأمن على نفسه من صاحبه وصديقه، وكان من يغضب عليه ينفيه إلى السودان ويصادر أملاكه، وأصبح  نفي المغضوب عليهم إلى أقصى السودان من الأمور المألوفة في ذلك العصر.

 

تراجعت حركة النهضة والتقدم والنشاط التي امتاز بها هذا العصر بشدة في عهده، إذ كان محمد علي يستعين بذوي العلم والخبرة من الفرنسيين في معظم مشاريع الإصلاح بعكس عباس حلمي الأول الذي قام إقصاء معظم هؤلاء الخبراء واستغنى عنهم.

 

وعلى العكس من تزايد النفوذ الفرنسي في مصر خلال عهد جهد وعمه إبراهيم باشا، فقد بدأ النفوذ الإنجليزي في عهده يتزايد على يد القنصل البريطاني في مصر "مستر مري"، حيث كان له تأثير كبير عليه وله عنده كلمة مسموعة، وهناك رواية تؤكد  أنه كان يستعين به وبالحكومة الإنجليزية ليمنع تدخل الدولة العثمانية في شؤون مصر. 

 

علاقاته بالمنهج السلفي في الجزيرة العربية

 

كان عباس حلمي الثاني مؤيدًا بقوة للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقام بتهريب أحد أبنائه أثناء وجوده في السجون المصرية بعد أسره في المعركة التي خاضها إبراهيم باشا ضد الدولة السعودية الأولى، كما قام بإحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مصر ما اعتبره الكثيرون إنقلاب على الحداثة المصرية التي كانت يعتنقها أسرة محمد على وتسعى لترسيخها في البلاد.  

 

مع كل هذه الأحداث والتوترات، تصاعدت الصراعات بين أبناء الأسرة الحاكمة ومراكز القوى السياسية والاجتماعية، إلى أن أغتيل عباس حلمي الأول في قصره بمدينة بنها، ليخلفه عمه محمد سعيد باشا في الحكم وتنتهي واحدة من أصعب الحقب في تاريخ مصر.  

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية