الصاحب بالجنب
ذكر القرآن الكريم “وَالْجَارِ الْجُنُبِ” وهوالجار الذي لا قرابة بينك وبينه، ويسكن بالقرب منك، وله عليك حقوق أقرها الإسلام وحرم الاعتراض له أو إيذاءه، أما "وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ" فيقول ابن مسعود -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: الصَّاحِبُ بِالجَنْبِ: الزَّوْجَةُ، ورأى آخرون أن المُرَاد بِهِ الصَّاحِبُ في السَّفَر، وَقِيلَ: رَفِيقُكَ الذي يُرَافِقُكَ في سَفَرٍ أَو حَضَرٍ.
وأمر رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ- بالإحسان إلى الجار، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» وحذر مِنَ الإِسَاءَةِ إِلَي الجار، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ-: «وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ»، قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ»
من عجائب الوصايا القرآنية وجوب الإحسان إلى الصديق، وذلك بقوله تعالى: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ ﴾ من الطبيعي أن يوصي القرآن الكريم بالإحسان إلى الوالدين، وذوي القربى، واليتامى، وما إلى ذلك.. لكن أن يوصي بالإحسان إلى أناس أحببناهم في مسيرة حياتنا، مرّوا علينا مثل الطيف على مَرِّ هذه الحياة الطويلة فقد أوصى القرآن الكريم بالإحسان إلى الصاحب بالجنب في قوله تعالى من سورة النساء: ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾..
والصاحب بالجنب قد يكون زميل الدراسة أو رفيق العمل أو المصاحب بالسفر وكل من وقف بجانبك في موقف مهم لك لكل هؤلاء أوجب القرآن الكريم الإحسان لهم، بعد أن جمعهم بصفة واحدة هي (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ) فياله مهما صغرت الفترة الزمنية التي التقيناه فيها.
وهذا يدل على أنَّ الجيرانَ يُعتبر قربهم وبُعدهم بالأبواب، لا بالجدران؛ ولهذا لما قالت عائشةُ رضي الله عنها: إنَّ لي جارين، فإلى أيِّهما أُهْدِي؟ قال: إلى أقربهما منكِ بابًا، فالجيران يتفاوتون كما تقدَّم: جارٌ قريبٌ له حقَّان: حقّ الجوار، وحقّ القرابة. وجارٌ قريبٌ مسلمٌ له ثلاثة حقوقٍ: حقّ الجوار والقرابة والإسلام. وجارٌ كافرٌ ليس له قرابةٌ، له حقٌّ واحدٌ..
الصحن الدوار
فهكذا من جهة قرب الأبواب، كلما كان الجارُ أقربَ بابًا كان أولى بالعناية بحقِّ الجوار من الصِّلة والهدية وغيرهما من أنواع المعروف، وإذا تيسَّر اتِّساعُ الأمر وتعميم الجيران فذلك خيرٌ عظيمٌ.
وهناك الصحن الدوار، كان ولايزال مدخلًا لأجواء فرح ومودة لا مثيل لها بين الجيران،وهذه العادة تزيد من أجواء المحبة والألفة بين الناس، فهذا الصحن يحمل معه إلى جانب الطعام مشاعر التذكر والدعوة الصالحة والحب وغيرها من المشاعر الإيجابية التى كانت تزيد من المحبة بين الجيران بعضهم البعض، والتى علمتها الجدات والأمهات منذ قديم الأزل للأجيال الأخرى..
والتى كانت ترسلها الجدة أو الأم بصحن الطعام لجارتهم الفقيرة، وهو طبق يبدو صغير الحجم، ولكن قيمته كبيرة، تعبر عن الشعور بالسعادة والتضامن والتكاتف بين الجيران والأهل والأصحاب، لعله يعود إلى جيل الطيبين. والطبق الدوار، الذي يحوي بعض الحلوى أو الطعام، يخرج من منزل ليدخل الآخر، قبيل آذان المغرب طوال شهر رمضان الكريم.
ويتم اعداده غالبا بعد انتهاء الطبخ تضع الامهات في الطبق من كل شكل ولون طعام، للجيران وتحرص الكثير من الأسر خاصة في الريف والمناطق الشعبية في تبادل الحلويات عقب الأفطار بداية من أول يوم رمضان وفي باقى أيام الشهر حيث ترسل الأسر الطبق بالحلويات ولا يعود فارغا حيث ترده الأسرة بحلويات أو مأكولات أخرى وهكذا ويظل الطبق الدوار يلف على الجيران والأصدقاء طوال شهر رمضان..
ويظل طبق الكحك الداير تقليد جميل بحيث يحرص كل منزل علي إرسال صباح اليوم الاول للعيد، طبق كحك ليتذوق في النهاية الشارع كله عمايل ايد كل بيت، وهذا تقليد يظهر المعدن الطيب ويزيد من روابط الجيرة والحب بين العائلات والجيران".