من قاعدة وادي سيدنا إلى معبر أرقين، شهادة على رحلة فرار المصريين والسودانيين من الخرطوم، وتفاصيل سيطرة شركات خاصة على بزنس الإجلاء
مع أول طلقة رصاص دشنت الاشتباكات بين الجيش السوداني وعناصر ميليشيا قوات الدعم السريع، انتاب المدنيين حالة رعب وبدأ الجميع رحلة البحث عن الفرار، جاليات انتظرت تدخل بلادها لإجلائهم، ومواطنون غادروا الوطن لجهة غير معلومة تحت رحمة القدر، وسط حالة الارتباك كانت قاعدة وادي سيدنا رئة الخرطوم على العالم هدف أولى، ثم تعقدت الأوضاع الأمنية، وكان معبر أرقين على الحدود المصرية بديلا للخروج من جحيم المعارك.
مع نهاية أبريل، أعلنت الخارجية المصرية، انتهاء عمليات الإجلاء من، قاعدة وادي سيدنا، في السودان نظرًا للعديد من الاعتبارات الأمنية، وطالبت المتواجدين وقتها في القاعدة بمغادرتها في أقرب وقت ممكن.
مخاوف مصر من أوضاع قاعدة وادي سيدنا
ودعت مصر آنذاك ممثلة فى وزارة الخارجية، الرعايا المقيمين في السودان، إلى التوجه إلى إحدى نقاط التجمع والإجلاء في قنصلية مصر في بورتسودان ومعبر قسطل وأرقين على الحدود مع العاصمة "الخرطوم".
ومن جانبها قالت السفيرة سها الجندي، وزيرة الهجرة، فى سياق تعليقها على أزمة الإجلاء من، قاعدة وادي سيدنا، إن مصر ركزت على 3 منافذ فقط لإجلاء المصريين من السودان واستبعدت المعابر الأخرى، نظرا لخطورتها على حياة وأرواح أبناء الجالية، مشيرة فى هذا السياق إلى أن طلب السلطات بمغادرة الراغبين بالعودة، قاعدة وادي سيدنا، يرجع لتقديرات أمنية خالصة لاعتبارات تتعلق بمشهد العمليات العسكرية على الأرض، وهو ما قد يمثل خطورة بالغة على المتواجدين في تلك القاعدة.
رحلة وصول مواطن مصري إلى وادي سيدنا
سامح خليل مواطن مصري ذهب لرحلة عمل سريعة إلى السودان، وقعت اشتباكات القوات المسلحة السودانية، وعناصر الدعم السريع، بعد وصوله بأيام، قدر له المرور برحلة صعبة بين دروب وجبال وغابات حتى وصل إلى قاعدة وادي سيدنا، ولكونه كان على موعد مع رحلة هروب صعبة للفرار من جحيم الرصاص، فشلت عملية نقله من هناك واضطر لاستكمال الطرق الوعرة قبل عودته إلى أسرته الصغيرة المكونة من زوجته وأطفاله.. رواه لـ فيتو في كلمات معدودات تحمل المعنى لنعمة الأمن في الوطن.
رحلة الفرار من جحيم اشتباكات السودان
يقول سامح، الفرار من الجحيم بدأ من الانتقال من أم درمان في طريق مستقيم على مسافة ٣ أو ٤ كيلو (المسافات كلها تقديرية وليست دقيقة) يسيطر عليه الجيش السوداني بالكامل، ويوجد فى هذا الطريق نقاط تفتيش كثيرة مشيدا بتعامل جنود القوات المسلحة السودانية مع أبناء الجالية المصرية خلال عبور تلك النقاط والعمل على تسهيل وصولهم.
الطريق ينتهي بمنحني على الشمال يعتبر البوابة غير الرسمية إلى قاعدة وادي سيدنا، هكذا يكمل سامح: هناك انتظرنا مع حافلات وسيارات أخرى كانت تحمل مواطنين من جنسيات مختلفة لحين منحنا الإذن بدخول الطريق المؤدي إلى القاعدة.
الطريق الخطر إلى قاعدة وادي سيدنا
الطريق إلى قاعدة وادي سيدنا، يمر وسط منحنيات كثيرة، يحوطه صحراء مكونة من تلال متباعدة على مسافة طويلة، (٣ كم تقريبا) عقب ذلك وصلنا لنقطة تفتيش أخيرة لمراجعة جوازات السفر، عقب ذلك تستكمل الحافلات طريقها لمسافة بسيطة حتى تستقر داخل قاعدة وادي سيدنا، شاهدنا على اليمين مهبط "اتجاه واحد" وعلى الشمال غابة مانجو صغيرة، وفي الإمام توجد قاعة لا نعلم ما بها لعدم وصولنا إليها محاطة بحديقة صغيرة، خلفها كراج طائرات حسب شكلها ليست عسكرية وفى نفس الوقت ليست من الحجم الكبير.
قاعدة وادي سيدنا، وقت وجودي كانت تحت تأمين جنود من بريطانيا، وأعتقد أنه يوجد فيها جنود ألمان لتبادل التأمين حسب أعلام الدول الظاهرة على ملابسهم العسكرية.
وشهدت قاعدة وادي سيدنا، منذ بدء الاشتباكات وقبل التحذير من استخدامها في إجلاء ما يناهز 5 آلاف من الدبلوماسيين والرعايا الأجانب من أكثر من 40 جنسية، أبرزها من مصر والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا.
دور قاعدة وادي سيدنا في حرب 1967
وترتبط قاعدة وادي سيدنا، بذكريات الإخاء مع مصر، فعقب حرب يونيو عام 1967، حينما دمر طيران الاحتلال الإسرائيلي عددا من المطارات والطائرات المصرية على المهابط.
فتح السودان وقتها للقوات الجوية المصرية قاعدة وادي سيدنا الجوية الواقعة شمال أم درمان، وأُطلق عليها اسم قاعدة ناصر الجوية، نسبة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، كما فتح معسكر جبل أولياء في جنوب غرب الخرطوم للكلية الحربية المصرية لإعادة تأهيل قوات الجيش المصري بعد هذه الحرب.
قصف الجيش السوداني لتمركزات الدعم السريع
واستخدم الجيش السودانى، قاعدة وادي سيدنا، فى عمليات إطلاق المقاتلات والمسيرات، لشن ضربات جوية على 11 قاعدة ومعسكرا لعناصر الدعم السريع حول الخرطوم بعد اندلاع اشتباكات 15 أبريل، وعلى نقاط ارتكاز في الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وعلى الطرق التي تربط العاصمة السودانية بالولايات، كما استهدف عدة أرتال عسكرية كانت في طريقها من إقليمي كردفان ودارفور إلى مواقع القتال في مدن الخرطوم.
بعيدا عن القاعدة التى تحولت إلى كابوس مرعب، بزر معبر أرقين على الحدود المصرية كشريان حياة للنجاة من ويلات الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، اضطرت عائلة مواطن سوداني يدعى محمد علي محمد حسانين للفرار من الخرطوم إلى مصر عبر معبر أرقين، وتتكون أسرة الضيف السوادني من 3 رجال و6 نساء بالإضافة إلى 4 أطفال، هربوا جميعا من الخرطوم.
شهادة مواطن سوداني على التعامل في أرقين
واستمعت "فيتو" لشهادة محمد علي الذي قال: إن الاشتباكات تسببت في دمار عدد من المنازل والمنشآت المدنية خاصة في منطقة أم درمان والخرطوم، الأمر الذي دفعه لترك عمله فى مجال التجارة والأعمال الحرة.
وأوضح المواطن السوداني، إن رحلته إلى القاهرة استغرقت قرابة الـ 5 أيام، قضى منها 48 ساعة في الطريق من الخرطوم إلى معبر أرقين، ثم يومين أخرين من المعبر إلى أسوان وقرابة يوم عبر القطار إلى القاهرة، وبلغت تكلفة رحلة الهروب إلى معبر أرقين حوالي 15 ألف جنيه مصري.
وعن سبب توجهه إلى مصر دونا عن غيرها من دول الجوار، أكد محمد أن المحروسة الجارة الشقيقة والأقرب إلى السودان بحكم الروابط التاريخية بين البلدين والشعبين، الأمر الذي لمسه وفق حديثه فى حفاوة استقباله من قبل العاملين في معبر أرقين.
دور شركات الأمن فى إجلاء الرعايا من السودان
وبالرغم من جهود الدول لإجلاء الرعايا من السودان، ظهر وجه آخر للأزمة تمثل فى عمل شركات أمن خاصة على تأمين عمليات إجلاء مقابل الأموال، ووفق تقرير نشرته صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية مؤخرا، إن السودان سيتحول إلى ساحة جديدة لشركات الأمن، بعد اندلاع الاشتباكات بين الجيش، وقوات الدعم السريع، بعد استعانة سودانيين بشركات أمن لضمان سلامتهم خلال الفرار من البلاد فى ظل عدم وجود منظومة أمنية واحدة مسيطرة على الأوضاع.
الصحيفة الفرنسية أشارت في تقريرها، إلى أنه منذ بداية الاشتباكات في السودان لم يتوقف هاتف رئيس شركة "ألجيز" للأمن -وهي شركة أمنية فرنسية- عن الرنين لتأمين هروب مواطنين هناك من الاشتباكات المستمرة منذ أسابيع.
وقال رئيس ألجيز للصحيفة، إنه "منذ المكالمة الأولى، تولينا مسؤولية إجلاء الأفراد نيابة عن الشركات أو المنظمات. كانوا يرغبون أن يتم إجلاؤهم خارج السودان ولكن في البداية لم يكن ذلك ممكنا، لم نتمكن من إحضارهم إلا إلى بر الأمان كل ما استطعنا فعله هو توفير مكان آمن لهم داخل البلاد لحين خروجهم".
وذكرت لوفيجارو، إن التدهور السريع فيما يتعلق بالأوضاع الأمني والقتال العنيف في قلب الخرطوم دفع الشركات والمنظمات إلى دعوة الشركات الأمنية الخاصة لإجلاء موظفيها المحاصرين في مرمى النيران.
ونقلت الصحيفة عن مسئول تنفيذي لإحدى شركات الأمن الخاصة الرائدة في هذا القطاع: "كنا نتوقع أزمة تدريجية فى السودان، لكن انتقل البلد في غضون 48 ساعة من الهدوء إلى حالة القصف بالطائرات المقاتلة وحالة عنف مقلقة".
الصحيفة الفرنسية، اعتبرت أن السودان يمثل حاليا فرصة ذهبية للعديد من الشركات الأمنية عديمة الضمير التي تستغل حالة الهلع التي يعيشها السكان المحاصرون في الخرطوم لفرض أسعار باهظة على عملية تأمين الإجلاء.
وقال مسئول تنفيذي مقيم في شرق أفريقيا للصحيفة الفرنسية: "تتمثل مهمتنا الأساسية في إنقاذ الأرواح، لكنها بيئة تثير مطامع الكثيرين. يرى الكثيرون السودان عبارة عن منجم ذهب محتمل، فهم في سباق من أجل المال".
وكشفت "لوفيجارو" إن بعض الشركات تتقاضى 30 ألف دولار للفرد مقابل النقل من الخرطوم إلى بورتسودان على البحر الأحمر، يضاف إليها 8000 دولار للوصول إلى مدينة جدة السعودية بالقوارب عبر البحر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.