في ذكرى رحيل الرجل الذي أسس جهاز المخابرات!
بعيدا عن الإنشاء وعبارات الخطابة الرنانة فلا تنطبق أصلا عن رجل ضرب المثل في العمل والفداء والحركة والعطاء والصرامة ثم الصمت القاتل عن الضرورة! لا توجد معركة أثناء توليه المسئولية لم يشهدها ولا يوجد منصب في حياته العملية لم يتوله.. من حروب 48 إلى 56 إلى 67 ومن الفالوجا والمجدل وبيت جبريل في فلسطين إلى السويس بورسعيد والإسماعيلية.
ومن واحد من الضباط الأحرار إلى عضو مجلس قيادتها ومن رئاسة المخابرات الحربية إلى مسئول عن تأسيس أحد أهم أجهزة مخابرات الدنيا.. مخابراتنا العامة المصرية.. وعلى أسس علمية ومتطورة ليحتل الجهاز مكانته المرموقة بين أجهزة العالم وبسرعة مدهشة..
ومن وزير للداخلية إلى رئيس للوزراء ومن نائب رئيس الجمهورية إلى رئيس للجمهورية ليوم واحد عقب تنحي الزعيم عبد الناصر، ومن العطاء لدولة الوحدة مع سوريا إلى العطاء في السد العالي ومن الإشراف على تنفيذ خطة الثورة إلى الإشراف على تنفيذ مهمة حصار القصور الملكية وإنهائها دون أزمات!
تاريخ زكريا محيي الدين
تاريخ طويل ومجيد لابن عائلة محيي الدين العريقة بكفر شكر بالقليوبية والتي قدمت للعمل العام خالد وفؤاد ومحمود محيي الدين بتنوعهم الفكري والأيدولوجي من أقصي اليسار إلى أقصى الرأسمالية ومن المخاطرة إلى الحياة الناعمة في ريف القليوبية الطيب ومن الخلاف مع الزعماء إلى العمل معهم ومن معادات المؤسسات الدولية إلى العمل لها وفيها!
هذا الرجل.. زكريا محيي الدين.. الذي لم تغب عنه ابتسامته التي تفصح عن خليط من روح مرحة مع صرامة لا مثيل لها مع ذكاء حاد مع ثقة بالنفس رفض تنحي عبد الناصر له عام 1967 وتولي لساعات إدارة شئون البلاد وبقي لسنوات طويلة ظل ناصر ورجل مهامه الصعبة وعند الخلاف والرغبة في الراحة من سنوات عمل شاقة اختار الصمت رفيقا حتي ضرب المثل في نصف قرن إلا قليلا من الصمت القاتل لا يعرف إلا الحقل رفيقا أبديا يشرف علي مزارعه التي ورثها.
اختطفه العمل العام منها.. وعاد إلى الريف حتي لبي نداء ربه لم تمسه شائعة واحدة ورحل كغيره من رجال يوليو دون ما يمس الكبرياء والشرف والذمة المالية.. رحل وله فوق أرض بلادنا ما يشهد -وسيشهد- على ما قدمه وإلى عشرات السنين!
رحم الله زكريا محيي الدين.. الذي يجب أن يعرف تاريخه كل أبناء شعبنا.. وقد رحل مثل هذا اليوم في العام 2012 مطمئنا -وهو ابن الجيش العظيم- إن في مصر من يحميها من أعداء الخارج والداخل على السواء!
