ساخرون، غراب البين يكتب: آخر فنون النصب
بعد يوم طويل من اللف والدوران والمرازية فى خلق الله أخذتنى أجنحتى لوسط البلد حيث وقفت على فرع شجرة بشارع شامبليون علشان أريح جتتى ساعتين تلاتة قبل طلوع النهار ودوشة البنى آدمين وكلكسات العربيات.
انكمشت بين أجنحتى وقبل أن تغمض عيناى سمعت صوت ضحكات تأتى من المقهى أسفل الشجرة.. شابان وفتاة من عشاق السهر على المقاهى ينظرون لشاشة موبايل أحدهم الذى يؤكد أنه يرى هذا البوست كل يوم تقريبا على صفحات مختلفة وبأكثر من صيغة.. المهم أن كلهم تعبانين وظروف الحياة بقت صعبة ومش عارفين يدفعوا إيجار الشقة.
ترد الفتاة عاشقة سهر الليالى: أيوه وأنا كمان بشوف النوعية دى من البوستات كتير اليومين دول.. آخرهم واحدة كاتبة بوست إنها محتاجة 300 جنيه علشان تدفع الإيجار وهتردها فى أقرب وقت.. وأنا مش عارفة إيجار إيه أبو 300 جنيه دا.
الشاب الثانى يقلب فى بوستات صفحته فيجد بوست يقول “يا جماعة أنا محتاجة 500 جنيه مساعدة عليا إيجار متأخر وهترمى ف الشارع ياريت حد يقدر يساعدنى.
وهكذا أخذ الشباب يتفحصون البوستات التى لاحظوا أن كل أصحابها بأسماء وهمية من عينة “جنة الرحمن ووردة البستان وثقتى بالله تكفينى”. فيعلق أحدهم ضاحكا: لأ وكمان فى كل مرة لهم حجة تختلف عن السابقة ومعظمهم بنات وستات وطبعا الشباب قلوبهم رقيقة زيادة عن اللزوم فبيتفاعلوا مع بوستاتهم. الفتاة ضاحكة تقول: دا فيهم واحدة كاتبة الخاص ممنوع ومنزلة رقم تليفون فودافون كاش للى عايز يساعد.
فيقترح أحدهم قائلا: طب تيجوا نعمل أكاونت وهمى ونطلب مساعدات زى الناس دى؟.. بس طبعا لازم يكون باسم مؤنث.. ممكن نسميه “الواثقة بالله”.
وهنا وقفت على قدمى وفردت أجنحتى وأخذت أنعق بأعلى صوتى “قاق قاق” فراح الشابان ومعهم الفتاة يهشوننى ويقولون لى غور من هنا يا غراب البين.. فهربت مسرعا قبل أن يحدفوننى بالطوب كعادتهم ولسان حالى يقول: ياخى جاتها ستين ألف نيلة اللى عايزه تخلف بنى آدمين!