وزير الأوقاف من نواكشط: الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد يدمر الأوطان ويعرضها للسقوط
أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن الإسلام لم يشدد على شيء مثل ما شدد على حرمة الدماء، فجعل قتل النفس الواحدة كقتل الناس جميعًا، حيث يقول الحق سبحانه: "أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"، ولا شك أن إنقاذ النفس من الهلكة هو إحياء لها، وأن السعي من استنقاذها من الهلاك هو سعي في إحيائها يؤجر صاحبه على قدر نيته فيه.
قتل النفس جريمة شنعاء
وأوضح خلال كلمته في مؤتمر علماء الساحل والسودان بنواكشوط، أن القرآن الكريم يؤكد في أكثر من موضع أن قتل النفس جريمة شنعاء إثمها عظيم، حيث يقول الحق سبحانه: "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"، ويقول سبحانه: "وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا"، ويقول سبحانه في صفات عباد الرحمن: "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"، وعدَّ نبينا (صلى الله عليه وسلم) قتل النفس من الموبقات المهلكات ومن أكبر الكبائر وهو إجماع أهل العلم قديمًا وحديثًا، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "اجتَنِبوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ" وذكر (صلى الله عليه وسلم) في مقدمتها بعد الإشراك بالله وعقوق الوالدين قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.
وأضاف الوزير، يقول (صلى الله عليه وسلم): "لا يَزَالُ العبدُ في فَسْحَةٍ من دِينِه ما لم يُصِبْ دَمًا حراما "، وهذا رسولنا وسيدنا وقدوتنا سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع يسأل أصحابه سؤال تقرير: في أي يوم هذا فيجيبونه: في يوم حرام، أي يحرم فيه سفك الدماء، وفي بلد حرام مكة المكرمة، فيقول (صلى الله عليه وسلم): "فإنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، وأَبْشَارَكُمْ، علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا، ألَا هلْ بَلَّغْتُ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ"، والبلاغ والبيان هنا لأمته وللإنسانية جمعاء إلى يوم الدين.
وتابع قائلا: ومن ثمة نقول لكل الفرقاء والمتقاتلين في كل أنحاء المعمورة بصفة عامة وفي عالمنا العربي والإسلامي بصفة خاصة اتقوا الله في الدماء، اتقوا الله في الضعفاء، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في الأرامل، اتقوا الله في الأطفال، اتقوا الله في العمران، اتقوا الله في الأوطان، اتقوا الله في الأشهر الحرم وأوقفوا القتال، استشعارًا لحرمة هذه الأيام، الأيام الحرم في الأشهر الحرم، وأعطوا متنفسًا لأبنائكم ونسائكم أن يستقبلوا العيد في أمن وأمان.
واستطرد قائلا: تعالوا إلى كلمة سواء لإصلاح ذات البين فالصلح خير كله، ولنا في صلح سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحقنه الدماء في الحديبية معتبر كبير، فالوطن لكم جميعًا وهو بكم جميعًا، والحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان، ولا شك أن الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد يدمر الأوطان ويعرضها لمخاطر السقوط أو الإنهاك والفرقة والتقسيم، بما يحقق أهداف أعدائها بأيدي بعض أبنائها، دون أن يراق لهؤلاء الأعداء قطرة دم واحدة، وهذا أمير الشعراء أحمد شوقي عندما رأى حربًا كلامية لا طائل منها وخلافًا حادًا بين بعض الأحزاب يقول:
إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما
وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما
وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ
وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما
شَبَبتُم بَينَكُم في القُطرِ نارًا
عَلى مُحتَلِّهِ كانَت سَلاما
وها نحن نستدعي بيت شوقي الأخير من هذه الأبيات ونستسمحه في تعديل لفظة واحدة منه بما يناسب الحال والمقام ويحافظ على اللفظ والوزن فنقول:
شَبَبتُم بَينَكُم في القُطرِ نارًا
عَلى أعدائه كانَت سلاما
وهذا زهير بن أبي سلمى يقول:
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً
وتَضرَ إذا ضريتموها فتضرمِ
فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها
وَتَلقَح كِشافًا ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ
كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ
ويقول الشاعر العربي الحصيف الحكيم الحارث بن وَعْلة الشيباني:
قومِي هم قتلوا أُمَيمَ أخي
فَإِذا رميتُ يُصِيبنِي سهمي
فلئن عَفَوْت لأعفونْ جَللا
وَلَئِن سطوتُ لأوهِننْ عظمي
ممتنعًا عن الدخول في حرب مع قومه الذين قتلوا أخاه، وهو ما يذكرنا بالموقف العظيم النبيل الذي حكاه لنا القرآن الكريم عن أحد ابني آدم حين قال لأخيه: "لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ".
ما أحوجنا اليوم إلى من يتخذ هذه من الخطوة الإيمانية العظيمة: "مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ" سبيلا للسلم ويتحلى بهذه الروح العربية الأصيلة: "فَإِذا رميتُ يُصِيبنِي سهمي"
وشدد على أنه يجب على العلماء والمفكرين والإعلاميين تكثيف جهودهم لنشر ثقافة السلام وإبراز مآسي الحروب وبيان أن الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان أسال الله العلي العظيم في هذه الأيام الطيبة المباركة أن يصلح ذات بيننا وأن يوفقنا جميعًا في إصلاح ذات البين، وأن يجعلنا دائمًا دعاة سلام.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.