قصة طاحونة أبو شاهين بالبحيرة، بناها عثمان أغا الطوبجي، واختار اسمها من العامل القائم عليها، وخصصت إيراداتها لمسجد المحلي
تضم جمهورية مصر العربية العديد من المواقع والقطع الأثرية الفريدة التي لا يوجد مثيل لها بكافة دول العالم، ومنها ما يحظى بتوافد كبير من الزائرين حول دول العالم لرؤيتها عن قرب والتقاط الصور التذكارية معها، ومن تلك القطع طاحونة أبو شاهين والموجودة بمدينة رشيد بمحافظة البحيرة.
في البداية الأمر لم تكن عمليات طحن الغلال مجرد عادة يومية يقوم بها الفلاحون وأهالي البلدة، وتحولت إلى مناسبة رسمية يحتفل بها أصحاب الغلال في مواسم الحصاد، فكانوا يتجولون في مواكب من الطبل والزمر ذاهبين إلي تلك الطواحين، حاملين غلاتهم على ظهور دوابهم.
مراحل بناء طاحونة أبو شاهين وانتشارها في مدينة رشيد
وقال أحمد حبالة، مدير تفتيش آثار رشيد، إن طاحونة أبو شاهين أنشأها عثمان أغا الطوبجي في النصف الثاني من القرن 12 هـ - 18 م، وخصصت لطحن الغلال، وكانت تدار بواسطة الدواب حيث أن النوع من هذه الطواحين كانت منشرة في مدينة رشيد في تلك الفترة، وألحقت هذه الطواحين بالمنازل أو اقيمت منفردة.
وأضاف مدير تفتيش آثار رشيد لـ«فيتو»، أن طواحين الأغنياء كانت تعمل بواسطة الحيوانات أما طواحين الفقراء فقد كانت تعمل بواسطة سواعد الرجال، ومن هذه الطواحين الرحيان (الرحى) أو الطواحين ذات الأذرع، ومن الطواحين الباقية بمدينة رشيد طاحونة أبو شاهين.
وأشار إلى أن الواجهة الرئيسية لطاحونة ابوشاهين تطل على شارع الأمصيلي ويغلق عليها باب من مصراعين من الخشب يعلوه منور من المصبعات الحديدية، ويؤدي مدخل الطاحونة إلى دركاة بها مسطاحان لوضع الحبوب وذلك لتجفيفها قبل عملية الطحن ويعلو المسطاح الغربي حجرة لإقامة الطحان يتم الصعود إليها عن طريق سلم صاعد من المدار الغربي، كما يوجد سلم صاعد أيضًا في المدار الشرقي يؤدي إلى سطح الطاحونة، ويتم الدخول بعد ذلك إلى المدارين المزودين بطاحونتين كاملتي العدة والآلة.
كما يوجد مدارين بالطاحونة أحدهما شرقي والآخر غربي، وكل مدار مكون من حجر مستدير به فتحة في وسطه أسفل قاعدة ثابتة ذات حافة بارزة لحجز الحجر المستدير وفتحة لصب الدقيق، والحجر العلوي مثبت من أسفله بعجلة صغيرة تتصل بدورها بعجلة كبيرة عبارة عن ترس من الخشب وهذه العجلة مثبتة في قائم خشبي رأسي الوضع مربع الشكل موضوع بمحور الترس الكبير "العجلة" ويدور حول نفسه وينتهي من أعلى بإصبع خشبية تدور في ثقب داخل الجايزة "الخشبة المستعرضة" وهي كمرة خشبية تحمل أجزاء الطاحونة تتصل بالهرميس توضع على رقبة الثور أو الحصان لتحريك الهرميس لتدور الطاحونة.
مراحل تنفيذ طاحونة أبو شاهين
وأوضح أن تنفيذ فتحتين معقودين بالمدارين يرتكز عقد كل منهما على عمودين رخامين وكانتا مخصصتين لجلوس السايس الذي يشرف على التشغيل، وتم تنفيذ حنايا ضحلة بالجدران التي تحيط بالمدارين لمنع احتكاك الحيوانات بها، يتم الدخول بعد ذلك إلى المراغة (دار الدواب ) أو الإسطبل الذي سقف الجزء الشرقي والجنوبي منها ويشمل الإسطبل على طوالة وحوض مياه ويقوم السقف على أعمدة لها يتجان وأما سقف الطاحونة فهو من الخشب المحمول على كمرات مستديرة.
وقال إن تاريخ الطاحونة يرتبط بتاريخ صناعة الخبز، فالقمح والشعير والذرة وغيرها من الحبوب كان لابد من طحنها لصناعة الخبز، لذا عرف الإنسان الطحن منذ فجر التاريخ، وبدأت عملية طحن الحبوب بدقه بمدقات من حجر هي أشبه بالهاون «المجرس»، وكانت تضرب بقوة في تجويف كتلة حجرية (جرن)، حيث يهبط الهاون على القمح بداخلها، ويكون المدق ثقيلا مصنوعا من حجر صلد أيضا، وتطورت آليات عملية الطحن إلى استخدام المدق الرحى «حجران مستديران»، يدار أعلاهما على أسفلهما باليد، وفي أوسط الأعلى فرجة مستديرة يُصب فيها القمح، ليجري بين القرصين فيطحن مع هذه الحركة، وكبرت «الرحوات» حتى كانت تدار بالحيوانات،
أو بقوة اندفاع الماء من مجاريه الطبيعية، أو بمراوح الهواء التي تطول عاليا نحو السماء، لتتشكل الطواحين، التي اتخذت أشكالا وأحجاما تختلف باختلاف المكان، ويسجَّل للعرب المسلمين استخدام الطاحونة الهوائية،و كان الناس يستفيدون من الرياح المحلية التي كانت تسمى «باد صدو بيست روز»، وتهب خلال مئة وعشرين يوما كل سنة.
مواعيد عمل طاحونة أبو شاهين
واستطرد أن طاحونة أبو شاهين جاءت تصميمها لطحن الغلال، ويوجد فيها مداران، أحدهما شرقي والآخر غربي، وكل مدار مكون من حجر مستدير به فتحة، وفي وسطه للأسفل قاعدة ثابتة ذات حافة بارزة لحجز الحجر المستدير، وفتحة أخرى لصب الدقيق، والحجر العلوي مثبت من أسفله بعجلة صغيرة تتصل بدورها بعجلة كبيرة هي عبارة عن ترس من الخشب، وهذه العجلة مثبتة في قائم خشبي رأسي الوضع ومربع الشكل موضوع في محور الترس الكبير، ويدور حول نفسه وينتهي من أعلى بإصبع خشبية تدور في ثقب داخل (الجايزة)، وهي الخشبة المستعرضة والتي تحمل أجزاء الطاحونة وتتصل (بالهرميس) الذي يوضع على رقبة الثور أو الحصان لتحريك الطاحونة، كما توجد فتحتان معقودتان بالمدارين يرتكز عقد كل منهما على عمودين رخاميين، وكانتا مخصصتين لجلوس السايس الذي يشرف على التشغيل، وقد زخرفت معظم جدران الطاحونة بطوب «المنجور المكحول»، وهي طريقة في البناء تستخدم طوبة حمراء وأخرى سوداء، بالإضافة إلى الاستعانة بالعقود الثلاثية أو المدائنية في بناء الجدران الحاملة للأسقف.
وتابع أنه من مميزات هذه الطاحونة أن لها قادوسين متقابلين ومنفصلين عن بعضهما، وممكن طحن نوعين من الحبوب فيها في آن واحد، وكل منهما مرفق بصندوق لنقل الحركة يتحكم في درجة نعومة وخشونة الطحين، حيث إن البعض كان يحب أن يحصل على الذرة «المدشوشة»، على سبيل المثال.
وكانت الطاحونة تعمل بشكل يومي ما عدا يوم الجمعة، حيث كان عطلة أسبوعية يستريح فيها الطحان من عناء عمل أسبوع متواصل، ولترتاح معه البغال وليتيحا فرصة لعامل الصيانة ليقوم بعمله في تفريغ أحجار الطاحونة وتخليصها من الطحين والحبوب العالقة بها، مستخدما قطعة من الحديد مستطيلة الشكل يتم جلي الأحجار بها لتنظيفها، وكان يذهب عائدها للإنفاق على مسجد "المحلي"، أكبر مساجد رشيد في ذلك الوقت.
وكانت أجرة طحن الحبوب في ذلك الوقت تُدفع إما نقدًا أو بنظام المقايضة الذي يتم عن طريق منح الطحان كمية من الحبوب التي تم طحنها بعد الانتهاء من عملية الطحن، أو بعض المحاصيل الأخرى، ومع ظهور الآلات الحديثة توقف العمل بالطاحونة، ولكن صمد المبنى ومحتوياته ليظل أثرًا شاهدًا على نمط معماري فريد.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.