في يومها العالمي، هل أثرت تماسيح بحيرة ناصر على الثروة السمكية في مصر؟
يحتفل العالم اليوم الأحد باليوم العالمي للتماسيح، أقدم المخلوقات التي ما زالت تعيش على وجه الأرض، فكانت التماسيح قديما منتشرة فى مصر بطول نهر النيل وكان يتم معاملتها بشكل قدسي فى العصور القديمة لكن تبدل الحال حديثا وتم صيد التماسيح وتدمير البيئات التى تصلح للعيش فيها وانحسر تواجد التماسيح فى اقصى جنوب نهر النيل بمصر حتى اعتقد البعض ان التماسيح انقرضت من مصر.
ومع بناء السد العالي وتكون بحيرة ناصر أو النوبة توفرت بيئات مناسبة وملائمة لحياة التماسيح وأصبحت بحيرة ناصر او النوبة هي المكان الوحيد في مصر الذى تتواجد فيه التماسيح بشكل طبيعى.
وأوضح الدكتور عمرو هادي، الباحث البيئي والباحث في علوم الطبيعة والأرض أنه لا يوجد مكان فى مصر تعيش فيه التماسيح بشكل طبيعى غير بحيرة النوبة، لكن هناك تغيرات حدثت مع التماسيح فى مصر خلال أخر ٢٠ سنة أثرت عليهم.
وأضاف الدكتور عمرو هادي أنه في عام ٢٠٠٥ تم تقديم طلب إحاطة فى مجلس الشعب يلوم التماسيح الموجودة فى بحيرة ناصر باعتبارها المسؤولة عن تدهور الثروة السمكية وأن أعدادها زادت وتوحشت وأصبحت تهدد الصيادين، وكان الحل هو اصطيادها وأخذ جلدها وتصديره وبيعه بالعملة الصعبة.
جهود وزارة البيئة في الحفاظ على التماسيح
وتابع أنه تصدى لهذا الأمر وزارة البيئة التي تحمى التماسيح وتمنع صيدها بالقانون ومن يخالف او يصطاد التماسيح يتم تغريمة ماليا ويمكن أن تصل العقوبات للحبس، لكن هل فعلا أعداد التماسيح زادت؟ وهل هى المسؤولة عن تدهور الثروة السمكية ؟!
من هنا بدأت حكاية إنشاء وحدة خاصة لدراسة ورصد وإدارة التماسيح داخل وزارة البيئة بقطاع المحميات الطبيعية للتعرف على الوضع الحقيقي للتماسيح فى مصر وكيف يمكن أن نحافظ عليها لدورها البيئى العظيم وأيضا هل يمكن أن نستفيد منها بشكل اقتصادى مثل باقى الدول التي لديها تماسيح.
وحدة التماسيح بوزارة البيئة
بدأت القصة عام ٢٠٠٨ عندما أصبحت وزارة البيئة هي المسئولة عن كشف حقيقة تماسيح بحيرة ناصر وهل الوضع خطير فعلا وزادت أعداد التماسيح وتوحشت واكلت الأسماك أما أن الوضع على أرض الواقع مخالف لهذا والتماسيح هي التي تحتاج إلى حماية لأنها أوشكت على الإنقراض؟
وأوضح الباحث البيئي عمرو هادي أن وزارة البيئة تواصلت مع الاتحاد العالمي لصون الطبيعة IUCN الذي يضم مجموعة متخصصة من خبراء دراسة التماسيح، وبالفعل جاء خبير من هذه المجموعة لتدريب مجموعة من المصريين على دراسة التماسيح، واستمر التدريب لمدة شهر حيث تم تدريب مجموعة من باحثى المحميات الطبيعية بأسوان وكان هو واحد منهم على اعمال رصد ودراسة التماسيح.
وضع التماسيح في بحيرة ناصر
وأشار هادي إلى أن طول بحيرة ناصر داخل الحدود المصرية ٣٠٠ كيلو متر تقريبا والأصعب من هذا ان طول شواطئ البحيرة فى المتوسط حوالى ٦٠٠٠ كيلومتر، وفى هذه الحالة لا يمكن عمل مسح للبحيرة بالكامل لكن تم استخدام العلم والنظريات العلمية لتحديد عينة ممثلة للبحيرة بعد دراستها تكون اقرب للواقع ويمكن تطبيق النتائج على باقى المساحة الكلية للبحيرة.
دراسة عن أوضاع التماسيح وأعدادها في بحيرة ناصر
وأضاف أنه تم عمل خطة لدراسة وضع التماسيح ببحيرة ناصر وملخص الخطة أنه تم تحديد اخوار فى البحيرة تمثل جميع البيئات المختلفة للبحيرة وتم عمل رصد لتواجد التماسيح بهذه المناطق عن طريق الرصد الليلى بالكشافات، واستمرت الدرسة تقريبا ١٨ شهرا وكانت ابرز النتائج انه تم تقدير اعداد التماسيح ببحيرة ناصر باعداد تتراوح بين 6000 على أقل تقدير ولا تزيد عن 30000 تمساح وأن أعداد التماسيح البالغة فوق 2.5 متر لا تتعدى 15% من هذه الأرقام او بمعنى آخر الأحجام الكبيرة القادرة على التكاثر أعدادها تتراوح بين 900 الى 4500 على أقصى تقدير
فريق مصرى مدرب ومجهز لدراسة التماسيح
وبناء على نتائج هذه الدراسة وفى سنة 2010 تم تقديم طلب إلى اتفاقية السايتس CITES وهى اتفاقية منظمة للاتجار فى الكائنات البرية حول العالم لنقل التماسيح من الملحق الأول إلى الثانى الذى يسمح بعملية الاستثمار وإنشاء مزارع التماسيح. وايضا تم تكوين فريق مصرى مدرب ومجهز لدراسة التماسيح وتم إنشاء وحدة رصد ومتابعة التماسيح تحت قطاع حماية الطبيعة التابعة لوزارة البيئة.
أعمال رصد ودراسة التماسيح ببحيرة ناصر
ومنذ 2010 وحتى 2018 استمرت اعمال رصد ودراسة التماسيح ببحيرة ناصر من خلال وحدة التماسيح وتم اجراء العديد من الدراسات، كمثال دراسة تحركات التماسيح (Home Range) وتحديد نطاقها الذى يستخدم من اجل الغذاء والتكاثر عن طريق تتبع التماسيح من خلال اجهزة تتبع يتم تثبيتها على ظهر التمساح ومتابعة تحركاته.
ايضا من نتائج الرصد والمتابعة لمنطقة محددة فى بحيرة ناصر على مدى 10 سنين تبين نقصان حاد فى كثافة التماسيح بتلك المنطقة بنسبة تصل الى 70% واعتقد أن السبب الرئيسي قد يكون الصيد للتماسيح بهذه المنطقة من أجل بيع جلودها حيث تم رصد جثه تمساح مسلوخة أثناء عمليات الرصد.
وبشكل عام تشير النتائج إلى نقصان فى أعداد التماسيح فى بحيرة ناصر الأمر الذى يستدعى تدخل جاد للوقوف على أسبابه من عدمها وتصحيح الأوضاع.
حقيقة تسبب التماسيح في تدهور الثروة السمكية
ومع كثرة الأقاويل حول تسبب التماسيح في تدهور الثروة السمكية فى بحيرة ناصر، أكد الدكتور عمرو هادي الباحث البيئي أن هذا الحديث عار تماما عن الصحة، بل تساعد التماسيح على احداث توازن بيئي وتنوع بيولوجي في الثروة السمكية فالتماسيح لا تسمح بأن يكون هناك نوع واحد من الاسماك هو السائد كما أنها تتغذى على الاسماك الضعيفة او المريضة وبهذا نضمن ان الاسماك القويه هي فقط التي تستمر وتتكاثر ولا يكون هناك سلالات مريضة تؤثر على الانتاج، بالاضافة إلى أن مخلفات التماسيح تعتبر مغذيات عالية الجودة للاسماك وهذا أيضا يساعد على زيادة الثروة السمكية.
وتابع الباحث البيئي أنه فى بعض البحيرات التى تم فيها التخلص من التماسيح تراجع الانتاج السمكى وزاد التلوث وهذا تأكدنا منه أثناء عمل رصد للتماسيح في بحيرة ناصر ووجدنا منطقة كبيرة لا يوجد بها تماسيح وعندما سألنا الصيادين قالو انهم تخلصو من كل التماسيح الموجودة لأنها كانت تقطع الشباك وما حدث بعدها هو المفاجأة حيث قلت أعداد الأسماك التي تخرج فى الشبك معهم وكان تفسيرهم ان هذا حدث بسبب صيدهم لكل التماسيح لأنها عندما كانت تتحرك فى الماء كانت تحرك معها الاسماك وكانت تخرج معهم فى الشباك.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
