رئيس التحرير
عصام كامل

الشرق الأوسط العربي الجديد

بينما تتصارع القوى الدولية على منطقة الشرق الأوسط وتسعي لوضعه تحت الوصاية بمشاريع ومزايدات لا تخرج من المنطقة أي مبادرات سياسية مبدعة منذ فشل الثورة العربية وسقوط الخلافة العثمانية، ورغم الإصرار على منح الشرعية للدولة العبرية كدولة يهودية راح البعض يروج لأكذوبة الديانة الإبراهيمية.. 

 

لان الدين عند الله الاسلام ولو أراد الله الناس امة واحدة وديانة واحدة لكان يسيرا علي الله، ولكن دفع الله الناس بعضهم لبعض حفاظا علي استمرار مسيرة الحياة، المهم الآن إن هناك مبادرات لإعادة صياغة المنطقة ورسم الخرائط، وكأن أبناء المنطقة مفعول بهم منذ فشل الثورة العربية والتي كانت مجرد حركة تمرد مسلحة مدعومة من قوات الحلفاء..

 

فقد كان عدد قوات الشريف أربعة آلاف مقاتل جلهم غير مدربين، مسلحين بأسلحة بدائية ومنذ سقوط الدولة العثمانية والتي امتدت لأكثر من ستة قرون، وامتدت رقعتها الجغرافية إلى آسيا وأوروبا وأفريقيا، وكان هذا الانتشار الواسع للدولة العثمانية سببًا في عداء أوروبا المسيحية لها، فعملت على تقويض أركانها.. 

 

وشكلت ضدها الأحلاف والتكتلات غير أن عوامل الضعف والتآكل بدأت تضرب في أوصال الإمبراطورية العثمانية، فكان سقوطها في الداخل توطئة لسقوطها وزوال خلافتها حينما ضعفت عسكريًا أمام روسيا القيصرية، حتى أطلق عليها القيصر الروسى «نيقولا الأول» لقب «رجل أوروبا المريض».


وكان اليهود يسيطرون على كل شيء، والسلطان كان دمية بأيديهم.. فكان لابد من تحرك الشعوب وإسقاط حكم تلك الدولة التي ظاهرة دولة عثمانية وحقيقتها دولة قومية يهودية. وتم إلغاء الخلافة العثمانية وإعلان الجمهورية التركية 3 مارس 1924.. 

 

ويعيد التاريخ نفسه بمعارك بين العرب والاتراك والإيرانيون والاكراد في حروب أهلية مدمّرة وهو ما يدفع الغرب لاطلاق وعود ومبادرات كالشرق الاوسط الكبير وانشاء منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة الأميركية والشرق الأوسط في غضون 10 سنوات.. 

أربع طبعات خلافة إسلامية

وفي إطار الترتيب الزمني لهذه المشروعات، جاء مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يشمل الدول العربية، بالإضافة إلى إيران وتركيا واسرائيل وأفغانستان، ووسط ذلك تتنازع عدة دول بالمنطقة للشرق الاوسط الاسلامي وكل منهم يحمل سيفه الإيديولوجي السماوي الخاص، وأيضًا مشاريعه الأرضية الجيو- سياسية الخاصة. 

 

أي أربع طبعات خلافة إسلامية متناقضة، ومتصارعة، ومتحاربة، لن تسفر في نهاية المطاف سوى عن تأبيد الحروب والانفجارات الأهلية الراهنة، بل ربما حتى أيضًا عن تسديد رصاصة الرحمة إلى صدع الحضارة الإسلامية، التي كانت تقود العالم في مرحلة ما في كل مجالات العلم والتكنولوجيا والطب والفلك.. 

 

فهناك تركيا، والسعودية، وإيران تتصارع على ملء الفراغ النسبي الذي خلفته الولايات المتحدة غداة حربي العراق وأفغانستان، وهناك مشهد يظهر فيه بعض خلفاء إسلاميون جدد، يدّعي كلً منهم أنه أمير كل المؤمنين، ويحمل كلٌ منهم عتاده الإيديولوجي والفقهي الذي يُفترض أن يؤهله لحمل صولجان الخلافة.. 

 

أولًا في الشرق الأوسط الكبير الإسلامي وأولهم أردوغان الذي أفصح عن هذا الطموح عبر خيار العثمانية الجديدة، أو العمق الاستراتيجي لتركيا الذي أفاض داوود أوغلو في التنظير له. وهناك السعودية فالمملكة السعودية، ومنذ نشأتها على الأسس الوهابية، تعتبر نفسها مركز العالم الإسلامي دينيًا، ثم زعيمته السياسية بعد انتاج النفط، ثم قائدته السنّية مع صعود القوة الشيعية في إيران عام 

1979.

وبالتالي مايفعله الأمير محمد ليس المطالبة الضمينة مجددا بالخلافة، فهي موجودة أصلا، بل الدفاع عنها في وجه منافسيها الجدد. والواقع أنه نجح حتى الآن في تسجيل نقاط عدة لصالحه في هذا المجال، خاصة بعد أن رد نصل الإخوان المسلمين إلى نحرهم في مصر واليمن وبقية الدول العربية..

 

 

وهناك ايران التي تعتقد  أن زعامتها للأمة الإسلامية حصيلة طبيعية لولاية الفقيه، وقد عانت منذ البداية من الهزال بسبب صبغتها الطائفية الشيعية الواضحة والعلنية. وهذا ما جعل كل سياسات إيران المنفتحة على الجماهير السنّية في الشرق الأوسط وعلى  قضية تحرير فلسطين، تصطدم بالعلاقة المختلة حاليًا بين الأكثرية السنّية والأقلية الشيعية في العالم وفي ظني انه يمكن خلق شرق اوسط  اسلامي جديد بمرجعية الأزهر الشريف لو خلصت النوايا والاستفادة مما سبق من دروس التاريخ، وربما كانت كل الظروف مهيأة للقمة العربية أن تطور أفكارها وتدعوا للشرق الأوسط العربي.

الجريدة الرسمية