رئيس التحرير
عصام كامل

حلوا عنهم.. أو حلوا الاتحادات!

تخيل نفسك كده ابن لعامل غلبان بيجرى على قوت عياله، كبرت وترعرعت واشتغلت من صغرك علشان تلاقى فلوس تصرف بيها على حلمك أنك تكون بطل أوليمبى في المصارعة الرومانية، أو كرة القدم، أو في السباحة، أو الملاكمة، وتحاول تتدرب مع نفسك أو في مركز شباب لأن أبناء الطبقات الكادحة لا يلتحقون بالأندية الشهيرة إلا بواسطة كبيرة، وحتى الأطفال الموهوبين في كرة القدم لا يمكن أن يدخلوا فرق الناشئين في النادى إلا بدفع آلاف الجنيهات مقابل السماح لهم بالتدريب في النادى الكبير!


وتخيل تانى أنك وصلت وأخدت بطولة الجمهورية زى الشاب المصرى أحمد بغدودة وبطل المصارعة الرومانية محمد عصام، فتكتشف أن راتبك الشهرى من اتحاد اللعبة التى تمارسها هو ٣٠٠ جنيه أول عن آخر!! وأن مدربك اللى أقدم منك فى اللعبة مرتبه ١٥٠٠ جنيه!


ويوم ما تنجح وتحقق ميدالية ذهبية فى بطولة أفريقيا تكون جائزتك من اتحاد لعبتك الرياضية هي (ولا مليم) آه والله زى ما بقولك كده!

هروب شباب الرياضيين


ساعتها هتتأكد أنك هتعيش غلبان وتموت معدم في بلد لا يحترم المواهب ولا يقدر الرياضيين، ولذلك ما أن تلوح لك في الأفق فرصة للتواجد في أي بطولة دولية، تقرر أن تقتنص الفرصة وتهرب، وتبحث لنفسك عن مكان ودولة أخرى تقدر أهميتك، وتحترمك كبنى آدم، فتمنحك الجنسية وتوفر لك حياة كريمة.. 

 

وتصنع منك نجما رياضيا يلعب تحت رايتها ويحقق البطولات باسمها، تفتكر ساعتها أن مرتب الـ٣٠٠ جنيه فى الشهر ممكن يخليك تعيد التفكير مرة تانية، وضميرك يوجعك ويثنيك عن فكرة الهروب بحثا عن فرصة عمرك!


أم أن تهديد ووعيد القائمين على الرياضة في مصر من إداريين واتحادات للألعاب الرياضية، سيصيبك بالذعر ويخليك تخزى الشيطان وتستمر فى تمثيل بلدك، رغم ما تعانيه من إهمال، وصعوبات حتى فى الحصول على أبسط حقوقك كلاعب!


لو راجعنا سلسلة هروب شباب الرياضيين المصريين من مصر والهرب للعب تحت راية دول أخرى.. سنكتشف أن العدد كبير، وأن الطابور طويل، ولو لم يكن معلنا، ولو أردنا أن نعرف السبب فما علينا إلا البحث عن القائمين على هذه الألعاب واتحادات المستفيدين القابعين في مكاتبهم، والميزانيات المعدمة لرعاية الرياضيين.


ولذلك.. اتركوا الشباب يعيش وحلوا عنهم.. وامنحوهم الحق في التحليق عاليا وفي الذهاب للعب بعيدا عن اتحادات ألعاب فاشلة تستحق الحل، قتلت بداخلهم الأمل في كل شيء.

 


وقبل أن تلوموا شباب مصر من الرياضيين الهاربين لدول أخرى، لوموا أنفسكم، لأنكم قضيتم على الأمل في التغيير وتحقيق حياة أفضل، ومحيتم من قلوبهم مشاعر الولاء والانتماء لبلدهم، فالبطولات يحققونها بمجهودهم.. أما المقابل والثروات فيحققها المسئولين عن الاتحادات الرياضية!

الجريدة الرسمية