تصميم عمارة الأسبلة في القاهرة القديمة (صور)
الأسبلة في القاهرة القديمة، حظت مدينة القاهرة بنصيب وافر من الأسبلة التي تبارى الخيرون من سكانها على إنشائها بقصد توفير ماء النيل المعد للشرب على مدار السنة فى الوقت الذي لم تعرف فيه الوسائل الحديثة للإمداد بالمياه.
يعد السبيل من المنشآت المائية التي أقيمت لخزن الماء العذب من النيل المبارك وتسبيله على المارين من خلق الله أجمعين وهو منشأة خيرية عرفت عند كل الأديان إلا أنها كانت سمة من سمات المسلمين فى معظم مناطق العالم الإسلامي وبخاصة في الجهات قليلة الماء.
تكوين الأسبلة في القاهرة القديمة
تتكون عمارة السبيل من طابقين الطابق الأول والذي يعرف بالصهريج وهو مصطلح وثائقي ويجمع صهاريج، وهو المصنع المبنى تحت تخوم الأرض لخزن المياه فيه، وكلما فرغ ماء السبيل يملأ منه حتى ينفد ماؤه على ميعاد ملئه.
وقد اتخذ شكلًا ثابتًا قريبًا من المربع أو المستطيل ومغطى بقباب ضحلة تحمل على عقود مرتكزة على أعمدة ولكل صهريج خرزة حجرية أو رخامية.
ويعد الصهريج العنصر الأساسي في مكونات الأسبلة بالقاهرة القديمة بل أساس وجوده، ومن المعروف أن الصهريج كبناء أسفل السبيل مصري الأصل ظهر قبل العصر العثماني ومصاحبًا لعمارة السبيل منذ نشأته.
مكونات الصهريج بالأسبلة بالقاهرة القديمة
ويحتوي الصهريج على ثلاث فتحات وتعد حلقة الوصل بينه وبين السطح الخارجي، الفتحة الأولى لتزويده بالماء العذب وتغلق بإحكام بواسطة خرزة رخامية عقب امتلاء الصهريج، والثانية فتحة مأخذ تستعمل في رفع الماء منه ونقله الى أحواض التسبيل، والثالثة فتحة النزول الخاصة بتنظيفه وتطهيره وتبخيره قبل امتلائه.
حجرة التسبيل وملحقاتها بالأسبلة في القاهرة القديمة
ولا تقل حجرة التسبيل في الطابق الثاني أهمية عن الصهريج لقيامها بدور الوسيط بين الصهريج والجمهور، لذا أبدع المعمار في تجهيزها لتقوم بمهمتها على خير وجه.
فوضع بصدرها شاذروان لتبريد وتنقية المياه وبواجهتها شبابيك التسبيل وبأرضيتها أحواض ليأخذ المواطنين الماء كما وضع أمام الشبابيك لوحًا رخاميا لوضع كيزان الشراب عليها، وبني أمامه مصطبة لوقوف المارة عليها أثناء الشراب لتوفير مزيد من الراحة، كما أضاف الروعة في تصميم وزخرفة أرضية الحجرة وسقفها.
وقد يحتوى السبيل على محراب وتعد حجرة التسبيل المكون الأساسي للطابق الثاني في الأسبلة بالقاهرة القديمة والتي أطلقت عليها معظم الوثائق في العصر العثماني اسم "مزملة" وهو نفس المصطلح الذي كان يعني قبل العصر المملوكي القدر الفخاري الذي يلف بالقماش المبلول لحفظ الماء دون عفنه، أما في العصر العثماني فتغير مدلول اللفظ وأطلق على حجرة التسبيل نفسها.
الشكل المعماري لحجرة التسبيل بالقاهرة القديمة
واتخذت حجرة التسبيل شكل مستطيل أو مربع في القرن السادس عشر والسابع عشر وحتى منتصف القرن الثامن عشر، أما في بداية النصف الثاني من القرن الثامن عشر ظهر شكل جديد الى جوار الأشكال السابقة وهو الهيئة المقوسة متأثرة بالتراث التركي وكان اول حجرة تبني بهذه الهيئة هو سبيل السلطان محمود بالحبانية المؤرخ ١١٦٤هـ - ١٧٥٠م.
وسارت الأسبلة ذات النمط المحلي والمعاصرة للأسبلة ذات الواجهات المقوسة على نفس التقليد القديم شباك مستطيل كما في سبيل يوسف بك بالسيوفية وسبيل محمد بك أبو الدهب بالتبليطة.
ويلاحظ في سبيل محمد بك أبو الدهب أنه قد أعطى للتغشية النحاسية شكلًا معقودًا متأثرًا في ذلك بالأسلوب العثماني، كذلك فسبيل سليمان أغا الحنفي بالخليفة، والذي يجعله مزيجًا من الأسلوب المحلى القديم والأسلوب العثماني المحلى حيث يوجد شباك تسبيل مستطيل في دخلة معقودة على جانبيها أعمدة هذا ويحيط بدخلات شبابيك التسبيل غالبًا برور خشبية أو رخامية من ثلاث جهات، أما الجهة الرابعة التي توجد بالجزء السفلى من الدخلات فذات برور رخامية دائمًا، وذلك لتحملها الماء، وهذه البرور هي التي تطلق عليها الوثائق اسم " منابل".
أحواض التسبيل في القاهرة القديمة
تعد أحواض التسبيل في القاهرة القديمة من الأساسيات التي لا يمكن الاستغناء عنها في عملية التسبيل ويكفى لأهميتها أن السبيل بما فيه من مرافق ولوازم يقف على خدمتها وتجهيز الماء اللازم لنقله إليها لتسبيله على الواردين والمترددين.
وأخذت هذه الأحواض تسميات مختلفة في الوثائق فتسمى "فسقية" معدة لسقى الماء منها من الرخام الملون حوض رخام برسم صب الماء ومسقاة من الرخام معدة لسقى عامة المسلمين و"صحن" من الرخام و"مزملة"، وإذا كانت هذه الأحواض قد إتخذت أسماء مختلفة في الوثائق، فقد تميزت أيضا بالأشكال المختلفة منها المستطيل والمربع والمستدير والنصف مستدير والبيضاوي والمفصص.
"المصاطب" بالأسبلة بالقاهرة القديمة
وأضيف كذلك اللوح الرخامي المخصص لوضع كيزان الشرب أمام شبابيك التسبيل او ما يعرف بالمصطبة للأسبلة في القاهرة القديمة والتي تتقدم هذه الشبابيك بالواجهة الخارجية وذلك رغبة منه فى توفير مزيد من الراحة على المترددين حتى يكونوا أكثر إستقرارًا أثناء وقوفهم عليها وتناولهم ماء الشرب وبذلك يكونوا في مأمن من حركة المرور في الشارع.
أرضية حجرة السبيل بالقاهرة القديمة
اتفقت معظم الوثائق مع ما تبقى لنا من شواهد معمارية على أن أغلب أرضيات حجرات التسبيل بالقاهرة الجديدة كانت تفرش بالرخام الملون على عكس الكتاتيب التي كانت تفرش أرضيتها بالبلاط الكدان وهي في ذلك تتماشى مع وظيفة السبيل كمنشأة تحتاج الى تنظيف دائم وبالتالي يسهل تنظيفها ببساطة بالإضافة إلى ما يمتاز به الرخام من ملمس بارد يساعد دائمًا على تلطيف جو السبيل كما أنه يضفى شكلًا جميلًا على حجرة التسبيل حيث استخدمت الألواح الرخامية ذات الأشكال المختلفة فمنها المستطيل والمربع والمستدير كما كانت تحاط بإطارات من الرخام الخردة في تكوينات هندسية بديعة وذات ألوان جميلة.
سقف حجرات التسبيل بالقاهرة القديمة
وتتكون الاسقف في حجرات التسبيل من خشب أو بناء، السقوف الخشبية هي تخاشيب والسقوف التي من البناء تكون من بلاط أو من ترابيع من حجر، واشتملت اسقف الأسبلة بالقاهرة القديمة على هذين النوعين وإن كان النوع الأول هو الغالب.
وقد اتخذت الأسقف الخشبية في معظم الأسبلة نفس التقليد المتبع في العمائر المملوكية الذى يتكون من براطيم خشبية ذات قطاع قريب من الاستدارة مع تغليف طرفيها بإمتداد خشبي ذات قطاع مربع ومنطقة التقاء التغليف مع البرطوم غشيت بمقرنصات صغيرة جدًا، أو بألسنة ممتدة إمتدادًا متدرجًا استعمل كمنطقة انتقال عوضًا عن المقرنصات كما تحصر هذه البراطيم فيما بينها مناطق مستطيلة ومربعة غائرة في السطح نوعًا ما.
وقد زخرفت كل البراطيم والمناطق المحصورة بينها بالزخارف النباتية والهندسية المرسومة أو المحزوزة أو الإثنين معا وعرقها بالذهب واللازورد ومثل هذا النوع من الأسقف هو الذي تطلق عليه الوثائق اسم "مسقف نقيًا فرحا شاميا "، وأحيانا أسم " مسقف سكندريا.
ووجد هذا النوع كما ذكرت في معظم أسبلة العصر العثماني وخاصة الأسبلة ذات النمط المحلى فوجد على سبيل المثال في سبيل خسرو باشا وسبيل قیطاس، وسبيل سليمان جاويش، وسبيل يوسف أغا الحبشي، وسبيل الست صالحة.
وعثر على نوعًا آخر من الأسقف الخشبية التي لا تتبع الأسلوب المحلى الصرف ولكن لا يمكن القول بأنها تأثيرا تركيا، على الرغم من أن الوثائق أطلقت عليها أسم مسقف روميًا ولكن يمكن أن تتبع الأسلوب المحلى العثماني وهذا النوع من الأسقف عبارة عن سقف خشبي مسطح مثبت بمسامير ذات رؤوس بارزة ومقسم بواسطة سدايب خشبية الى مناطق هندسية من أطباق نجمية وأنصافها وأشكالا خماسية وسداسية بداخلها رسوم نباتية قريبة من الطبيعة عثمانية الأصل.
السبيل "المصاصة" في القاهرة القديمة
ويعد السبيل "المصاصة" من الإضافات الجديدة التي لحقت بالسبيل العثماني، وهو عبارة عن لوح من الحجر أو الرخام يحتوى على بزبوز أو بزبوزين من النحاس ومثبت في الواجهة الخارجية للسبيل يتصل هذا اللوح بحوض كبير مربع أو مستطيل أيضًا من الحجر أو الرخام بداخل حجرة التسبيل وأحيانًا بخارجها في ملاحقها ويتم تزويد هذا الحوض بالماء من الصهريج.
وقد أطلقت الوثائق العثمانية على هذا التكوين عدة أسماء منها (مصاصة من الحجر مركب بها بزبوزين نحاس - حوض مبنى بالحجر به مصاصتين نحاس – سبيل حجر مركب به مُصاصة – سبيل رخام مصاصة ).
ويعد تكوين سبيل "المصاصة" لم يشاهد من قبل في أسبلة العصر المملوكي ولا في بداية العصر العثماني، وأقدم مثال باق لنا حتى الآن هو الحجر المصاصة بسبيل أمين أفندى هيزع ( أثر (٢٣) سنة ١٨ ١٠٥٦هـ / ١٦٤٦ م.
أماكن تمركز الأسبلة في القاهرة القديمة
وتتمركز بشكل عام الأسبلة في المناطق الآهلة بالسكان وفى الأسواق والأحياء التجارية والصناعية مثل شارع المعز، شارع الصليبة، حي الجمالية، حي الغورية، وشارع التبليطة حي السيدة زينب، شارع التبانة وغيرها.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.