.. ورحلت ناهد يوسف التي صنعت الدواء للمصريين!
رحلت السيدة التي وقعت حرب 56 بعد أن تخرجت من كلية الصيدلة بأسابيع وبعد أن تسلمت عملها بأيام.. فكلفت بإدارة المصنع الصغير الذي تعمل به ومعه مجموعة من الورش والمصانع الأخري الصغيرة لتصنيع الأدوية كانت لبعض الأجانب والتي أممت ردا علي دورهم في منع الدواء عن شعبنا في العدوان سعيا لإسقاط الدولة.. فتولت -بعدئذ- رحلة بناء هذه المصانع الصغيرة علي أسس علمية تحولت بعد سنوات قليلة إلي قلاع كبيرة نتباهي بها إلي اليوم..
نراها ونقرأ إسم كل مصنع منها ولا نعرف قصتها.. كانت وهي الشابة الصغيرة تكلف بمهام كبيرة ساهمت في إنقاذ دول شقيقة وصديقة من أوبئة قاتله أو إرسال أمصال وأدوية قبل دول أخري في سباق حول قيادة افريقيا فلعبت أدوارا وطنية مهمة بذلت في بعضها جهود خارقة!
حكاية الدكتورة ناهد يوسف
رحلت أمس الجمعة الدكتورة ناهد يوسف.. تناولنا سيرتها في عدة مقالات سابقة هنا علي ذات المساحة وفي جريدة الوطن وكانت من ضمن سلسلة عن عظيمات حقيقيات قدمن للوطن أعمال تاريخية وتأملنا تكريمهن.. ولكن جمعيات المرأة في بلادنا لا تعرف فيما يبدو كل تاريخ المرأة المشرف علي أرضنا!
رحلت ناهد يوسف بعد رحلة عطاء كبيرة عظيمة سجلت الكثير من سكورها ناصعة البياض في كتابها القيم "دواء وعلل.. صناعة الدواء في مصر من الإزدهار إلي الإنهيار".. وسجلت شهادتها عن الغش التجاري في أدوية مصانع الأجانب قبل التأميم وسوء معاملتهم للعامل المصري وسجلت ملحمة توفير المواد الخام للدواء محليا وكانت العقبة الاساسية عند دول العالم الثالث كله..
وسجلت كيف تحولت شركات القطاع العام إلي منظومة كبيرة حتي بشركات التوزيع بلغت اثني عشرة شركة عملاقة اسمائها معروفة النيل والجمهورية وممفيس والمتحدة وغيرها بما فيها أفرع التوزيع مثل صيدلية الإسعاف وتوفير كل متطلبات شعبنا فيها وصولا إلي تدمير ذلك كله فيما بعد!
في مصر.. بلادي.. رحلت أمس سيدة عظيمة.. رحمها الله بقدر كل حبة دواء سكنت ألما لإنسان أو عالجته وشفته.. رحمها الله بقدر ما رفعت إسم ومكانة بلدها عاليا في مهمات كان بعضها خارجيا وسريا.. رحم الله سيدة جليلة لم تتاجر بما قدمت ولم تطلب الثمن.. رحم الله سيدة كان حلمها استعادة هذه القلاع لمكانتها وتوفير العلاج لسعبها بأرخص ما نستطيع.. رحم الله الدكتورة ناهد يوسف.. وخالص العزاء لأسرتها ومحبيها ولمصرنا كلها..