إيران تنتهج سياسة حافة الهاوية مع أمريكا، الملف النووي هدف واحد وأساليب مختلفة، الولايات المتحدة تفضل الدبلوماسية وإسرائيل تحرض على ضربة عسكرية
في الوقت الذي تبدي فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية نشاؤمها بشأن الملف النووي الإيراني، مثيرة مخاوف الولايات المتحدة وإسرائيل من تقدم طهران نحو امتلاك القنبلة النووية، فإن كلا من واشنطن وتل أبيب تضعان في أولوياتهما منع إيران من صنع القنبلة.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي فإن الولايات المتحدة اختارت اللجوء إلى منحى الدبلوماسية والمفاوضات، فيما آثرت إسرائيل الاستمرار في لهجة التصعيد والتهديد بالحرب.
وفي هذا السياق، كشفت الوكالة، في آخر تقاريرها الفصلية، أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تجاوز 23 ضعف الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي عام 2015.. وأن هذا المخزون قد ارتفع بنحو طن، بنسبة تفوق 25 % منذ فبراير الماضي.
يأتي ذلك في الوقت الذي ألقت فيه صحيفة "فاينانشال تايمز" الضوء على محاولات إيران لامتلاك الأسلحة النووية باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتقدمة والمنشآت السرية التي غالبًا ما يكون اكتشافها عسيرا على مفتشي الوكالة الدولية، وتساءلت الصحيفة: هل في الإمكان وقف مسيرة طهران ؟
إمكانية وقف مسيرة إيران فى صناعة النووي
واستعرضت قصة إيران مع هذا الملف: "عندما انطلق مفتشان تابعان للأمم المتحدة إلى محطة فوردو النووية الإيرانية في يناير الماضي، حرصا على عدم إبلاغ الإيرانيين بأي إنذار بالزيارة الوشيكة، وهذا ما تصفه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش الروتيني المفاجئ، والذي يهدف إلى عدم تمكين الموظفين في واحدة من المنشآت السرية من الوقت الكافي لإجراء أي تعديلات على المعدات".
وأضافت الصحيفة: "بعد أن ارتدى المفتشون معاطف المختبر ودخلوا فوردو، التي أنشئت في أعماق جبل للحماية من القنابل الأمريكية أو الإسرائيلية، شعروا بقلق عميق، حيث ذكرت الوكالة أنه تم تكوين "سلسلتين" من أجهزة الطرد المركزي المخصصة لتخصيب اليورانيوم بطريقة تختلف تماما عما أعلنته السلطات النووية الإيرانية لوكالة الطاقة".
خلافات بين المفتشين والإيرانيين
هذه المفاجأة فجرت خلافات بين المفتشين والعلماء الإيرانيين، الذين أصروا على أن شيئًا لم يتغير.
وفي اليوم التالي، عاد خبراء الوكالة، وارتدوا قفازات، وأخذوا مسحات وأكياس بلاستيكية، واحتفظوا بعينات من الغبار من المنطقة، حيث تم نقلها بالطائرة إلى مقر الوكالة في فيينا.
وبعد أن تم فحص الجسيمات، توصلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى نتيجة أصابت أمريكا وإسرائيل والدول الغربية بصدمة هائلة، حيث يتم تخصيب اليورانيوم الموجود في الغبار إلى درجة نقاء تصل إلى 83.7%، وهو أعلى مستوى تم اكتشافه في إيران.
وتؤكد هذه النتائج أن طهران صارت قريبة جدا من صنع إنتاج أسلحة نووية.
وكان هذا أحدث دليل على مدى تقدم البرنامج النووي الإيراني منذ انسحاب الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب، من جانب واحد من الاتفاق، والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، وذلك في مايو عام 2018، وكان ذلك بمثابة أولى محطات الانهيار.
وفي السنوات الخمس التالية، انتهجت إيران سياسة حافة الهاوية مع أمريكا، واليوم صارت على بعد خطوات قليلة من امتلاك السلاح النووي، مع فشل الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن في إحياء الاتفاق من جديد.
وهو ما أكده رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، حين قال في جلسة استماع في مجلس الشيوخ في مارس: إن إيران "يمكن أن تنتج ما يكفي من المواد الانشطارية لسلاح نووي خلال 10-15 يومًا، ولن يستغرق الأمر سوى عدة أشهر لإنتاج سلاح نووي".
وبحسب صحيفة "فاينانشال تايمز"، إنها أزمة جعلت الدبلوماسيين الغربيين يكافحون من أجل التوصل إلى خيارات قابلة للتطبيق لوقف التقدم، وسط مخاوف من أن السياسة الحالية لم تعد صالحة مع تنامي المخاطر التي قد تسفر عن نشوب الصراع القادم في المنطقة.
اقرأ للمزيد: أكسيوس: مفاوضات أمريكية إيرانية غير مباشرة في دولة عربية
وفي وقت سابق، استأنف المسؤولون في أوروبا والولايات المتحدة بهدوء المناقشات حول كيفية معالجة الأزمة المستحكمة.
وتقابل مسؤولون من فرنسا وألمانيا وبريطانيا بالمفاوض النووي الإيراني علي باقري كاني، في أوسلو خلال شهر مارس الماضي.
ومن ناحية أخرى، قال باقري إنه التقى بمسؤولين أيضًا الشهر الحالي.
وفي غضون ذلك، شهدت المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران تطورات مفاجئة خلال الربع الأول من العام، حيث قتل مقاول أمريكي بطائرة إيرانية من دون طيار في سوريا، وردت الولايات المتحدة بغارة جوية على منشأة يستخدمها الحرس الثوري، أسفرت عن مقتل مقاتلين موالين لطهران.
طالع أيضا: محادثات بين واشنطن وطهران لبحث سبل خفض حدة التوتر وتجنب المزيد من التصعيد
ثم حصلت الولايات المتحدة على مؤشرات من إيران بأنها ستتخذ خطوات إيجابية بخصوص المناقشات لتهدئة التوتر، وأن الإيرانيين أظهروا جدية واضحة.
محادثات غير مباشرة
وعلى إثر مفاوضات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، جرت في سلطنة عمان، خلال شهر مايو الماضي، أبدت إيران استعدادها لاتخاذ خطوات نووية نحو نزع فتيل الأزمة.
إلا أن الولايات المتحدة أبلغت إيران بأنها تعتبر أي شيء يزيد عن 60% من التخصيب على أنه "مسيرة نحو التسلح"، محذرة من أن المضي في هذا الطريق سيؤدي إلى عواقب وخيمة.
وطرحت الإدارة الأمريكية مسألة الأسرى الأمريكيين الثلاثة "مزدوجي الجنسية"، حيث ضمنتهم في المفاوضات النووية.
جاء ذلك فيما كشف خبير إيراني مهم أن طهران مستمرة في برنامجها النووي رغم استئناف المحادثات غير المباشرة مع واشنطن.
فيما يرى مدير سياسة عدم الانتشار في جمعية الحد من التسلح كيلسي دافنبورت، أنه: "بالنظر إلى مدى تقدم برنامج إيران النووي، فإن طهران لديها أوراق قليلة للتصعيد دون تجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية والإسرائيلية"، مضيفًا: "لا تزال هناك فرصة للحلول، لكن خطر سوء التقدير آخذ في الازدياد، وسيستمر في النمو في غياب التحركات لخفض التوتر".
اقرأ للمزيد: البرنامج النووي الإيراني: مخزون إيران من اليورانيوم المخصب تضاعف 23 مرة، حسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية
دفعة لانتهاج الدبلوماسية
ويطرح هنري روما، وهو زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى للصحيفة، تحليلا مغايرا، بالقول: إن "الخطوات النووية الخطيرة للغاية" التي اتخذتها إيران أدت إلى إعطاء دفعة لانتهاج الدبلوماسية.
وأوضح أن اكتشاف التخصيب بنسبة 83.7% كان "دليلًا على المآل الذي يمكن أن تنتهي إليه الأمور إذا لم يكن هناك بعض الجهد لنزع شرارة التصعيد".
في المقابل، دعا المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الأحد الماضي، حكومة طهران إلى مواصلة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وعلى الجانب الإسرائيلي، تواصل تل أبيب تهديداتها باللجوء إلى كل الخيارات، وفي مقدمتها الحرب، لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد: إن بلاده "ستفعل كل ما نحتاج إليه للدفاع عن أنفسنا، بقواتنا، ضد أي تهديد".
اقرأ أيضا: نتنياهو يعارض الاتفاق «المصغر» بشأن «النووي» الإيراني وسط تباين داخل حكومته
تمهيد الطريق أمام طهران لامتلاك قنبلة
ووسط خلافات داخل حكومة تل أبيب حول التفاهم الأمريكي - الإيراني المزمع، والذي يهدف إلى خفض التصعيد، كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي معارضته لأي اتفاق "مصغر" مع إيران بشأن برنامجها النووي، مؤكدا أنه "لن يسفر عن شيء سوى تمهيد الطريق أمام طهران لامتلاك قنبلة، وتزويدها بمئات المليارات من الدولارات".
أولويات الرئيس بايدن
وأشارت "فاينانشال تايمز" إلى أن هناك شكوكا حول فرص التفاوض بنجاح على أي شيء أكثر من حل مؤقت في أحسن الأحوال، بالنظر إلى أولويات الرئيس الأمريكي جو بايدن، ومطالب إيران وعمق عدم الثقة بين الخصمين.
ويحسم حسين موسفيان، وهو مسؤول إيراني كبير سابق يعمل حاليًا في جامعة برينستون، الجدل بقوله: إنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فمن المؤكد أنه سيكون هناك تصعيد مع إيران إذا وصلت لنسبة 90% من التخصيب، وسيلجأ الغرب إلى فرض عقوبات جديدة وسترد إيران بتعليق عضويتها في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
لكن أحدا لم يجزم ما إذا كانت هناك حرب وشيكة أم لا.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.