النصب تحت ستار الخير، صفحات مشبوهة تروج لإقامة العقيقة وتوزيع لحوم الأضاحي في أفريقيا، وخبراء: هدفها الاستيلاء على أموال المصريين، وعالم أزهري: مصر أولى بالصدقات
جمع الصدقات وشراء الأضاحي وذبحها في أفريقيا عبر الإنترنت وإقامة النذور والعقائق في أفريقيا، حملات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قبل عيد الأضحى واستمرت فترة العيد، حيث دعت المصريين وغيرهم، إلى التضحية أو التصدق بذبح الماشية وتوزيع لحمها في دولة أفريقية فقيرة، كما يروج أصحاب هذه الصفحات.
الترويج بإطعام فقراء دول أفريقية واغتنام فرصة رخص الماشية هناك
وتحت أسماء مختلفة على صفحات التواصل الاجتماعي تجد حملات ممولة عن مؤسسات خيرية مجهولة وغير مشهرة بوزارة التضامن الاجتماعي، تقوم بالترويج إلى المشاركة والمساهمة في إطعام فقراء بعض الدول الأفريقية، واغتنام فرصة رخص أسعار الأغنام والماشية في هذه الدولة، وعمل عقيقة الأبناء والنذور وحتى التضحية بالأضاحي في هذه البلاد.
لافتات تحمل اسم صاحب الأضحية باللغة العربية في دول لا تتحدث بها
وتقوم هذه الصفحات بعرض أسعار الماشية والأغنام وإرفاق رقم هاتف محمول لتحويل الأموال، ثم تقوم في الوقت المتفق عليه للذبح وتوزيع الطعام بإرسال فيديو توثيق لعملية الذبح والتوزيع، حتى أنهم يقومون بتصوير الناس وهم يصطفون للحصول على الوجبة أو اللحوم، وأشخاص يحملون لافتة باسم المضحي أو صاحب العقيقة باللغة العربية، في دول لا تتحدث العربية.
أسعار الأغنام والماشية في دول أفريقيا أرخص من مصر
أسعار الأغنام والماشية المعروضة على هذه الصفحات أرخص بكثير من مثيلتها في مصر، بتحديد سعر الخروف بالإطعام 1500 جنيه، البقرة ذبح وتوزيع بسعر 8000 جنيه، البقرة بالإطعام بسعر 8500 جنيه، أو اختيار شاه حامل سعر 1800 جنيه، أو بقرة حامل بسعر 9000 جنيه صدقة جارية توزع لأسرة فقيرة للإستفادة من لبنها في صناعة السمن والجبن.
طريقة حجز الأضحية عبر صفحات التواصل الاجتماعي
وأتاحت هذه الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي الحجز للأضحية في عيد الأضحى 2023، ولكن ما يثير الدهشة هو غلق باب الحجز مع زيادة الطلبات بحجة إنتهاء الماشية أو الأغنام في مزرعة المؤسسة، حتى أن هناك مؤسسة منهم أعلنت جمع الأموال لنحو 3900 مواطن في يومين.
أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات في هذا الأمر
كل ذلك يطرح العديد من الأسئلة، منها هل الدول الأفريقية المشهورة بالمراعي الطبيعية وتصديرها للحوم تحتاج إلى توزيع لحوم، وهل شرعًا يجوز التضحية أو إقامة عقيقة في بلد أخر، أو بمعنى أخر هل المراد من التضحية والعقيقة شرعًا النحر أم إطعام الأقربين، وهل إرسال الأموال بهدف التضحية في دولة أخرى أثر على موسم عيد الأضحى في مصر، الذي انخفضت فيه الأضاحي هذا العام، والأهم هل يوجد شبه نصب أو تربح من جمع الأموال تحت ستار إقامة الشعائر في دول فقيرة؟
هذه الأسئلة وأكثر إجاباتها في السطور التالية:
انتشار فكرة شراء وذبح الأضاحي عبر الإنترنت في أفريقيا
في البداية أكد شلبي جابر، عضو شعبة القصابين بالغرفة التجارية بالقاهرة، إنتشار فكرة الأضاحي بأفريقيا، قائلًا: هناك مواطنون قاموا بالتضحية عبر الإنترنت بإرسال الأموال إلى بعض الدول الأفريقية؛ حيث يتراوح سعر الخروف في هذا الدول من 2000 إلى 2500 جنيه، ومن خلال مكالمات الفيديو يشاهد المواطن عملية ذبح الخروف وتوزيعه على فقراء أفريقيا، وتم فتح باب الحجز لهذه الأضحية قبل أيام من عيد الأضحى، وهناك مواطنون حاولوا حجز هذه الأضحيات إلا أنهم فوجئوا بغلق باب الحجز ثاني يوم العيد.
المواطنون يبحثون عن إقامة الشعائر وإحياء السنة النبوية
وأشار عضو شعبة القصابين إلى أن هذا الأمر يطرح العديد من التساؤلات حول هل يجوز حقًا التضحية خارج البلاد دون حضور صاحب الأضحية، لكن عندما تسأل المواطنين الذين أقدموا على إرسال الأموال لشراء الأضحية وذبحها في دول أفريقيا عن ذلك يكون ردهم “المهم أننا أقمنا الشعائر وأحيينا السنة النبوية ( وأهو كلهم فقرا ومحتاجين) ونحن نبتغي وجه الله لا رياء في ذلك”.
أسعار الماشية في أفريقيا يُحفّز للمصريين للمغامرة بأموالهم
وأضاف أن رخص الأسعار كان الحافز للمواطنين المصريين على المغامرة فيه إذ أن الشعب المصري يحب عمل الخير، وهناك مواطنين اعتادوا على شراء الأضحية، ومع ارتفاع أسعار الأضاحي في مصر خلال عام 2023 فإن هذه المؤسسات كانت فرصة لهؤلاء المواطنين للترويح عن قلوبهم بشراء أضحية (على قدر الميزانية أو على قد الأيد) وأن تستمر عادة ذبح الأضاحي، ولا يهم توجه لأي شعب فكلنا أخوة.
الأفارقة لا يحتاجون إلى حملات لتوزيع اللحوم لأنها متوفرة ورخيصة
أما رامي زهدي، خبير الشئون الأفريقية، فيقول إن التضحية بذبح الأغنام والأبقار إحدى العادات الاجتماعية المنتشرة في دول أفريقيا وخاصة الأفارقة في غرب أفريقيا، وبالنسبة لإطعام الفقراء لديهم هم لا يحتاجون إلى لحوم فهي متوفرة بكثرة لكنهم في حاجة إلى القمح والأرز والسمن والسكر، وهناك مراكز كثيرة جدًا لإطعام الفقراء هناك.
أغلب عمليات إرسال الأموال إلى أفريقيا للتضحية عبر الإنترنت “نصب”
وأشار إلى أنه فكرة إرسال أموال من مصر للتضحية في أفريقيا، ليست مقنعة وأن أغلبها تتم في إطار عمليات النصب، خاصة وأن الدول الأفريقية بها مؤسسات إغاثة وجمعيات لها سمعة كبيرة جدَا يمكن التواصل معهم ومعرفة احتياجات هذه الشعوب، وليس بالأضحية فهي أمر ديني ومقصود به سنة في عيد الأضحى، ولا يعني أن الحيوانات رخيصة في هذه الدول بأن نقوم بالتضحية هناك.
أسعار الماشية في أفريقيا تثير شبهة المتاجرة وليس فعل الخير
وأوضح خبير الشئون الأفريقية، أن المبالغ التي يعتقد المصريون أنها رخيصة جدًا مقارنة بأسعار الأغنام والماشية في مصر، إلا أن هذه الأسعار تعد غالية جدًا على أسعار الماشية في الدول الأفريقية، قائلًا: (مبلغ الـ 9000 جنيه سعر البقرة مبلغ غالي جدًا، حيث أغلى بقرة في أفريقيا يتراوح سعرها من 4000 إلى 5000 جنيه، أغلى خروف بسعر 700 جنيه، وعليه فإن هناك فارق كبير في الأسعار، فالأسعار الضعف عن سعرها الحقيقي، وهذا يؤدي إلى شبهة التربح والمتاجرة وليس فعل الخير.
الماشية رخيصة في أفريقيا لكثرة المراعي مقارنة بالدواجن
وأشار إلى أن دول أفريقيا لا تحتاج إلى اللحوم، فهي متوفرة بكثرة في المراعي دون تدخل البشر أو الحاجة إلأى علفها، وعليه فإن الماشية رخيصة في دول أفريقيا مقارنة بأسعار الدواجن، ففي دول الصومال يوجد نحو 40 مليون رأس ماشية تتغذى في المراعي، وتتغذى على النبات والطعام الصالح لغذاء البشر، وهذه أحد أسباب المجاعة هناك، فالماشية تأكل كل شيء.
أغلى كيلو لحوم في أوغندا بسعر 2 دولار
وتابع: أن مما يثير الشك والقلق في هذه المؤسسات والصفحات، أنها اختارت دولة مثل أوغندا على أنها دولة فقيرة وأهلها يحتاجون إلى تناول اللحوم، وهذا غير صحيح، فكيلو اللحم في أوغندا في السلاسل الغذائية الكبرى يباع مغلف بسعر 2 دولار وهو من أفضل أنواع اللحوم، فهل للمواطنين المصريين الذين انساقوا وراء هذه الحملات أن يفكروا كيف تحتاج دولة إلى إطعام فقرائها باللحوم، وأغلى لحم يباع فيها رخيص الثمن؟
توزيع الصدقات والأضاحي لهذه الصفحات يشوبه الشكوك
وأشار إلى أن المساعدات في الدول الأفريقية يجب أن تتم بنظام مؤسسي من دولة إلى دولة ومن خلال مؤسسة مجتمع مدني هنا بأخرى هناك، ولكن المساعدات وتوزيع الصدقات والأضاحي والعقائق بالشكل الفردي غير مناسب لهذه الدول يشوبه الكثير من الشكوك ويخالف القاعدة الفقهية (الأقربون أولى بالمعروف).
وأضاف في مصر يوجد الكثيرين من الناس المحتاجين حتى لو كان هناك فرق في أسعار الأضاحي، فإن هنا مواطنين لديهم احتياجات مختلفة وهم أولى بالصدقات، ولماذا يتم إرسال الصدقات للخارج وفي الوطن يوجد مؤسسات مجتمع مدني وخيري كثيرة أعمالها مراقبة وخاضعة للقانون ومنها ما يتبع الأزهر الشريف.
تحذيرات للمواطنين من دعوات إقامة عقيقة أو أضحية في أفريقيا
وقال رامي زهدي: ( أنا غير مرتاح إلى الحملات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن إقامة عقيقة أو أضحية كإطعام ومساعدات لأفريقيا، وهو دور تقوم به دولة تجاه دولة وهذا يتم بالفعل تحت رقابة أكبر من الرقابة على الأفراد، وبالنسبة للمواطنين أقول لهم ( صدقاتكم وأضاحيكم الأولى بها الأهل والأقارب، وأفريقيا لا تحتاج إلى اللحوم بل هي في حاجة إلى الحبوب وتقوم مؤسسات دولية بتوفير ذلك لها، وأي مؤسسة يتم التعامل معها من خلال أفراد يجب أن يكون هناك قدر كبير من الشك، وعليه أنصح المواطنين بالحذر الشديد.
د.أحمد كريمة: مصر أولى بالصدقات لأن خيركم خيركم لأهله
وعن الرأي الشرعي في ذلك، يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، إن الله عز وجل قال ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) سورة الحج، وبما يتصل بالأضاحي والعقيقة والصدقات فإن المنهج النبوي فيها (خيركم خيركم لأهله) ثم أن البلاد وأعني بها مصر لابد أن تتبارك بهذه القربات.
شهود الأضحية من أصحابها من القربات الشرعية
وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للسيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها ( يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك، فإنه يغفر لك عند أول قطرة دم منها) فشهود الأضحية من أصحابها من القربات الشرعية.
وأشار إلى أن هناك قاعدة (دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح) إذ أن تخلية البلاد (مصر) من إقامة شعائر الأضحية يؤدي إلى تفريغها لا قدر الله حاضرًا ومستقبلًا من فعل هذه الشعيرة المهمة، والذين يتعللون بأن بلاد أفريقية هي في حاجة أقول لهم إذ كان من تبرع لذوي حاجات خارج مصر فلتكن أرض فلسطين المحتلة فهم أحوج، وفي كل الأمور هل نحن كفينا أهلنا في الصعيد والدلتا وسيناء والواحات وغير ذلك، لأن القاعدة في الإنفاق أنه لا تنقل الزكاوات من الوطن إلا إذ استكفى أهله.
إقامة العقيقة وذبح الأضحية خارج البلاد بدعة منكرة
وأوضح أن دعوة عمل أضاحي وعقائق خارج البلاد بدعة منكرة وتدل على جهل بالشريعة من جهة وتدل على مادية في نفس من يريد أن يدفع أموالًا قليلة، ولا ينتبه إلى المقاصد الحقيقة من إغناء ذوي القرابات، قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( إبدأ بنفسك ثم بمن تعول ثم بذي قرابتك) ويعني هنا بمن تعول الزوجة والأولاد، وذي قرابتك يقصد بهم الأرحام، فذبح الأضحية والعقيقة خارج البلاد تضيع هذه الأحكام.
واختتم الدكتور أحمد كريمة حديثه لـ "فيتو" قائلًأ: إن من أقدم على شراء الأضاحي أو إقامة العقائق بهذا الشكل، أقول له ( أنت لا نفذت شرع ولا سنة بل قمت بمفسدة).
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.