رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء صينيون: الجيش يسعى لتلبية مطالب المصريين.. حل الأزمة السياسية يتطلب مرونة من الجميع.. اهتمام عالمي للوضع في القاهرة.. "الإخوان" أمامها طريقان إما قبول عزل مرسي أو التطرف ومواصلة الاحتجاجات


قال (دونغ مان يوان)، نائب رئيس معهد الصين للدراسات الدولية، إن الإجراءات التي اتخذها الجيش المصري بدءًا من ثورة 30 يونيو وحتى ما بعد حصوله على تفويض من الملايين بالتصدي للإرهاب يوم 26 يوليو الجاري، تظهر عزمه التام على تلبية إرادة الشعب وتؤكد أن عزل مرسي ليس "انقلابا عسكريا" وإنما ثورة شعبية.


وأوضح الخبير السياسي الصيني - في تقرير عن تطورات الأحداث الداخلية بمصر نشر بوسائل الإعلام الصينية اليوم الأربعاء - أن الجيش المصري يدعم عمل الحكومة المؤقتة ذات الكفاءات، ويؤكد مرارًا أن جميع القوى السياسية في مصر مدعوة للمشاركة في المصالحة الوطنية التي من شأنها أن تحقق سلاما مجتمعيا دائما في إطار رحلة المسار الانتقالي التي لا تزال تواجه بعض التحديات.

وقد نشرت وسائل الإعلام الصينية اليوم - في تغطيتها لتطورات الأوضاع الداخلية في مصر - عددا من المقالات والتحليلات والتي أشارت خلالها إلى أنه في ظل اهتمام عالمي بالغ بالوضع المصري، وصلت كاثرين أشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوربي مؤخرًا إلى القاهرة لبحث سبل تسوية الأزمة التي تعيشها مصر وسط خروج مسيرة أطلقوا عليها "مليونية الشهداء" لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي وتحذير القوات المسلحة المصرية من الاقتراب من المنشآت العسكرية وتأكيدها أن مصر تدار بواسطة مؤسسات قادرة على قيادة البلاد خلال المرحلة الحالية.

ومع آمال الجميع في أن تتجاوز الأرض الطيبة مصر سريعا حالة عدم الاستقرار السياسي، قال الخبراء الصينيون إن تجسيد المصالحة الوطنية على أرض الواقع هو ما ينشده المصريون بجميع طوائفهم ويتمناه المجتمع الدولي بأسره، مؤكدين أن تبديد حالة التوتر في الحياة السياسية المصرية بحاجة إلى مرونة من جميع الأطراف.

وأضاف الخبير الصيني (دونغ) أنه في ضوء إصرار جماعة الإخوان على مواصلة الاحتجاج، فإن الجماعة في طريقها إلى الانقسام إلى فئتين: فئة تسلك طريق التطرف وتهدف إلى مواصلة احتجاجات الشوارع في أصقاع البلاد للمطالبة بالإفراج عن مرسي وعودته إلى السلطة وعودة العمل بالدستور الذي تم إقراره خلال حقبته، وفئة أخرى تميل إلى قبول عملية عزل مرسي على مضض لتحظى بأهلية المشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة بعد ستة أشهر، مضيفًا أن الفئة المتطرفة مازالت هي التي تقود دفة الإخوان المسلمين في الوقت الراهن.

وأعرب دونغ عن اعتقاده أن استمرار التظاهرات والاعتصامات التي ينظمها مؤيدو مرسي وتحولها إلى أعمال عنف في المدن المصرية الكبرى قد يجعل الأصوات المنادية بحل حزب الحرية والعدالة لسان حال جماعة الإخوان المسلمين تتعالى شيئا فشيئا، ولا سيما بعد يوم 30 يونيو الذي شكل لحظة فارقة في مستقبل الجماعة على الساحة السياسية المصرية.

من جانبه قال (ما شياو لين)، الخبير الصيني في شئون الشرق الأوسط، إن جماعة الإخوان المسلمين لابد أن تستقى العبرة من التاريخ وإلا ستفقد كل شيء، مدللا على ذلك بتصريحات زعيم سابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية بعد عزل مرسي دعا فيها الجماعة إلى عدم اللجوء للعنف وعدم تكرار الأخطاء التي وقعت فيها التيارات الإسلامية في الماضي بدول الجوار.

وفي ظل الدعوات التي أطلقتها قيادات جماعة الإخوان المسلمين لأنصار مرسي للخروج إلى الشوارع والميادين، يشير (يين قانغ)، الباحث في معهد دراسات شئون غرب آسيا وشمال أفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، يشير إلى أن عزل مرسي يعد بمثابة نكسة تعرضت لها الإخوان المسلمين، قائلا إنه إذا ما استمرت الجماعة في لغة التهديد والعنف، وهو ما أكد الجيش مرارا أنه لن يقبله وسيرد عليه بكل حزم، فستواجه الإقصاء من المجتمع وقد يتم التعامل معها في نهاية المطاف على أنها جماعة إرهابية لتدفع بذلك الثمن غاليًا.

بدوره أوضح (آن هوي هو) سفير الصين السابق لدى مصر، أن الجيش المصري، الذي يرصد العالم كل خطواته يوما بيوم، يتعامل بحذر مع جماعة الإخوان المسلمين، التي أسست قاعدة شعبية واسعة بمصر في السنوات الماضية، حتى يضمن عدم تفاقم الوضع المتأزم في البلاد بين مؤيدي مرسي ومعارضيه.

واستطرد الدبلوماسي الصيني قائلا إن الحقائق كشفت أن انخراط جماعة الإخوان المسلمين في الحياة السياسية لن يتحقق بين ليلة وضحاها، ولاسيما بعد تجربتها في حكم مصر لمدة عام كامل، وأن عليها الرضوخ أولا لرأي الأغلبية وتقبل خارطة الطريق التي طرحها الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع لتشارك جميع الفصائل السياسية الأخرى في صناعة مستقبل زاهر لمصر.

وتضمن تقرير الإعلام الصيني الإشارة في هذه الآونة، إلى متابعة الأسرة الدولية عن كثب تطورات الأوضاع في مصر وتكثف جهودها لمساعدة المصريين على الخروج بسلام من المأزق الحالي، حيث أجرى وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل يوم الثلاثاء اتصالا هاتفيا بالفريق أول عبد الفتاح السيسي دعا خلاله إلى ضرورة ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات الحالية بينما زارت أشتون مصر مرتين في أقل من 12 يوما لتضطلع بدور وساطة بين الأطراف المعنية.

من جانبه، قال (وو سي كه)، المبعوث الصيني الخاص لشئون الشرق الأوسط، إن السلام هو التيار السائد لعصرنا الحالي، ومن ثم يتعين على جميع الأطراف في مصر وقف أعمال العنف وتغليب المصلحة العليا للوطن، في معرض إشارته إلى ضرورة أن تتخلى جماعة الإخوان المسلمين عن فكرها المقتصر على تحقيق مصلحة الجماعة دون سواها.

وأشار التقرير إلى دعوة وزير الخارجية الصيني (وانغ يي) - في اتصال هاتفي مع نظيره نبيل فهمي الأطراف المعنية في مصر - إلى نبذ العنف تجنبا للمزيد من إراقة الدماء، قائلا: "إن الصين تأمل في أن تتمكن القوى السياسية في مصر خلال الفترة المقبلة من تضييق هوة الخلافات والوصول للسلام والاستقرار الاجتماعي في أسرع وقت ممكن من أجل دفع عجلة العملية الانتقالية السياسية الجديدة في البلاد إلى الأمام، وهو ما لا يصب فقط في صميم مصلحة الشعب المصري، وإنما في مصلحة السلام والاستقرار في أرجاء منطقة الشرق الأوسط".

وانطلاقا من فهمه للمجتمع المصري العريق، قال السفير الصيني (آن هوي هو)، إن تحقيق المصالحة الوطنية عبر الحوار ومشاركة الإخوان المسلمين في بناء السلام المجتمعي هما السبيل الرئيسي لعودة الهدوء إلى ربوع مصر ولتهيئة الأجواء لكي تباشر الحكومة المؤقتة عملها وتدفع الاقتصاد للوقوف على قدميه، ما سينعكس حتمًا على أحوال المصريين الكادحين ومعيشتهم.
الجريدة الرسمية