استراتيجيات طرح الأسئلة
من يتخيل أن صوت المعلم قد يعد مصدرا للارتباك لدى المتعلمين؟ فمن خلال نبرة صوته يمكن أن تكون الجملة سؤالا، حتى لو كان تركيبها النحوي ليس كذلك، سواء كان يقصد ذلك أم لا، وإضافة إلى ذلك، يمكن فهم السؤال الحقيقى على أنه بلاغي نتيجة لنبـــرة الصــوت أو الكلمــات المختارة للتحدث بها.
لذلك يجب على المعلم إعداد وتحضير الأسئلة الفعالة التى يطرحها على المتعلمين، ليفكروا فيها ويجيبوا عنها، وبالتالى يحق عليهم القول بأنهم شركاء حقيقيين فى عملية التعلم، فالأسئلة الفعالة تعتمد على أكثر من مجرد كلمات، إذ تعتمد فعاليتها أيضًا على نبرة الصوت، والتشديد على الكلمات، واختيارها، والسياق الذى تطرح فيه، ويمكن طرح الأسئلة بطرق عديدة، وتحدد كل طريقة درجة مشاركة الطلاب فى عملية التعلم.
ما الذى يستهلك 80% من وقت الحصة؟ من ضمن سلوكيات المعلم أنشطة التنظيم، وحث الطلاب على الاستجابة، والتفاعل مع إجابات الطلاب، ويُعد حث الطلاب على الاستجابة أو سلوك طرح السؤال أهم نشاط فى هذه الأنشطة، كما أن الأسئلة هى الأداة التى تساعد فى سد الفجوة والتقريب بين طريقة عرض المعلم للمحتوى، وفهم الطلاب له.
أن الأسئلة تمثل كباقى مكونات العملية التعليمية داخل الصف الأدوات التى تشجع على التفكير فى المحتوى الذى طرحه المعلم، والتفاعل معه، ويعد أسلوب حث الطلاب على الاستجابة أو طرح الأسئلة الجزء الجوهرى فى الحصة الدراسية، حيث يمكن للمعلم أن يطرح حوالى 50 سؤالًا أو أكثر فى الساعة الواحدة داخل الصف الدراسى، وقد يصل الأمر فى بعض الأحيان إلى أن يستخدم المعلم 80% من الوقت المخصص للتدريس لطرح الأسئلة، وتقييم الإجابات، ولكن ليست كل الأسئلة فعالة، لأن هناك أسئلة لا تساعد الطلاب على الاشتراك فى عملية التعلم.
الأسئلة وتذكر المعلومات
عزيزى المعلم هل فكرت يوما أن الأسئلة التى تطرحها هى الصحيحة؟ تشير بعض البحوث والدراسات إلى أن هناك أسئلة لا تساعد الطلاب فى المشاركة بفاعلية فى عملية التعلم، حيث قدرت أن نسبة 70% إلى 80% من الأسئلة المطروحة تستدعى فقط مستوى التذكر المعرفى، وأن من 30% إلى 20% فقط من الأسئلة المطروحة تتطلب مستويات التفكير العليا، والتى تحتاج توضيح، واستنتاج، وتحليل، وتركيب، وتعميم، ونقد وإبداع.
وتشير الدراسات الحديثة فى الولايات المتحدة وإنجلترا إلى أنه من بين كل خمس أسئلة مطروحة، ثلاثة منها تستدعى التذكر للمعلومات، وسؤال يرتبط بإدارة الصف، وسؤال واحد فقط يتطلب مستويات التفكير العليا، وتعد هذه النسبة غير المتوازنة بين أسئلة التذكر وأسئلة التفكير العليا باعث على القلق، وقد يرجع سببها إلى انخفاض مستوى التدريب المقدم للمعلمين.
من الطلاب المستهدفين من أسئلة التفكير العليا؟ يمكن توجيه الأسئلة ذات المستويات المختلفة من التعقيدات المعرفية إلى الطلاب كأفراد أو مجموعات أو إلى الصف بأكمله، وفى حال أن كانت الأسئلة فوق مستوى بعض الطلاب، أو دون مستوى بعضهم الآخر، فإن هذا يجعل الطلاب منتبهين ويقظيين دائمًا، ومشاركين فى العملية التعليمية، ونفهم من ذلك ضرورة أن ينوع المعلم من مستويات الأسئلة المطروحة داخل الصف، وأن لا تقتصر على مستوى واحد.
أما عن السؤال السابق فهو سؤال يرتبط باستجابة الطالب، ويهدف إلى إحدى الغايات التالية:
• للحصول على توضيح لاستجابة الطالب.
• للحصول على معلومات جديدة لتوسيع استجابة الطالب أو البناء عليها.
• لإعادة توجيه أو إعادة هيكلة الاستجابة فى اتجاه أكثر جدوى، وارتباطا بموضوع الدرس.
• استخدام الأسئلة السابرة التوضيحية التى تقود الطلاب لإعادة صياغة استجاباتهم، أو تغيير بعض كلماتهم حتى تصبح مناسبة، فمثلا يطرح المعلم السؤال التالى: (هل يمكنك أن تعيد ذلك بترتيب آخر، وكيف ينطبق هذا الجواب فى حالة....)
عزيزى المعلم: يمكن استخدام الأسئلة فى سياق عدة سلاسل مختلفة، مثل ضخ المعلومات، إذ يتم إضافة ظروف معينة لسؤال أصيل لتضيفه لسؤال يتطلب إجابة بسيطة. ويجب طرح الأسئلة ضمن مستويات مختلفة من التعقيد المعرفى، لكى تشمل مستويات: المعرفة والفهم، والتطبيق، والتحليل، والتركيب، والتقويم، والإبداع.
كما أن أسئلة المعرفة أو التذكر تتطلب من المتعلم أن يتذكر الحقائق التى خزنها بالفعل فى ذاكرته، وأن يصفها، ويحددها، ويدركها. وتتطلب أسئلة الفهــم من المتعلم أن يشرح ويلخّص، ويوضح الحقائق التى تعلمها من قبل. وتتطلب أسئلة التطبيق من المتعلم الذهاب لما وراء حفظ الحقائق وترجمتها، واستخدام الحقائق والمعلومات التى تم تعلمها مسبقًا فى بيئة جديدة ومختلفة.
وتتطلب أسئلة التحليل من المتعلم تجزئة المشكلة إلى عناصرها الأساسية، وفهم العلاقة التى تربط بين تلك الأجزاء المختلفة. وتتطلب أسئلة التركيب من المتعلم تصميم أو إنتاج حل فريد فى نوعه لمشكلة غير مألوفة. وتتطلب أسئلة التقويم من المتعلم إصدار الأحكام، واتخاذ القرارات باستخدام معايير محددة تحديد مدى كفاية الاستجابة. وتتطلب أسئلة الإبداع من المتعلم إصدار استجابات تتصف بالأصالة، والطلاقة، والمرونة، والخيال، والاستفاضة، والابتكار فى حل المشكلات.
قواعد ومهارات طرح الأسئلة الصفية
ويشير الأدب التربوى إلى العديد من المبادئ والقواعد الأساسية التى يجب مراعاتها عندما يطرح المعلم الأسئلة داخل غرفة الصف، وتعد هذه القواعد موجهات عامة تزيد من فاعلية استخدام الأسئلة فى تحقيق الغرض من طرحها، ومن أبرز هذه القواعد: توجيه السؤال إلى الصف بأكمله، وليس إلى طالب محدد، ويسهم ذلك فى يقظة جميع الطلاب، حيث إن جميعهم يتوقع أن يتم اختياره لإعطاء الإجابة، كما يتفق ذلك مع مبدأ تكافؤ الفرص فى التربية، مع ضرورة الاهتمام بنبرة الصوت للسؤال.
الانتظار لفترة قصيرة من الزمن بعد طرح السؤال، والسماح لأحد الطلاب بالإجابة، وهذا يسمى بزمن الانتظار ويتراوح بين ٣-٥ ثوانى، وحسب نوع السؤال، ومستوى التفكير الذى يقيسه. والتوزيع العادل للأسئلة على طلاب الصف جميعهم، بحيث يشعر كل طالب أنه موضع اهتمام المعلم. وتعويد الطلاب على مهارة الاستماع وأدب الحديث، وضبط الذات بحيث لا يقاطع أحدهم الآخر وهو يتكلم حتى ينتهى من كلامه.
فضلا عن عدم التهكم على الطالب الذى يقدم إجابة غير صحيحة أو السخرية منه، ومن الأفضل إيجاد مخرج تربوى لا يسبب للطالب الإحراج أو يؤذيه. وتجنب المرح الزائد والثناء الذى لا مبرر منه كأن يقول المعلم " يا سلام هذه أفضل إجابة سمعتها "، لأن مثل هذا يجعل الطلاب يستصغرون إجاباتهم ويخجلون تقديمها فتقل المشاركة، ولذلك الاعتدال فى التعزيز مطلوب.
وأخيرا الاهتمام بالأسئلة التى يثيرها الطلاب، حيث إنها قد تساعد فى الكشف عما يدور فى أذهانهم. والاستعانة بالإيحاءات غير اللفظية التى تشجع الطلاب على الاستمرار فى الإجابة، ومن الأمثلة عليها: (النظر إلى الشخص الذى يتكلم، وأيضًا الإيماء بالرأس للتعبير عن الاستحسان) وعدم السماح بالإجابات الجماعية.