خبراء الاقتصاد لـ«فيتو»: استقرار المؤشرات الاقتصادية أهم ضمانات جذب الاستثمارات.. وتحويلات الأرباح للخارج لها قواعد حاكمة
تسعى الحكومة المصرية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للسوق المصري، خاصة وأن مصر غنية بالعديد من الموارد، وتمتلك ثروات وإمكانات كبيرة، على رأسها ثروتها البشرية التي تكمن في عدد الأيدي العاملة الشابة، إضافة إلى مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة لإنشاء المشاريع، فضلًا عن شريان العالم الحيوي والرابط الأساسي لحركة التجارة العالمية (قناة السويس).
وتنتهج الدولة سياسات تشجيعية لجذب الاستثمار الأجنبي لمصر، كان آخرها ما أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال فعاليات اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار، حيث أصدر 22 قرارًا بهدف جذب وتشجيع وتعزيز الاستثمار، المحلي والأجنبي، والقضاء على العقبات البيروقراطية، وتذليل مختلف التحديات التي تواجه زيادة استثمارات القطاع الخاص.
وتستهدف القرارات الصادرة تحقيق نقلة نوعية في خفض تكلفة تأسيس الشركات، والحد من القيود المفروضة على التأسيس، ومن الموافقات المطلوبة ومدة الحصول عليها، وكذا تسهيل تملك الأراضي، والتوسع في إصدار الرخصة الذهبية، فضلًا عن تعزيز الحوكمة والشفافية والحياد التنافسي في السوق المصرية، إضافة إلى تسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين.
القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى الاستثمار
يضاف إلى أن من أهم أهداف القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى الاستثمار، تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتوسيع اختصاص المحاكم الاقتصادية، بالإضافة إلى تقديم حزمة متكاملة وتنافسية من الحوافز والتسهيلات في القطاع الزراعي والصناعي والطاقة فيما يخص إنتاج الهيدروجين الأخضر، إضافة إلى قطاع الإسكان وما يخص المطورين العقاريين والمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة، إلى جانب قطاع النقل فيما يتعلق برسوم الصادرات والجمارك، وتوحيد استراتيجية التسعير.
وعلى ضوء قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، تطرح العديد من الأسئلة منها ما هي عوامل أو معوقات جذب الاستثمارات الأجنبية، وما هي ضمانات خروج وتحويل الدولار وأرباح المستثمرين للخارج؟ في السطور التالية خبراء الاقتصاد يجيبون عن هذه الأسئلة:
الاستقرارا السياسي والاقتصادي أهم ضمانة لجذب الاستثمار
البداية مع الدكتور ياسر جادالله، أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، عميد المعهد القومي للملكية الفكرية، الذي يقول أن الاستقرار السياسي والاقتصادي أهم ضمانات لأي مستثمر في أي بلد، وأيضًا استقرار المؤشرات الاقتصادية الرئيسية من الضمانات المهمة التي تحكم دخول استثمار أجنبي مباشر وتضمن استمراريته، مثل معدلات التضخم ومعدل الفائدة، وسعر الصرف الذي كان من المتغيرات الرئيسية مع وجود مشكلات وضغوط عليه، وهذا يضع المستثمر سواء المحلي أو الأجنبي في حالة ترقب وقلق عند اي مستوى سيستقر.
المستثمر يحتاج إلى التأكد من عدم وجود مشكلات اقتصادية
وأشار «جادالله» إلى أن وجود مجموعة من القرارات شيء مهم، ولكن الأهم منها طمأنة المستثمر بدرجة كبيرة عليه معول كبير لأن المستثمر عندما يسشعر أنه لا يوجد مشكلات في الاقتصاد، وأن هناك استقرار اقتصادي وسياسي وأمني، سيدخل للاستثمار المباشر أو حتى في المحافظ المالية داخل الاقتصاد المصري دون قلق، وأنه إذ وجد أي حالة من حالات القلق فإن ذلك يعني له أنه لن يضمن إخراج وتحويل أرباحه الاستثمارية التي حققها داخل هذا السوق، مثلما حدث في ليبيا أثناء عهد الرئيس معمر القذافي الذي كان يقوم بوقف تحويلات الأرباح الاستثمارية للخارج فجأة، فكان ذلك عامل لهروب الاستثمارات من ليبيا.
لا يوجد ضمانة للقرارات الحكومية مع عدم استقرار المؤشرات الرئيسية للاقتصاد
وأوضح «جادالله» أنه بدون وجود استقرار في الاقتصادي أوالمؤشرات الاقتصادية الكلية على رأسها معدل التضخم والفائدة وسعر الصرف أعتقد أن الأمر سيكون صعبا جدًا في إيجاد طمأنينة أو ضمانة لأي قرارات أو اتجاهات من الحكومة، لكن أكيد القرارات التي اتخذها المجلس الأعلى للاستثمار مهمة جدًا.
دول العالم لديها ضوابط وقواعد لتحويل الأموال مع الأزمات الاقتصادية
وأشار إلى أن أي اقتصاد لديه مشكلات مشابهة للوضع الاقتصادي المصري، فإنه يفرض عدة ضوابط وقواعد، حتى لا يتم سحب الأموال بطريقة غير مبررة،و حتى لا يحدث مشكلات وأزمة نقدية تؤدي إلى الإفلاس، فليس هناك ما يمنع أن يحصل المستثمر على أرباحه وأمواله ولكن بالتدريج، وكل دول العالم لديها قيود وضوابط استثمارية بمدة زمنية لتحويل الأرباح والأموال في حالة التخارج، فسحب الأموال يعطي نظرة تشاؤمية لدى الأفراد من خطورة الوضع الاقتصادي.
يوجد سيولة نقدية من العملات في مصر لكن إتاحتها بقدر مع الظروف الراهنة
وتابع «جادالله» أن الشائعات بشأن عدم وجود سيولة داخل السوق، غير حقيقة ولها مردود سلبي، فالحقيقة توجد سيولة وعملة كافية في البنوك ولكن إتاحتها ليست بالسهولة نظرًا للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وعندما يحدث نوع من الاستقرار الاقتصادي وتحسن المؤشرات الاقتصادية وزيادة التحويلات النقدية ستتغير الأمور، ولكن مع انتشار الشائعات والأقوال عن المشكلات داخل السوق تؤثر كل ذلك على جذب الاستثمارات، فالاقتصاد مثل الإنسان له سمعة تتأثر سلبًا بالشائعات المزيد من الإفصاح عن المشكلات يترتب عليها انتقال عدوى التشاؤم والخوف لدى الآخرين.
عوامل جذب الاستثمارات الخارجية
وفي نفس السياق، يقول الدكتور عبد النبي عبد المطلب، خبير الاقتصاد، إن عوامل جذب الاستثمار لأي دولة على مستوى العالم، تتمثل في الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، مع إمكانية أن يكون لديه دراسات جدوى حقيقة بالتكاليف والأرباح، وأن يكون لديه الحرية في توسيع نشاطه أو تحويل أرباحه للخارج أو الحصول على ما يحتاج إليه من مستلزمات إنتاج ومواد خام، فضلًا عن وضوح التشريعات والقوانين المنظمة لعملية الاستثمار.
القطاع الحكومي يسيطر على نسبة 65% من النشاط الاقتصادي
وأشار «عبدالمطلب» إلى أنه عندما ننظر لاقتصاد المصري، نجد هناك عدة مقومات على رأسها استقرار سياسي وأمني ومع ذلك مازالت عملية جذب الاستثمار المحلي أو الأجنبي تسير ببطء، وذلك باعتراف الحكومة نفسها، إذ أن القطاع الحكومي يسيطر على نسبة 65% من النشاط الاقتصادي، وهذا أمر لا تحبذه الاستثمارات العالمية أو المؤسسات الدولية حيث يجب أن تكون الفرصة مهيأة أكبر للقطاع الخاص للعمل، ومع إتاحة الفرصة للقطاع الخاص فإن ذلك أكبر جاذب للاستثمار الأجنبي المباشر، لكن في ظل سيطرة الدولة والأجهزة السيادية على نسبة إجمالية تصل إلى 65% من الأنشطة الاقتصادية في الدولة، فأنا أعتقد أن ذلك أحد معوقات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
التشريعات الاقتصادية تتيح للمستثمر تحويل الأرباح بحرية
وأضاف «عبدالمطلب» أن السؤال الأهم هل يتيح الاقتصاد المصري للمسثتمر الأجنبي أن يحول أرباحه كلها أو جزء منها للخارج، الإجابة نعم فإن التشريعات الاقتصادية تتيح للمستثمر ذلك، وحتى في حالة تصفية أعماله فإنه من حقه تحويل أمواله كلها للخارج، لكن المشكلة كيف يتم ذلك في ظل وجود أزمة باعتراف الحكومة نفسها في توافر النقد الأجنبي.
الحكومة تحتاج إلى تنفيذ 3 محاور رئيسية لجذب الاستثمار
وتابع إذ كنا نتحدث عن جذب حقيقي للاستثمار نحتاج إلى تحقيق 3 نقاط أساسية، أولها تنفيذ تعهدات الحكومة الصادرة في وثيقة ملكية الدولة التي تم إصدارها منذ عام، التي فيها أن الدولة ستتخارج من مجموعة أنشطة على مدار 3 سنوات، ومر عام ولم يتم شيء، أيضًا أعلنت الحكومة أنه سيتم طرح عدد من الشركات من 33 إلى 40 شركة في البورصة المصرية ولم يتم ذلك حتى الآن، وأخيرًا والأهم ضرورة إفراج الحكومة المصرية عن البضائع والسلع الموجودة في الموانئ المصرية، أي توفر العملات الصعبة اللازمة للإفراج عن هذه البضائع، إذا قامت الحكومة بتنفيذ هذه النقاط الثلاث فأنا أرى أن ذلك سيكون رسالة لرأس المال العالمي والمحلي بأن هناك نشاط اقتصادي في مصر ويحقق أرباح وعليه سيتهافت ويسرع رأس المال العالمي للحصول على أرباح من الاستثمار في مصر، أما في ظل غموض الرؤية بشأن اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، ومدى قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها، وعدم طرح الشركات في البورصة، واستقرار سعر الصرف الذي يدور حوله لغط كبير جدًا ولا توجد توقعات حقيقة أو علمية واقعية عن سعر الصرف على الأقل خلال الـ 9 أشهر القادمة، فلن يتحقق الهدف بجذب أي استثمارات أجنبية.
السماح للأجانب باستيراد مدخلات الإنتاج يحل جزء من المشكلة
ومن جانبه أثنى الدكتور على الإدريسي، الأستاذ المساعد في قسم الاقتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، على القرارات الصادرة ضمن اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار، وخاصة خطوة السماح للأجانب باستيراد مستلزمات الإنتاج ومواد الخام، واصفًا الخطوة بالإيجابية، لحل جزء من المشكلة وتقليل حجم الضغط على تدبير العملة الأجنبية.
عوامل رئيسية تهم المستثمر للاستثمار في مصر
وقال «الإدريسي» أن المستثمر لديه مجموعة من المحددات الرئيسية التي يبحث عنها في كل دول العالم، أولها وجود استقرار سياسي وأمني وذلك متوافر في مصر، ثانيًا الشفافية والاستقرار الاقتصادي، إذ يحتاج المستثمر إلى معرفة الفترة المستقبلية وكيف ستكون السياسات الضريبة، والحكومة أعلنت أنها ستعلن السياسات الضريبة لمدة 5 سنوات قادمة، وهذه خطوة إيجابية.
يجب توحيد سعر صرف العملات
وأضاف أن هناك جزءا مرتبطا بسعر الفائدة، فأي مستثمر سيسأل نفسه بأي سعر سيتعامل في الدولة، بالسعر الرسمي للعملة في البنوك أم السعر في السوق السوداء وهذه مشكلة حقيقة، وعلى الدولة حسم ذلك بتوحيد السعر، ليتعامل بسعر صرف موحد حتى يتمكن من حساب الجدوى الاقتصادية للمشروع وتحديد التكاليف الاستثمارية التي منها شراء مستلزمات الإنتاج.
دور تحديد السياسات النقدية وسعر الفائدة في جذب الاستثمارات
وأشار إلى أن المستثمر يهتم بمعرفة أسعار الفائدة المرتبطة بالسياسات النقدية للدولة، فكلما زاد سعر الفائدة ترتفع تكلفة الاقتراض، وعليه تزيد التكاليف الاستثمارية وهذا يعد معوقًا لجذب الاستثمار، ودائمًا ينتظر الإجابة عن هل سيستمر هذا الوضع أم أن الدولة ستوفر مبادرات تقلل بها الآثار السلبية لرفع أسعار الفائدة، إضافة إلى معدلات التضخم التي كلما زادت أصبحت معوق أساسي لجذب الاستثمار لأنه يشتري بتكاليف عالية وفي النهاية المنتج النهائي تكلفة بيعه عالية وذلك يخلق حالة من الركود التضخمي، وعليه يهتم بمعرفة تفاصيل هل الدولة ستضع حلول لمواجهة هذا التضخم.
وأكد أن هناك عوامل أخرى يهتم المستثمر لتحديدها قبل الدخول للسوق، منها مستلزمات الإنتاج ومدى توافرها وهل تطبق سياسات حماية المنافسة في السوق أم أن هناك ممارسات احتكارية، وهل الدولة تشجع المنافسة أم لا، وهل هناك مزاحمة من القطاع العام ومؤسسات الدولة أم أن الأمر متروك للقطاع الخاص بنسبة كبيرة بأن يتنافس بشكل عادل.
إجراءات التخارج من السوق أكثر أهمية من تحويل الأرباح لدى المستثمر
وعن ضمانات تحويل الأرباح للخارج، قال «الإدريسي» أن هناك نقطة لا تقل أهمية عن تحويل الأرباح، وهي إجراءات التخارج، فالمستثمر يسأل عن إجراءات التخارج قبل الدخول للسوق، وفي مصر قانون الإفلاس قطع شوطًا كبيرًا فيه لكن هناك أجزاء لابد من حلها، وايضًا حل المنازعات، وقامت الدولة بإنشاء لجنة لحل المنازعات تابعة لرئاسة الوزراء، ولكن هناك سؤال يطرح نفسه هل تم القضاء على المنازعات كافة التي تواجه المستثمرين، أعتقد أنها تحتاج إلى جهد أكبر وتفاصيل أكبر.
الدولة وضعت وزارة العدل في «وش المدفع» لتعديل تشريعات الجهات المتداخلة في الاستثمار
وأشار إلى أن تعدد الجهات التي يتعامل معها المستثمر أحد معوقات الاستثمار، وأن الـ 22 بندًا مطالب من وزارة العدل أن تعيد النظر في التشريعات التي بها تداخل بين العديد من الجهات، وهنا يطرح سؤالين هامين أننا بدأنا قانون الاستثمار منذ 2017 أي من 6 سنوات، لم نأخذ بالنا طوال هذه المدة من أن القوانين بها تعارض، وثانيًا متى سيتم التنفيذ، إذ نجد أنه من خلال الـ 22 بندًا وضعت وزارة العدل في «وش المدفع» فهل وزارة العدل قادرة لوحدها على تعديل هذه التشريعات، ألم نكن نحتاج إلى حوار مجتمعي يشارك فيه رجال الأعمال في طرح مزيد من بنود التي يحتاجون إليها.
وأشار « الإدريسي» إلى أن ما قام به الرئيس السيسي من إصدار قرارات وإحياء المجلس الأعلى لاستثمار أمر هام، لكن كنت أتمنى أن يكون هناك نوع من مشاركة القطاع الخاص الذي يعاني ولديه مشكلات حتى لا توضع الحلول من خلال رؤية طرف واحد دون الأخر، وألا يكون المشاركون في الاجتماعات الشخصيات المكررة، بل أصحاب المشكلة الحقيقة، فالرئيس السيسي لديه من الشجاعة الكافية للاعتراف بأن هناك مشكلات، فالدولة اعترفت بأن لديها مشكلات، واستغرب على من ينكر وجود المشكلات بعد اعتراف الدولة بها، وحتى نتمكن من الحل يجب الاعتراف بالمشكلة ومعرفتها، وإذ أنكرنا المشكلات لن نتقدم خطوة للأمام، ونحن لدينا قدرات وإمكانيات وموارد تجعلنا نتخطى هذه الفترة على أفضل مما نتمنى.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.