سيناء أرض الرسالات السماوية
سيناء الحبيبة الملقبة بأرض الفيروز الجزيرة الصحراوية، حلقة الوصل بين القارتين الأفريقية والأسيوية والتى شهدت عبر تاريخها العريق الدور المهم الدينى فعلى هذه الأرض المقدسة خرج النبى العظيم موسى وشعبه، ومنها عبروا البحر الأحمر، وغرق فرعون وجنوده، وعلى أرضها نشأت الأديرة المسيحية وأشهرها عليقة موسى ودير سانت كاترين، وتفجرت آبار وعيون للمياه وعددهم الأثنى عشر حسب عدد أسباط بنى إسرائيل، ومازالت موجودة هذه العيون إلى الآن وتسمى بعيون موسى، وتعتبر سيناء أرض خصبة للنخيل وأشجار الزيتون وأصبحت ملاذ آمن لجميع الأنبياء والشعوب.
سيناء وموسى النبى العظيم
ورد اسم جبل سيناء في الكتاب المقدس 35 مرة كما سمي أيضا جبل حوريب. وقد ارتبط اسم سيناء منذ القديم بإسم موسى النبي – الذي ولد في مصر، ويعتبر كثير من العلماء أن إسمه مصري من كلمة موو أو ماء أي خلص من الماء. وهو قريب المعني من الاسم العبري "موشـي" أي منتشـل مـن المـاء، اذ انتشلته إبنة فرعون من شاطئ نهر النيل "عند المعادي" وربته..
فدرس جميع فنون مصر العلمية والدينيـة. ويقول الكتاب المقدس عن ذلك " فتهذب موسي بكل حكمة المصريين " وفي سن الأربعين ظهر له الله في صحراء جبل سيناء حيث رأي نارًا في وسط عليقة. والعليقة لا تحترق. وهذا يرمز إلي السيدة العذراء مريم. وفي سـيناء أعطـي الله موسي النبوة والقيادة للشعب اليهودي.
سيناء كانت أرض متاهة وعقاب لليهود
ولما قاد موسى النبي اليهود وخرج بهم من مصر ليصل بهم إلى فلسطين بدلًا من أن يصلوا في عدة أيام تاهوا في صحراء سيناء مدة أربعين عامًا فأصبحت سيناء لهم أرض متاهة وعقابًا على روح التذمر على الله التي سادت تصرفاتهم. فرغم كل نعم الله الكثيرة عليهم كانوا كلما يقابلون ضيقة يتذمرون على الله وعلى موسى النبي.
سيناء والوصايا العشر
ومن علي جبل سيناء ظهر الله لموسي وسلمه الوصايا العشر التي تعتبر أساس للشرائع الأدبية والأخلاقية، إذ تحـض على التمسك بالله الواحد، وإكرام الوالدين والامتناع عن رذائل القتل والزني والسرقة وشـهادة الـزور واشـتهاء مـا للآخرين.
ولكن كان ارتداد بني إسرائيل عن الله سريعا، فعندما غاب موسي النبي عنهم أربعين يوما فـوق جبـل سـيناء لاسـتلام الوصايا التي تحثهم علي التمسك بالله الواحد، والتي أمرتهم بوضوح. "لا يكن لك آلهة أخري أمامي.. لا تضع لك تمثالا منحوتا.. لا تجد لهن ولا تعبدهن لأني أنا الرب إلهك" (خروج ٢٠)
وبينما النص بهذه الصراحة وهذا الوضوح، إذا بهم يقدمون إلي هارون أقراط الذهب التي في أذان نسائهم فيصنعها لهم عجلا مسبوكا. فعبدوه "واصعدوا له محرقات وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب" (خروج ٦:٣٢ ).
وهكذا كانت سيناء بالنسبة لبني إسرائيل أرض متاهة وعقاب. أرضا قضوا فيها أيام تذمر وقلق وخوف وعدم رضـا. أرضًا ضربهم الله فيها ضربات مختلفة لزيغانهم وتذمرهم. فليس من صالحهم البقاء فيها، فليتركوهـا لأصحابها ويرحلوا خصوصًا بعد أن لمسوا في أكتوبر المجيد عام 1973 كيف تحطم فيها خط بارليف في ساعات قليلة، وكيف تحطمت فيها أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
سيناء والمسيحية
اجتذبت سيناء بجبالها وصحاريها، محبي الوحدة محبي الهدوء والتأمل. فعاش فيها عدد من النساك والمتوحدين. فمصر كانت مهد الرهبنة المسيحية، حيث ظهر فيها أول الرهبان المتوحدين القديس العظيم الأنبا انطونيوس الكبير الملقب بأبو الرهبان الذي باع ممتلكاته ووزعها علي الفقراء ليتفرغ للصلاة وتسبيح الله وعاش في الصحراء الشرقية بالقرب من الساحل الغربي لخليج السويسي في أواخر القرن الثالث الميلادي..
وانضم لـه عدد كبير من النساك والرهبان وانتشروا في الصحراء الشرقية والصحراء الغربية. وانتقل عدد منهم إلي سيناء حيـث عاشوا محبين الله ومتأملين عظمته وخليقته العجيبة. وجاء إلي جبل سيناء رهبان مـن مـصـر ومـن بـاقي أجـزاء الإمبراطورية الرومانية حينذاك.
واشتهر منهم القديس نيلس السينائي الذي كان حاكمًا للقسطنطينية واستقال من منصبه سنه310 میلادية ليتفرغ للعبادة وترهب في سيناء إلي أن مات بها سنه 430 ميلادية ومن مشاهير رهبان سيناء الأب الراهب يوحنا الدرجى نسبه إلي کتاب درجات الفضائل.
سيناء والإسلام
سيناء أرض مصرية تحدث عنها القرآن الكريم وفيها جبل الطور "وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ" (التين 1-2) وهو الجبل الذى كلم الله القدوس النبى العظيم موسى.. مما لاشك فيه أن ذكر الله لسيناء الحبيبة فى القرآن الكريم هو إعلان عن قدسية المكان وأهميتها لبلادنا العزيزة مصر.
ومما سبق نجد أن سيناء هي أرض المحبة والوحدة الوطنية أرض المقدسات والدعوات، أرض الوفاء والسلام ويكفينا شرفًا وبركة أن يقول الرب عنا وعن بلدنا مصر وعن شعب مصر "مبارك شعبي مصر" أن الرب ينسبنا إليه فيقول "شعبي" ثـم يقـول - لشعب مصر "مبارك" هذه اللفتة الإلهية العظيمة أثمن وأغلي من كل الكنوز والجواهر تكفينا وبلدنا مصـر وشعبنا المصري ونحن أبناء مصر مسلمين ومسيحيين عشنا أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان في ألفة ومحبـة وتعاون فأمتزجنا واندمجنا واتحدنا وصار لنا شكل واحد ولغة واحدة ونحمل لقبًا واحدًا، هو إننا مصريون نعبـد الإلـه الواحد القدوس خالق السماء والأرض. “مبارك شعبي مصر”.