القرآنيون مذاهب ومدارس، أحمد صبحي منصور ينفي النسخ بين الآيات، محمد شحرور يرفض الترادف اللفظي، بنور صالح يختلف حول الصلاة، وشيخ الأزهر: السنة ثلاثة أرباع الدين
على الرغم من أن جميع القرآنيين يعتمدون على القرآن باعتباره المصدر الوحيد للتشريع الإسلامي إلا أنهم ينقسمون إلى عدة مدارس، أشهرها أربعة: الأولى ويطلق عليها المدرسة المصرية ويتزعمها الدكتور أحمد صبحي منصور، والثانية يطلق عليها المدرسة السورية ويتزعمها الراحل الدكتور محمد شحرور، والثالثة تنتشر في بلاد المغرب العربي ويتزعمها بنُّور صالح، والرابعة ليس لها مؤسس معين لكنها تنتشر بين الشباب العربي خاصة في شمال أفريقيا.
المدرسة الأولى.. المدرسة المصرية ويتزعمها أحمد صبحي منصور
تقول هذه المدرسة إن القرآن هو المصدر الوحيد لمعرفة تعاليم الإسلام ولا تعترف بأي حديث نبوي مهما بلغت درجة قوته حتى ولو كان متواترًا.
اقرأ أيضًا:
كتاب: الصلاة بين القرآن الكريم والمسلمين
أبرز المعلومات عن أحمد صبحي منصور
وتقر هذه المدرسة الصلوات الخمس بكامل هيئتها وحركاتها وأوقاتها باعتبارها من السنة العملية المتواترة وأنها من بقايا ملة إبراهيم عليه السلام، لكنها تختلف في أمرين: الأول، وهو التشهد فلا تعترف بالتشهد المتعارف عليه بين أهل السنة وإنما تستبدله بالآية الكريمة (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وذلك لسببين الأول: أنه لا يجوز ذكر غير الله في الصلاة حتى ولو كان النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - طبقًا لقول الله تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) والسبب الثاني: وهو أنه ليس من المعقول أن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - حينما كان يصلي مثلنا كان يقرأ التشهد ويصلي على نفسه.
اقرأ أيضًا:
كتاب القرآن وكفى مصدرا للتشريع الإسلامي
الأمر الثاني الذي تختلف فيه هذه المدرسة في الصلاة هو عدم ذكر كلمة «آمين» بعد الفاتحة وذلك بسبب أنها ليست من القرآن بالإضافة إلى أنها كلمة وثنية تعني «آمون» أو «آمِن» وهو من آلهة الفراعنة والتي انتقلت إلى اليهودية ثم إلى المسيحية ثم الإسلام.
المدرسة المصرية تنفي النسخ في القرآن الكريم
اقرأ أيضًا:
كتاب لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن الكريم
ترفض المدرسة المصرية النسخ بين الآيات وتقول إن كلمة نسخ تعني «الإثبات» والكتابة وليس «الإلغاء» فعندما نقول نسخت الكتاب أن كتبت منه نسخة ثانية ولم ألغيه.
وتؤكد هذه المدرسة أن النسخ بمعنى «الإلغاء» لا يجوز في حق الله عز وجل لأن الله لا يضع حكمًا ثم يغيره بعد فترة من الزمن، وأن هذه العملية تعتبر «بِداء» لا يليق بالمولى عز وجل، أي أن يضع حكمًا ثم يبدو له أن هذا الحكم غير مناسب فيغيره.
وترى هذه المدرسة أن القرآن الكريم آيات بينات لا تحتاج إلى تفسير وأن كلمة تفسير توحي بأن الله أرسل كتابًا غامضًا يحتاج إلى من يفسره لكن الله تعالى يقول: (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ) ويقول أيضًا (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ).
وتستنبط هذه المدرسة الأحكام الشرعية من القرآن مباشرة من خلال جمع الآيات ذات الموضوع الواحد ودراستها كوحدة واحدة واستخلاص الحكم الشرعي منها، فإذا أردنا أن نعرف ما حكم العدل في القرآن نجمع كل آيات العدل وندرسها كوحدة واحدة.
وتقول هذه المدرسة إن القرآن هو أحسن الحديث ولا يجوز الالتفات إلى حديث غيره (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ) ويقول الله تعالى أيضًا (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ)، كما تقول إن القرآن اشتمل على جميع التشريعات والأحكام اللازمة للمسلمين، ولم يفرط في شيء (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) حتى أن أبسط الأحكام ذكرها مثل حكم رد التحية وحكم التفسح في المجالس فيقول الله تعالى، في كتابه (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).
كما تقول هذه المدرسة إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتكى لله من امته بسبب هجرها للقرآن وهو ما يحدث حاليًا فيقول الله تعالى في كتابه (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا).
المدرسة الثانية.. المدرسة السورية ويتزعمها الدكتور محمد شحرور
وتتميز هذه المدرسة بعمقها وتشعبها ومرونتها حيث وضع الدكتور محمد شحرور منهجًا متكاملًا لها، وتتخذ هذه المدرسة القرآن محورًا أساسيا لها، وترى أن الأحاديث، وما ورد في كتب التراث هو مجرد تشريعات مدنية وضعها النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - لتنظيم أمور المجتمع ولإدارة أول دولة مدنية في التاريخ بالمدينة المنورة، وأن الزمن تجاوز هذه التشريعات باعتبارها تشريعات مدنية محصورة في زمنها ومؤقتة بوقتها.
اقرأ أيضا:
كتب محمد شحرور
الدكتور محمد شحرور
وتقول هذه المدرسة إنه يجب التفرقة بين محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين محمد الرسول - صلى الله عليه وسلم- فحينما يتصرف النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - باعتباره نبيًا فإن ما يصدر عنه أمرًا خاصًا به باعتباره بشر وقائد جيش وقائد دولة وأب وزوج، وهو أمر غير ملزم لجميع المسلمين، وأن مقام النبوة يحتمل الخطأ والصواب والنبي - محمد صلى الله عليه وسلم - ليس معصوما في مقام النبوة ولكن معصومًا في مقام الرسالة وتبليغ القرآن، وقد يلجأ إلى تقييد الحلال لأسباب تقتضيها الدولة التي أسسها فيعاتبه الله على ذلك (يا أيُّها النبيُّ لم تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ)، (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ)، (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) ، (عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى) فاللوم والعتاب يأتي للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من الله باعتباره نبيًا وليس رسولًا وظهر ذلك في قول الله تعالى «يا أيها النبي» وليس «يا أيها الرسول» لأن النبي محمد في مقام النبوة ليس معصومًا وإنما معصوم في مقام الرسالة فقط وهي مقام تبليغ القرآن الكريم.
وترفض هذه المدرسة الترادف اللفظي في القرآن وتقول إن أي تغيير يطرأ على مبنى الكلمة في القرآن يتبعها تغيير في معناها وبالتالي كل لفظ في اللغة له دلالة معينة فمثلًا كلمة القرآن غير كلمة الفرقان غير كلمة الكتاب، وكلمة السنة غير كلمة العام، وكلمة يستطيع غير كلمة يسطع، والإسلام غير الإيمان.
يذكر أن مدرسة عدم الترادف هي مدرسة قديمة أسسها «الفراهيدي، وثعلب، وابن جني، والجرجاني».
وترى هذه المدرسة أن ترتيل القرآن لا يعني قراءته وإنما وضع الآيات ذات الموضوع الواحد في رتل واحد لاستنباط الأحكام منها وأن كلمة رتل تعني وضع الأشياء المتشابهة في صف واحد مثل رتل دبابات أو رتل مدرعات.
وتركز هذه المدرسة على المعاملات والشورى والحرية أكثر من الشعائر أو العبادات وترى أن العبادة الحقيقية هي حسن الخلق وأن الشعائر من صلاة أو زكاة أو صوم هي وسيلة فقط لتحسين الخُلق وليست هدف في حد ذاتها، كما أنها تحصر المحرمات في 14 محرما فقط، وترى أن الصلاة 4 مستويات وأن الحد الأدنى للصلاة هو صلاة الجمعة.
اقرأ أيضا:
المحرمات عند محمد شحرور
تؤكد مدرسة محمد شحرور أهمية تطوير الفقه الإسلامي باعتباره علمًا من العلوم القابلة للتطوير فعلم الكيمياء مثلًا تطور ولم يلغي القديم منه الجديد، فعلماء الكيمياء قديما كانوا يقسمون الطبيعة إلى أربعة عناصر رئيسية «التربة، والهواء، والنار، والماء» وهو تقسيم صحيح في عصرهم طبقًا لأرضيتهم المعرفية المتواضعة في ذلك العصر، ومع اكتشاف المعادن تم وضع جدول مندليف، ومع تطور علم الكيمياء تم وضع الجدول الدوري، وتقول هذه المدرسة إن علم الفقه يشبه علم الكيمياء وقابل للتطوير حسب الأرضية المعرفية لكل عصر، ففقه الإمام الشافعي صحيح في عصره لكن الأرضية المعرفية تطورت بشكل مذهل مما يستوجب وضع فقه جديد طبقًا لأدوات العصر الحاضر.
ووضعت هذه المدرسة أبواب جديدة في الفقه تم إغفالها قديمًا مثل فقه الشورى وفقه الحرية كما وضعت تعريفات جديدة للمصطلحات الإسلامية واهتمت بـ فقه المرأة.
اقرأ أيضًا:
كتاب الدولة والمجتمع.. دراسات إسلامية معاصرة
الكتاب والقرآن.. قراءة معاصرة
تتفق مدرسة محمد شحرور مع مدرسة أحمد صبحي منصور في رفض النسخ بمعنى الإلغاء بين الآيات، وتقول إنه لا يجوز النسخ في الشريعة الواحدة، لكنها تقول إن النسخ يجوز بين الشرائع فشريعة موسى - عليه السلام - بها الكثير من الأحكام المشددة التي تم نسخها في رسالة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك بهدف التخفيف.
المدرسة الثالثة.. يتزعمها بنٌّور صالح
هذه المدرسة تشبه إلى حد كبير المدرسة المصرية وتتفق معها في الكثير من المبادئ لكنها تختلف معها في مسألة الصلاة فتقول إن الله لم يفرط في الكتاب من شيء (ما فرطنا في الكتاب من شيء) وأن الصلاة منصوص عليها بالتفصيل في القرآن، وأن القرآن الكريم ذكر أشياء أقل أهمية من الصلاة مثل حكم رد التحية وحكم التفسح في المجالس، وليس من المعقول أن يذكر القرآن هذه الأحكام ولا يذكر تفصيل الصلاة، ولكن هذا التفصيل جاء مقتضبًا بهدف ترك مساحة للحرية في التصرف، فحينما يصمت التشريع عن شيء معين يكون بهدف ترك مساحة لحرية التصرف وعدم التشدد، وضربت هذه المدرسة مثلًا على ذلك بقصة بقرة بني إسرائيل فمع كثرة سؤالهم عن أوصاف البقرة تم التشديد عليهم ولو قاموا بتنفيذ الأمر وذبحوا أي بقرة لانتهت القصة في وقتها.
وتقول هذه المدرسة أن الصلوات ثلاثة فقط وتستند إلى هذه الآية (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ) وبحسب تفسيرها فإن هذه الصلوات هي الفجر والوسطى والعشاء أي «الطرف الأول للنهار أي بدايته، والطرف الآخر للنهار أي نهايته، وقريبا من الليل».
أما عن وصف الصلاة فهي قيام وركوع فقط ويقصد بالركوع هنا السجود وليس الانحناء ويقرأ في القيام القرآن والدعاء وفي الركوع التسبيح.
اقرأ أيضًا:
ثلاث صلوات في القرآن.. بنور صالح
المدرسة الرابعة.. تقر النسخ بين الآيات
هذه المدرسة ليس لها مؤسس معين لكنها منتشرة بين الشباب العربي وهي تتفق مع جميع المدارس السابقة في أن القرآن هو المصدر الوحيد للتشريع إلا أنها تختلف عنها في أنها تقر النسخ بين الآيات وتعتمد قاعدة أن «الآية ذات الحكم الأخف تنسخ الآية ذات الحكم الأشد» وأن الخيرية التي وردت في آية النسخ يقصد بها التخفيف فيقول الله تعالى (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) فيتم نسخ الآية ذات الحكم الأشد بخير منها في التخفيف، وتستبدل هذه المدرسة الصلاة بذكر الله والتسبيح فقط.
رد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب
ورد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على بعض الأصوات التي تشكك في بعض الأحاديث النبوية الشريفة.
وتصدى الإمام الأكبر، لقضية التشكيك في السنة، في كلمة قوية أثناء إحدى الاحتفالات بذكرى ميلاد الرسول - صلى الله عليه.
وقال الطيب، في كلمته، إن الصيحات التي دأبت على التشكيك في قيمة السنة النبوية هي لشخصيات تاريخية كان لها ولاء للاستعمار.
وأضاف الإمام الأكبر أن استبعاد السنة يعني ضياع ثلاثة أرباع الدين.
ولفت إلى أن من يزعم أن السنة ليست لها أي قيمة تشريعية في الإسلام، وأن القرآن وحده هو مصدر التشريع ولا مصدر سواه، يضرب عرض الحائط بما أجمع عليه المسلمون من ضرورة بقاء السنة إلى جوار القرآن جنبا إلى جنب، وإلا ضاع ثلاثة أرباع الدين ومنها على سبيل المثال الصلاة.
وقال: «فمن المعلوم أن الصلاة ثابتة بالقرآن الكريم، لكن لا توجد آية واحدة في طول القرآن وعرضه يتبين منها المسلم كيفية الصلوات الخمس، ولا عدد ركعاتها وسجداتها ولا هيئاتها من أول تكبيرة الإحرام إلى التسليم من التشهد الأخير، وأن هذه التفاصيل لا يمكن تبينها ومعرفتها إلا من السنة النبوية التي هي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام، وحين طولب أحد المنكرين لحجية السنة بإقامة الدليل على هيئات الصلاة من القرآن فقط حتى يتبعه المسلمون، قال، وهو غارق إلى أذنيه في قياس الإحراج، إن القرآن لم يأمرنا إلا بإقامة الصلاة، أما كيفية أداء الصلاة فأمر متروك لرئيس الدولة ويحدده بمشورة مستشاريه حسب الزمان والمكان».
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.