رئيس التحرير
عصام كامل

ويبقى ناصر!

ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن جمال عبد الناصر ذلك الزعيم الأسطوري الذي غير وجه الحياة في مصر، عبر ثورته ورفاقه والتي سجلت في دفاتر التاريخ بثورة 23 يوليو 1952، واستطاع الرجل بشخصيته الكاريزمية أن يسحر الجماهير سواء في بلاده أو خارجها، وعبر انحيازه للفقراء والكادحين والمستضعفين في الأرض تمكن من حفر اسمه بحروف من نور في سجل الخالدين في تاريخ البشرية..

 

ففي الكثير من بلاد العالم خاصة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا شيدت تماثيل باسمه وأطلق اسمه على العديد من الشوارع والميادين، وبالطبع كان هذا هو الحال بالنسبة لمصر، وظل هذا الوضع قائماَ لسنوات طويلة بعد الرحيل المبكر للزعيم الذي غيب الموت جسده وهو في ريعان الشباب، لكن كالعادة لا يسلم العظماء من حقد الحاقدين.

Advertisements

 

ففي أعقاب الرحيل مباشرة بدأت الهجمة الشرسة على الرجل ومشروعه وثورته، فوجدنا أولاَ الرئيس السادات ليثبت أقدامه في الحكم يطلب إحضار تمثال لجمال عبد الناصر في مدخل مجلس الشعب لينحني أمامه، ويؤكد أنه سوف يسير على خطى جمال عبد الناصر، وبعدما استتب له الأمر بعد حرب أكتوبر 1973، قام بالسير على خطى ناصر بأستيكة ليمحو كل ما فعله الرجل وما قام به من إنجازات لشعبه وأمته والمستضعفين في العالم.. 

الهجوم على عبد الناصر

 

فتم استدعاء كتيبة من الكتاب والصحفيين كانت مهمتهم الأساسية الهجوم على الزعيم جمال عبد الناصر الذي أصبح في ذمة الله ومحاولة تشويهه، ومنذ ذلك التاريخ والهجوم على ناصر لم يتوقف لحظة واحدة، وهناك مواسم يتجدد فيها الهجوم على ناصر وثورته، ومن بين هذه المواسم ذكرى الثورة العظيمة في يوليو من كل عام.. 

 

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن من الذي يقف خلف هذه الحملة لتشويه الزعيم؟! وهل هذه الحملة تستهدف ناصر فقط أم تستهدف مصر وتاريخها ورموزها؟! فجمال عبد الناصر ما هو إلا صفحة ناصعة البياض من تاريخ مصر الحديث والمعاصر.. 

 

ولكل الحاقدين على الزعيم نقول لن تتمكنوا من هدفكم لأن الرجل يسكن في قلوب الفقراء والمستضعفين حول العالم، عبد الناصر فكرة والأفكار لا تموت، فعند حلول ذكرى ثورته أو ميلاده أو رحيله، تتعالى أصوات الفقراء مترحمة عليه فهو أنصفهم وحقق لهم العدالة الاجتماعية والعزة والكرامة في وطنهم بعد أن كانوا مهانين ومهدرة كرامتهم وانسانيتهم..

مجتمع النصف في المائة 

فقبل قيام ثورة 23 يوليو 1952 كان المجتمع المصري يعرف بمجتمع النصف في المائة ذلك النصف الذي يسيطر على الثروة والسلطة والنفوذ مقابل السواد الأعظم من المصريين الذين يعيشون في ظروف صعبة للغاية ومعاناة في توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة.

 

ويلخص الزعيم جمال عبد الناصر أحوال المجتمع المصري عشية قيام الثورة في إحدى خطبه حيث يقول: "500 مليون جنيه مع 700 واحد.. طب والـ 27 مليون عندهم إيه.. ده الوضع اللي ورثناه". وتكشف كلمات الزعيم كيف كانت أحوال المصريين؟ وكيف كانت الخريطة الطبقية؟ وتكتشف أيضًا رؤيته الثاقبة وقراءته النافذة التي مكنته من وضع يده على الجرح العميق في جسد المجتمع المصري..

زعيم الفقراء

لذلك جاء مشروعه المنحاز للفقراء منذ اللحظة الأولى ليوجه ضربات قاسمة إلى الإقطاعيين والرأسماليين والأجانب الذين لم يتجاوز عددهم 700 شخص كانوا يحوزون الثروة والسلطة والنفوذ، فكان قانون الإصلاح الزراعي وقرارات الـتأميم والتمصير ثم القرارات الاشتراكية، وهو ما أتاح الفرصة لتذويب الفوارق بين الطبقات، وإتاحة فرص التعليم والعمل أمام الجميع وهو ما حقق مجتمع الكفاية والعدل، حيث تغيرت الخريطة الطبقية للمجتمع المصري ونمت الطبقة الوسطى بشكل غير مسبوق في تاريخ المجتمع المصري.

 

وزرع حب جمال عبد الناصر في قلوب الملايين من الفقراء والكادحين من خلال سرعة الاستجابة لهم وقدرته على فهم احتياجاتهم دون تصريح، لذلك لا عجب أن يطلق الفقراء على الرئيس جمال عبد الناصر لقب زعيم الفقراء، فقد انحاز لهم قولًا وفعلًا، واتخذ من أجلهم العديد من الإجراءات الحاسمة، ودخل في العديد من المعارك لإنصافهم، وتحمل ما يفوق طاقة البشر من الضغوط المحلية والإقليمية والدولية لكى يتراجع عن مواقفه وسياساته الاقتصادية والاجتماعية الداعمة للفقراء في مصر والوطن العربي والعالم الثالث.. 

 

 

لذلك حين وافته المنية خرجت جموع الفقراء حول العالم لوداعه، ولازالت ترفع هذه الجماهير صوره في كل بقاع الأرض كرمز للعدالة الاجتماعية، وهؤلاء جميعًا هم من يحفظون اسم الزعيم بقلوبهم لذلك سيبقى عبد الناصر زعيما، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية