قصة الدولار في 238 عاما، هكذا هيمنت العملة الخضراء على اقتصاد العالم، وخبير يطلق توقعا صادما بشأن العملة البديلة
على مدار أكثر من 200 عام، استطاع الدولار الأمريكي أن يصبح العملة المسيطرة على جميع دول العالم، ليتمكن من الوصول إلى قمة المعاملات التجارية الدولية، بالإضافة إلى أسواق الصرف، ولم يكتف بهذا الأمر فقط، ولكنه أصبح أيضا ورقة ضغط سياسية على العديد من الدول على مدار العقود الأخيرة.
من المعروف أن الدولار هو اللفظ السائد بين كافة المواطنين في مختلف دول العالم، ولكنهم بالرغم من ذلك قد لا يعلمون تاريخ هذه العملة وكيف بدأت، والمراحل المختلفة التي ساعدتها في الهيمنة على اقتصادات العالم، منذ بداية مسيرتها الأولى بعد اعتمادها كعملة للولايات المتحدة منذ أكثر من قرنين.
تاريخ الدولار كعملة رسمية لأمريكا
قررت أمريكا في يوم 6 يوليو 1785 ميلادية، اعتماد الدولار كعملة رسمية لها، لتساعدها على التعامل بها في مختلف المعاملات المحلية بين المواطنين، والتجارة الخارجية سواء عبر الاستيراد والتصدير، مما ساعدها على لعب دور مهم في التجارة بعد انتشارها مع مرور الوقت والتي استمرت على مدار 238 عاما، منذ اعتمادها لأول مرة وحتى وقتنا الحالي.
وتأتي كلمة "دولار"، عبارة عن صيغة إنجليزية قديمة لكلمة ثالر "thaler"، وهي كلمة ألمانية تعني "شخص أو شيء من الوادي"، وتم إطلاق هذا الإسم على العديد من العملات المعدنية "المسكوكة"، من مناجم الفضة في عام 1519 التي كانت تتواجد في يواخيمستال في بوهيميا، واشتهر استخدام هذه العملة في التجارة بين كافة الدول الأوروبية، مما ساعد في تسمية وحدة العملة الأمريكية باسمها.
عملة "الثالر" والانتشار في العالم
وتواجدت عملة "ثالر"، في ألمانيا منذ القرن السادس عشر، إلا أنها كان يتم نطقها بأكثر من اسم، والتي يأتي من أبرزها " دالر، ودالار، ودالدير، وتاليرو"، وتم استخدام هذه العملة في التداول داخل ألمانيا حتى عام 1873، ليتم استبدالها بالمارك كعملة رسمية للدولة.
وبفضل التجارة، انتشرت عملة " الثالر"، في كافة دول العالم، ومع الوقت قررت هولندا تحوير نطقها إلى لفظ "دالار"، لتنتشر بشكل كبير في العديد من الدول، وبالتحديد أمريكا التي تأثرت بهذا النطق المستمر مع مواطنيها حتى وقتنا الحالي.
واستمرت هذه العملة بنطقها المعروف، لعدة سنوات، حتى تم نطق عدد من العملات المعدنية الأوروبية، والتي ياتي من أبرزها "الإسبانية والبرتغالية"، والتي يأتي على رأسها الدولار الإسباني، الذي كان ينتشر بشكل كبير في المستعمرات البريطانية بأمريكا الشمالية نتيجة عجز العملات المعدنية الرسمية فيها.
الثورة الأمريكية واستخدام العملات الأجنبية
لجأ المستعمرون إلى استخدام العملات الأجنبية التي تم العثور عليها، لتساعدهم في تمويل الإنفاق على المستعمرات، مما جعلتهم يقوموا بطباعة النقود الورقية، وتسبب في انتشار النزاعات بينهم وبين البريطانيين، وأصبح شرار إنطلاق الثورة الأمريكية، بحسب موقع "بي بي سي".
وبعد حصول أمريكا على استقلالها في عام 1792، أعلنت اعتماد " الدولار"، كعملة رسمية لها، وهذا في الوقت الذي كانت تعاني فيه من نقص في الذهب والفضة، مما جعلها بعد 5 سنوات، وبالتحديد في عام 1797 تمديد التعامل بالدولار الإسباني لفترة غير محددة.
واستمر الإعتماد على الدولار الإسباني لأكثر من 50 عاما، حتى ظهور العديد من الاكتشافات الخاصة بالذهب في كاليفورنيا، لتقوم أمريكا في عام 1848 بإعلان إلغاء التعامل بالدولار الإسباني، وبعد مرور 9 سنوات شهدت أمريكا زيادة كبيرة في احتياطيات الذهب والفضة.
بداية صدور الدولار الورقي في الولايات المتحدة
وفي عام 1861، قررت الولايات المتحدة، إصدار الدولار الورقي، والذي ظهر فيه العديد من الشخصيات السياسية والرؤساء البارزين لأمريكا.
ومع مرور الأعوام، ظهرت أمريكا في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية كقوة اقتصادية مهيمنة على الاقتصاد العاملي، حتى استطاعت أن تدعم الناتج المحلي لها لميثل 50 % من الناتج الاقتصادي العالمي.
اتفاقية بريتون وودز والهيمنة العالمية
جاءت اتفاقية بريتون وودز، لتستكمل مسيرة الولايات المتحدة في السيطرة على الاقتصاد العالمي، بعد الدعم الكبير الذي وفرته أمريكا للدولار، حيث قرر مندوبو 44 دولة لتوقيع اتفاقية بريتون وودز في عام 1944، والتي تم خلالها اعتماد الدولار الأمريكي كعملة احتياطية رسمية لهذه الدول.
وقررت هذه الدول ربط أسعار صرف عملاتها بالدولار الأمريكي، وهذا لأنه كان قابلا للتحويل إلى الذهب، ليتم شراء الذهب من خلاله، مما ساعد وقتها على استقرار الدولار المدعوم بالذهب، مما ساعد الدول الأخرى في تثبيت عملاتها.
الدولار الأمريكي يغزو العالم
تمكنت العديد من دول العالم، الحصول على استفادة كبير من الدولار الأمريكي، لأنها كان يتمتع بقوة واستقرار كبير، مما ساعد الولايات المتحدة على الازدهار من سعر الصرف الذي كان يتناسب مع عملتها، وهذا في الوقت الذي لم تدرك فيه الدول الأجنبية أنه بالرغم من دعم احتياطيات الذهب لاحتياطاتها من العملات، إلا أن الولايات المتحدة يمكن أن تستمر في طباعة الدولارات التي كانت مدعومة بديونها المحتفظ بها على أنها سندات خزانة أمريكية.
وبالفعل حرصت أمريكا على طباعة كميات كبيرة من الأموال، للعمل على تمويل إنفاقها، مما تسبب في تضاءل دعم الذهب وراء الدولار، مما نتج عنه تجاوز زيادة العرض النقدي للدولار دعم احتياطيات الذهب، وتسبب في خفض قيمة احتياطيات العملات التي تتواجد في الدول الأجنبية.
ولجأت العديد من الدول، إلى تحويل احتياطيات الدولار إلى ذهب، بعد استمرار أمريكا في إغراق الأسواق بالعملة الخضراء، لتساعد في تمويل حربها في فيتنام، مما جعل هناك تهافتا كبيرا على الذهب في كافة الدول، حتى اضطر الرئيس الأمريكي نيكسون، للتدخل وقرر فصل الدولار عن معيار الذهب، مما جعل هناك مجال لأسعار الصرف العائمة التي يتم استخدامها حتى وقتنا الحالي، ومع مرور الوقت، استطاعت قيمة الذهب أن تتضاعف 3 مرات، مما نتج عنه تراجع الدولار لعدة عقود.
الدول تسعى لإنهاء هيمنة الدولار
وبالرغم من ذلك استمرت هيمنة الدولار الأمريكي على جميع اقتصادات العالم، مما جعل هناك حالة من الاستياء بين جميع الدول، بسبب التأثيرات الاقتصادية المتتالية نتيجة الاعتماد على العملة الأمريكية، مما جعل هناك العديد من الخطط التي تسعى من خلالها لإنهاء هيمنة العملة الخضراء، سواء من خلال الاعتماد على العملات المحلية في التعاملات التجارية، أو الدخول في اتفاقيات مع الدول والتجمعات المختلفة، والتي يأتي من أبرزها تجمع دول "بريكس".
وقال الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، إن سيطرة الدولار الأمريكى على اقتصادات العالم، طوال 238 سنة، وما تسبب في انهيار اقتصاد العديد من الدول، يعود إلى عدم تحقيق هذه الدول إنتاجا يكفى حاجتها ولا يدفعها للاستيراد، مشيرا إلى أنه مع حدوث أزمة كورونا، ومن بعدها الحرب الأوكرانية الروسية، اتجه العديد من الدول للتعامل بالذهب والبعض الآخر للتعامل بالعملة المحلية، مثل روسيا والصين عن طريق الروبل واليوان.
إصدار عملة جديدة لن تنهي هيمنة الدولار على اقتصاد العالم
وأكد الإدريسي، فى تصريحات خاصة لـ"فيتو"، أن بعض الدول اقترحت عمل عملة جديدة تحل محل الدولار، ولكن هذا الأمر يحتاج الى بعض الوقت، مضيفا أن الحقيقة المؤكدة أن هذه الخطوات لن تنهى هيمنة الدولار على اقتصاد العالم، وهنا يجب أن نعلم أن هيمنة الدولار لها شق سياسي قبل أن يكون اقتصادى.
وأشار إلى أن انضمام مصر لمجموعة "بريكس" سيؤدى علي زيادة الاستثمارات الواردة إلى مصر، خاصة أن موقع مصر كبوابة لأفريقيا يجعل منها شريكا وحليفا قويا لدول التحالف، كما أن الاعتماد فى التبادل التجارى على عملات أخرى مثل اليوان الصينى والروبل الروسي، سيخفف الضغط على الدولار الذى تعانى الدولة صعوبات كبيرة فى توفيره حاليا خاصة مع ارتفاعه بشكل غير مسبوق.
تابع: إن انضمام مصر إلى تجمع بريكس أمر بالغ الأهمية خاصة أن هذا التجمع يستحوذ على حصة كبيرة من الاقتصاد العالمى منها ثلث تجارة الحبوب، ومعدل النمو الاقتصادي، وحركة التجارة الدولية، بالإضافة إلى أن التجمع يضم العديد من الدول فى شرق آسيا وأفريقيا، وبالتالي الانضمام خطوة هامة من خلال التداخل مع هذه الدول عن طريق التبادل التجارى أو التوافقى السياحى والوصول بـ30 مليون سائح يزورون مصر، وهذا كله سيدعم الاقتصاد المصري من العملات الأجنبية.
تجمع بريكس لن يحل أزمة الدولار
وأوضح، أن تجمع بريكس لن يحل أزمة الدولار لدينا، وإنما من الممكن الإسهام فى تخفيف حدتها خاصة أن مصر لكى تكون جزء من العالم لابد أن تنضم لعدة تجمعات لدعم الاقتصاد المصري، وبالتالي انضمام مصر وحضور جلسات السبعة الكبار كمستمع يجعلها تستفيد كثيرا من تجارب وخبرات هذه الدول اقتصاديا.
واستكمل: إن رأس مال هذا التجمع هو 100 مليار دولار من الدول الأعضاء، وسيكون هناك إضافات أخرى، وبالتالى سيكون له أذرع تمويلية على مستوى العالم والاقتصاد الدولي ومن هذه الزاوية يمكن لمصر ان تحقق طفرة فى التبادل التجارى مع باقى الدول الأعضاء.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.