حقيقة استئناف العلاقات المصرية الإيرانية، وهذه أبرز تداعيات التقارب بين القاهرة وطهران على منطقة الشرق الأوسط
شهدت العلاقات المصرية الإيرانية التي تعد شبه متوقفة محاولات تقارب عديدة في الآونة الأخيرة تجلت في تصريحات لبعض المسؤولين الإيرانيين في إطار محاولات مكثفة لرفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين وتقريب وجهات النظر في الملفات الإقليمية، كما تتم مناقشات بين مصر وإيران في الوقت الحالي، أملَا في الحد من التوتر في الأماكن التي تمارس فيها إيران نفوذا كبيرا، مثل اليمن ولبنان وسوريا، من خلال دعم الحكومات الحليفة أو الجماعات المسلحة، كما جري جولتين من المحادثات المنخفضة المستوى بين مسؤولين مصريين وإيرانيين عُقدت في بغداد في مارس وأبريل من هذا العام.
حقيقة عودة العلاقات المصرية الإيرانية
توالت تصريحات مسؤولين إيرانيين في الفترة الأخيرة عن الترحيب بوجود مسار لإعادة العلاقات المصرية الإيرانية، وسط نفي مصري، بينما بدأت مصادر تتحدّث عما تعتبرها مكاسب التطبيع للبلدين والمنطقة.
وأمس أعرب المرشد الإيراني، علي خامنئي بعودة العلاقات مع مصر حيث قال خلال استقباله سلطان عمان، هيثم بن طارق آل سعيد: "ليست لدينا مشكلة في هذا الصدد"، وذلك علي الرغم من نفى وزير الخارجية سامح شكري، ما يتردد عن وجود مسار مصري إيراني، قائلا في تصريحات تلفزيونية منتصف مايو إن "هذه الأخبار تكهنات لا أساس لها من الصحة، وأن العلاقة مع إيران على ما هي عليه، وعندما تكون هناك مصلحة في تغيير منهج ما، فبالتأكيد سنلجأ دائمًا لتحقيق المصلحة".
وفتحت تلك الجولات والمحادثات باب التساؤلات حول عودة العلاقات المصرية الإيرانية ومستقبلها.
استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات
وتوضيحًا لما قيل عن عودة العلاقات المصرية الايرانية شبة المنقطعة، قال الباحث في الشأن الإيراني أسامة الهتيمي، أنه لا شك أن التطور الذي شهدته مؤخرا العلاقات السعودية الإيرانية بعد الاتفاق الذي وقع بين البلدين في العاصمة الصينية "بكين" والذي بموجبه سيتم استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات بعد انقطاع لها منذ العام 2016 إثر إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر باقر النمر سيكون له انعكاسه على مجمل العلاقات الإيرانية – العربية بما فيها مصر التي وانطلاقا من مبدأ التضامن العربي رهنت توطيد علاقتها بإيران بموقف الدول الخليجية من إيران كونها اعتبرت أن أمن الخليج خط أحمر وأن أي تقارب لن يتحقق مع إيران طالما مثلت تهديدا لدول الخليج ومن ثم فإنه من الطبيعي أن تحدث حلحلة في العلاقات المصرية الإيرانية.
والحقيقة أنه لا يمكن الجزم سلبا أو إيجابا بمستوى هذه العلاقات خلال المدى القريب فالعلاقات العربية الإيرانية بشكل عام والمصرية الإيرانية بشكل خاص علاقات معقدة إلى درجة كبيرة يتداخل فيها السياسي بالاقتصادي بالأمني بالفكري فهي لا تقوم على المصالح والمكاسب الاقتصادية فحسب والتي تحكم الكثير من العلاقات الدولية وعليه فإنه من المبكر الفصل بأن العلاقات المصرية – الإيرانية ستشهد مستقبلا مشرقا خاصة وأن الطرف الإيراني لم يقدم بعد ما يمكن أن نستند إليه لإطلاق هذا القول.
وعن مدي التعاون بين البلدين وتداعيات ذلك علي المنطقة العربية برمتها، قال الهتيمي: من المؤكد أن كل من مصر وإيران دولتان كبيرتان تشكلان ثقلا سياسيا في المنطقة هذه المنطقة التي تشهد العديد من دولها حالة من الفوضى وعدم الاستقرار وصراعا يزيد من جذوة اشتعاله التباين في وجهات النظر بين القوى الإقليمية ومن ثم فإن تقريب وجهات النظر والعمل المشترك سيعمل على تهدئة العديد من الملفات والدفع بالمنطقة إلى المزيد من التهدئة، ومن جانب آخر فإن الدولتين مصر وإيران يمتلكان مقدرات اقتصادية لا بأس بها وبالتالي فإنهما ونظرا لدوافع متباينة أيضا لكليهما في حاجة ماسة بالفعل لتوثيق التعاون الاقتصادي بينهما.
التقارب المصري الإيراني
وتابع: باختصار شديد التقارب المصري الإيراني وتوثيق التعاون بينهما يعني تفعيلا للدور المصري في الحد من تأزيم الموقف بين إيران وعدد من الدول العربية خاصة الخليجية لكنه على جانب آخر يمكن أن يكون له انعكاسه السلبي في حال غضت القاهرة الطرف عن السلوك الإيراني في المنطقة إذ سيكون هذا التقارب قوة دفع بشكل غير مباشر لاستمرار إيران في سياسية مد النفوذ ودعم وكلائها في المنطقة وهو الأمر الذي يعني ضرورة أن تصر مصر على الالتزام باشتراطاتها لهذا التقارب ومراعات العديد من الاعتبارات والتي لا تتعلق فقط بعلاقات إيران ببعض دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ولكنها تتعلق بإعتبارت خاصة فانفتاح العلاقات البينية بالشكل الذي تسعى إليه إيران أو حتى بما يجب أن تكون عليه العلاقات الطبيعية بين دولتين مسلمتين سيسمح مثلا للإيرانيين بحرية دخول مصر والتنقل فيها وهو أمر يمثل مخاطر أمنية كبيرة.
وقال: هل من الممكن ان نتوقع حدوث تقدم كبير في العلاقات بين البلدين بالوساطة العراقية ام لازال من المبكر الحديث عن ذلك
واضاف: في ظني أن مصر تتعاطى مع ملف علاقتها مع إيران باعتباره جسرا من الشوك يفترض أن تعبره لكن بالكثير من الحذر الذي لا يجب أن تتخلى عنه أبدا خاصة وأن القاهرة تدرك جيدا أن النظام الإيراني الحالي نظام أيدلوجي لا ترتهن تحركاته بالمكاسب والخسائر فحسب بل بتنفيذ مشروع قومي في المنطقة يصعب جدا على طهران أن تتنازل عنه الأمر الذي يعني بقاء حضور دوافع التوتر باستمرار غير أن ذلك لن يمنع مصر من التجاوب مع الدعوات والإشارات والمحاولات الإيرانية التي لا تتوقف منذ فترة للتقارب مع مصر وعبر وساطات عربية برز منها العراق وعمان الأمر الذي يرجح أن تشهد العلاقات بين البلدين بالفعل تقدما ملموسا يصاحبه رفع درجة العلاقات الدبلوماسية وتعيين سفير إيراني في مصر.
وحول ما يمكن أن تغيره إيران مقابل هذه المصالحة، خاصة في سياستها داخل سورية أو العراق ولبنان واليمن، ودول أخرى، أم أن المصالحة ستكون بلا مقابل؟ أوضح الهتيمي أن هذا السؤال ربما يعد أكبر إشكالية تتعلق بالعلاقات العربية الإيرانية فالعقبة الكؤود أمام تطور هذه العلاقات هو السلوك الإيراني في المنطقة وتدخلات طهران في شئون العديد من البلدان وهو السلوك الذي وفق ظني لن يتغير قيد أنملة فالنظام الإيراني يربط بين قوته وقدرته على الصمود وبقائه كقوة إقليمية بهذا السلوك وهذه التحركات والدور الذي تلعبه طهران في العديد من البلدان ومن ثم فإن غاية ما يمكن أن تقدمه طهران خلال الفترة الحالية لإقناع بعض الأطراف العربية بالتقارب هو التخفيف من وطأة هذه التدخلات والحد من تأزيم المواقف التي ربما سببت إرهاقا لبعض الأطراف العربية.
وقال: لعل رغبة بعض الأطراف العربية لحدوث هذا التقارب توافقت مع رغبة إيرانية مؤقتة تشكلت نتيجة أسباب داخلية بعد تصاعد الاحتجاجات بشكل غير مسبوق إثقر مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتدني سعر العملة المحلية وهي حالة لا يستبعد معها أن يكون توجه إيران لهذه التقارب تكتيك يراد به تخفيف ما يعانيه النظام خاصة وأن الحكومة الإيرانية الحالية محسوبة على المحافظين القريبين من المرشد الذي يتبنى مواقفا متشددة رافضة للانتقادات الموجهة للتحركات الإيرانية الإقليمية والدولية، فخلاصة القول إن آمال حدوث تطور إيجابي وتقدم ملموس في العلاقات العربية الإيرانية آمال تتعلق بأحبال واهية قائمة على أسس غير متينة لتبقى هذه العلاقات في مهب الريح لا يمكن أن يعول عليها بشكل إستراتيجي.
ومن جانبه قال الباحث في الشأن الإيراني وجدان عبد الرحمن، والقيادي في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازيفيما يتعلق بالعلاقات المصرية الايرانية، فإيران عازمة علي تطوير للعلاقات مع جيرانها والدول العربية وتحديدا مصر، وهذا التغيير السريع لدي النظام الايراني خاصة في ظل حكومة ايدولوجية اصولية،ليس ايمانا من هذا النظام او من حكومة ابراهيم رئيسي المتشدد وانما لأسباب عديدة ادت لهذا الامر أهمها التدهور الاقتصادي لدي النظام الايراني والعقوبات الدولية المفروضة عليه، لذلك يحاول بناء علاقات مع الدول العربية والمعروف انه لا يمكن لاي دولة في العالم ان تطور اقتصادها ما لم تحسن علاقاتها مع الدول المجاورة لذلك النظام الايراني يحاول تطوير نظامه مع الدول العربية لتحسين الاقتصاد المتدهور.
وأشار إلى أن الأمر الثاني أن إسرائيل بدأت تطويق إيران من الشمال حيث يوجد هناك قواعد كثيرة لدى إسرائيل في أذريبجان الشمالية وأيضا من الغرب توجد قواعد اسرائيلية في كردستان العراق وايضا من الشرق والجنوب الأسطول الخامس والوجود الإسرائيلي ومن هذا التحالف والتطبيع بين إسرائيل والبحرين والإمارات.
وأكد أن اسرائيل بدأت تحاصر ايران من كل الاطراف لذلك حرصت ايران علي محاولة فك تلك الحصار من خلال بناء علاقات مع الدول العربية في هذا الاطار وليس ايمانا من هذا النظام لأنها في الاساس العلاقات الايرانية المصرية في كثير من الاحيان هي علاقات غير ودية بدءًا من الحروب التي خاضتها الدول العربية مع اسرائيل واصطفاف الحكام الي جانب اسرائيل، بما فيهم محمد رضا شاه في الحروب التي خاضتها العرب مع اسرائيل، فمحمد رضا شاه الشاه السابق اول من كان بجانب اسرائيل واعترف بها لذلك الخلافات الايرانية المصرية ليس فقط تتحدد بنظام الجمهورية الاسلامية وانما حتي في فترة المؤسس للدولة الحديثة رضا شاه في عام 1924 وحتي عام 1953، وحتي بعد زواج رضا شاه من الاميرة فوزية لم تكن العلاقات المصرية الايرانية في احسن احوالها الا في فترات قليلة جدا، اذا العلاقة التي يتحدث عنها حسين أمير عبد اللهيان هي لأسباب اقتصادية امنية وايضا سياسية.
مستقبل العلاقات بين مصر وايران
وفيما يتعلق بمستقبل العلاقات بين مصر وايران قال وجدان عبد الرحمن، أن لا يمكن أن نشهد في المستقبل القريب او حتي البعيد علاقات وثيقة بين ايران ومصر، صحيح أن العلاقات التجارية والاقتصادية هي من ترسم محور السياسية بين الطرفين، فمصر لا يمكنها أن تستفيد من ايران تجاريا او اقتصاديا، أما أمنيًا فمصر بعيده عن التدخل الايراني، فكما شاهدنا سابقًا محاولة ايران للتدخل بشكل سلبي خلال فترة حكم محمد مرسي، لكن جهاز المخابرات المصري نحج حينها في افشال مخطط التدخل الايراني واحجام تلك المحاولات للتدخل، موضحًا أن لا يمكننا أن نشهد علاقات متقاربة او تعاون بين الدولتين والشىء الوحيد الذي يمكن ان نشهده هو أن الاتجاه العربي سيكون لديه علاقات متنوعة مع الدول العربية كما تفعل مع الجوانب الاخرى كروسيا والصين.
وقال: تأثير العلاقات المصرية الايرانية علي المنطقة العربية سيكون تأثر ايجابي يمكنه التخفيف من حدة التوترات في المنطقة العربية، كما سيكون لها تأثير علي الدول المنطقة لتشهد علي الاقل تبادل تجاري واستثمارات ما بين الدول خاصة التي تتدخل فيها ايران، وستجعل مصر من ايران ان توقف تهديدات الاستثمار العربي علي دول المنطقة.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد،المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل: الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري القسم الثاني،دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.