خبير اقتصادي يكشف أسباب عدم تراجع التضخم رغم رفع الفائدة
أكد أحمد مصطفى الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد المصري يواجه أزمة حقيقية جراء اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تسببت في ارتفاع أسعار الحبوب والقمح وكذلك أسعار البترول ووصولهُما في بعض الأوقات إلى مستويات ومُعدلات قياسية وغير مسبوقة، ممّا تسبب في حدوث آثار سلبية على بلد يُصنف إقتصادها بالناشئ علاوة علي كونها واحده من أكبر الدول المستوردة للقمح وكذلك للبترول.
الأسباب الحقيقية لزيادة الأسعار
وأشار إلى أن ارتفاع اسعار السلع التي تستوردها مصر تسبب في تراجع احتياطي النقد الأجنبي من نحو 41 مليار دولار في فبراير من عام 2022 إلى نحو 34 مليار دولار في مارس من عام 2023 فاقدًا نسبة 17% من قيمته خلال عام في سبيل توفير القمح والبترول وغيرها من الواردات التي تزايدت أسعارها وقيمتها، وهو ما انعكس بشكل سلبي على قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي وعلى توافر الدولار نفسه، وتسبب ذلك في إرتفاع مُعدلات التضخّم، ليبلغ مستويات تاريخية وغير مسبوقة، بعد أن سجّل في مارس الماضي نحو 40.3% مما دفع البنك المركزي إلى استخدام أحد أدواته "أدوات السياسة النقدية"، ألا وهي رفع سعر الفائدة، بهدف امتصاص مُعدلات التضخّم الغير معهودة، ودعم قيمة الجنيه أمام الدولار.
وأضاف مُصطفي في تصريحات خاصة لـ “فيتو” أنه توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع معدلات التضخم في مصر بنهاية العام المالي الجاري2022/ 2023 ليسجل 21.6% مقابل 8.5% في العام المالي الماضي 2021/ 2022 وذلك فقط بعد مرور 5 أيام من بيانُه الذي أصدره الخميس الماضي بارتفاع معدل التضخم في مصر إلى 18.9% في نهاية العام المالي الجاري 2022/2023 وعلي الرغم من قيام البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة، في الخميس ال 30 من مارس الماضي بزيادة نقطتين مئويتين، ليصبح سعر الفائدة 18.25% على الإيداع و19.25% على الإقراض، بعد أن سجلًا نسبة 8.25% علي الإيداع و9.25% على الإقراض في نفس الشهر "مارس" ولكن من عام 2022.
وأشار إلى أنه بعد النجاح في تثبيت سعر الفائدة لأكثر من عام، نتيجة وجود استقرار نسبي في سعر الصرف، وتسجيل مُعدّل التضخّم لنسبة 5% في عام 2021، والذي يُعد أدنى مستوى له منذ أكثر من عشر سنوات ولكن إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية هي من تسببت في إحداث هذا الإرتفاع الغير مسبوق إضافة إلي التوقُعات التي تصدر عن الجهات والهيئات ومنها صندوق النقد الدولي بزيادة معدلات التضخم خلال الفترةُ المُقبلة والتي بتكون مبنية علي إحصائيات وبيانات دقيقة لأوضاع الإقتصاد العالمي.
وألمح مُصطفي أنه نظريًا رفع سعر الفائدة يعني بشكل مُباشر سحب السيولة النقدية من الأسواق وتوجيهها إلى البنوك ليجني العُملاء العائد المرتفع علي السيوله المودعه من طرفهم، وبالتالي انخفاض الطلب من قبل المُستهلكين "العُملاء/الجمهور" علي عمليات الشراء وبالتالي تلقائيًا إنخفاض الأسعار، ومن جهة أخرى يؤدّي ارتفاع سعر الفائدة على الجنيه إلى التخلّي عن العملات مُنخفضة الفائدة والتوجّه إلى العملة ذات العائد المُرتفع وهي في تلك الحالة "الجنيه"، ولكن لم يتحقق ذلك على مدار العام من مارس 2022 وحتي مارس 2023 رغم قيام البنك المركزي برفع سعر الفائدة بمُعدل 10 نقاط مئوية، أي بارتفاع نسبته 121.2% على عملية الإيداع و108.1% على عملية الإقراض.
واستطرد: يأتي ذلك بالإضافة إلي إرتفاع مُعدلات التضخُم رغم رفع سعر الفائدة كالتالي عند رفع سعر الفائدة بمُعدل نقطة مئوية واحدة في مارس 2022، كان مُعدل التضخّم قد سجّل نحو 10% في فبراير من نفس العام، ثمّ ارتفع إلى نسبة 14.9% في أبريل أيضًا من نفس العام، وبلغ سعر الدولار في سوق الصرف المصري نحو 15.7 جنيها مارس 2022، وارتفع إلى 18.28 جنيهًا في أبريل أيضًا من نفس العام، وفي مايو من 2022 رفع البنك المركزي سعر الفائدة نقطتين مئويتين، ليرتفع التضخّم إلى 15.3%، ثمّ أعاد البنك المركزي رفع الفائدة نقطتين أخرتين في أكتوبر من عام 2022 ليرتفع التضخّم في نفس الشهر إلى 16.3%.
وألمح أنه أعقب ذلك قيام البنك المركزي في ديسمبر الماضي برفع سعر الفائدة بمُعدل ثلاث نقاط مره واحده، ورغم هذا الإجراء إستمر معدّل التضخّم في الإرتفاع حتي وصل إلي نسبة 21.9% في نفس الشهر، ليستمرّ في الارتفاع وصولًا إلى 32% في فبراير الماضي طبقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامّة والإحصاء، وسجَّل البنك المركزي وصول معدّل التضخّم الأساسي في فبراير الماضي إلى 40.3% وهو أعلى مستوى مُنذُ إطلاق المؤشر، كذلك الحال بالنسبة لسعر الصرف، حيثُ ارتفع سعر الدولار في السوق المصري من 15.7 جنيهًا إلى نحو 31 جنيهًا خلال الفترة من مارس 2022 إلي مارس 2023، ليفقد الجنيه بهذا الشكل نصف قيمته، على الرغم من ارتفاع العائد عليه في البنوك المصرية وهو يتنافي مع القاعدة الإقتصادية التي تربط بين سعر الفائدة ومُعدل التضخُم وسعر الصرف والتي تنُص علي أنه برفع الفائدة تقل مُعدلات التضخُم وتزداد قيمة العُملة لإرتفاع العائد عليها.
وتابع: ما حدث يؤكد أن رفع الفائدة ليس بالضرورة أن يحد من مُعدلات التضخُم وكذلك من الحفاظ علي قيمة العُمله لوجود أسباب أُخري تُعتبر هي أساس الأزمة ولابُد من وضع حلول لها ألا وهي إرتفاع الأسعار العالمية في ظل الإعتماد على الاستيراد بل وكانت نسبة التضخّم الأكبر للسلع الضرورية والأساسية، والتي لا تتمتّع بأي مرونة في الطلب، حيث سجَّلت أسعار الطعام والمشروبات في فبراير الماضي ارتفاعًا بنسبة 61.5% على أساس سنوي، وسجَّلت أسعار الخبز والحبوب ارتفاعًا بنسبة 76.7%. في ظل عدم إرتباط هذا التضخّم في أسعار الخبز والمواد الغذائية بارتفاعٍ الطلب وبالتالي يمكن السيطرة عليه، ولكن يرتبط ذلك بارتفاع أسعار القمح والغذاء عالميًا، واعتماد مصر بنسبة كبيرة على عملية الاستيراد لذلك أي ارتفاع في سعر الفائدة لا يمكن أن يعالج إرتفاع هذه الأسعار.
وأكد أن الدولة إتجهت في خطة الإصلاح الإقتصادي إلي الإهتمام بقطاعي الصناعة والزراعة بصفتهما المخرج من الأزمات الاقتصادية مستقبلًا من خلال تحقيق الإكتفاء الذاتي من السلع الأساسية والاستراتيجية والمنتجات. إضافة إلي أنه لايُمكن السيطرة على سعر الصرف دائمًا من خلال سعر الفائدة، لأنهُ عندما تتّجه البنوك المركزية في الدول المتقدّمة وتحديدًا الفيدرالي الأمريكي إلى رفع سعر الفائدة، فإن مصر بإعتبارها أحد الإقتصاديات الناشئة ستتأثر بذلك والدليل أنه مع رفع الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة،تراجعت الإستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة الحكومية من حوالي من 21 مليار دولار في يناير من عام 2022 إلى 10.4 مليار دولار في يناير الماضي، نتيجة توجُه الاستثمارات الأجنبية نحو الأسواق المتقدّمة ذات الفائدة الآعلي، وهو ما أثر سلبًا علي النمو الإقتصادي المصري نتيجة الحاجة إلى العملة الأجنبية الدولارية من أجل تلبية الاحتياجات من الواردات، وأيضًا لإنتاج السلع المحلّية الصنع التي تعتمد على نسبة كبيرة من مكوناتها على الواردات.
وأختتم مُصطفي بقولُه أن إتجاه الحكومة المصرية نحو الإقتراض ضرورة لإستكمال المشروعات التنموية التي تقوم الدولة بتنفيذها لتحقيق النمو الاقتصادي في ظل ضرورة التحول من بلد تعتمد بشكل كبير علي الإستيراد إلي بلد مُنتج ومُصدر علاوة علي ضرورة وقف الحرب الروسية الأوكرانية لأن إستمرارها يعني مزيد من الضغط الإقتصادي الذي سيكون له تأثير أكثر شده خلال المرحلة المقبلة لأنه ثبُت بالتجرُبه أن أدوات السياسة النقدية ماهي إلا حلول مؤقتة وليست حلول جذرية بل ومع تفاقُم الأزمة الإقتصادية العالمية كان لها تأثيرا سلبيا حيثُ أنهُ رغم ارتفاع سعر الفائدة لأكثر من الضعف في عام واحد، تحوَّلت الفائدة من موجبة إلى سالبة، وأصبحت تمثّل أقل من نصف قيمة معدّل التضخّم، علاوة علي زيادة أعباء الدَّيْن الحكومي لكون الحكومة هي أكبر مقترض من خلال أذون الخزانة والسندات الحكومية، لذا تتأثّر بإرتفاع سعر الفائدة، علاوة علي أن رفع سعر الفائدة يؤدي إلي بُطئ في الاستثمار وجذب المُستثمرين نتيجة القيود والأعباء التي يفرضها.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.