رحلة عذاب مرضى المناعة على أبواب مستشفيات الحكومة.. وكلمة السر حقن IvIg.. سعر العبوة 6 آلاف جنيه وتتأثر بصعود وهبوط الدولار
الحق فى العلاج، عنوان عريض ترفعه بعض الاتجاهات السياسية والاجتماعية، لكن ترجمته على أرض الواقع أمر آخر، إذ يعانى بعض المصابين بأمراض مناعية ومزمنة من مشكلات صعبة خلال رحلة الحصول على حقهم فى العلاج بشكل عادل وكريم فى ظل الروتين القاتل الذى يتعرضون له، وضمن هؤلاء الراغبين فى الحصول على حقنة IVIG.
وتعتبر الحقنة أحد العلاجات التى تمثل آخر أمل للشفاء للآلاف من مرضى نقص المناعة وأمراضها الذاتية، ولهذا توفر المستشفيات الحكومية تلك الحقن من خلال منظومة التأمين الصحى أو العلاج على نفقة الدولة، إذ يصل سعر الحقنة الواحدة لأكثر من ٦ آلاف جنيه فى سوق الدواء، ويحصل المريض على عدد كبير من الحقن، حسب حالته الصحية والوزن وتقرير الطبيب.
وتعتبر رحلة الوصول إلى قرار صرف الحقن الأصعب على المريض، بسبب التعقيدات والإجراءات الروتينية التى تنتهى بعدم توفير الحقن بالجرعات التى يحتاج إليها كاملة، إذ أحيانا يصرف له جزء فقط، وتطلب منه المستشفيات توفير الجزء الآخر من الخارج.
وحتى يحصل المريض على الجرعة كاملة، إذا كان خاضعا للتأمين الصحي، يجب عرضه على عدة لجان طبية، وإجراء الأشعة والفحوصات وتقديمها للجنة الطبية لإقرار صرف العلاج، ويستغرق الأمر وقتا طويلا، بينما إذا كان المريض غير خاضع للتأمين الصحى يمكن أن يصدر له قرار علاج على نفقة الدولة، بعد كتابة تقرير عبر لجنة ثلاثية من ثلاثة أطباء يؤكدون احتياج المريض لصرف الحقن، ومع ذلك يمكن أن ترفض اللجنة الطبية صرف الحقن للمريض بحجة أنه لا يستحق أخذ العلاج.
«م.ع» فتاة فى العشرينيات من عمرها مصابة بورم فى الحبل الشوكى نتج عنه تأثر فى الحركة وبعد خضوعها لأكثر من عملية جراحية، أقر الأطباء بحاجتها إلى الحصول على حقن (IVIG)، ولأنها لا تخضع للتأمين الصحي، لم يعد أمامها إلا استصدار قرار على نفقة الدولة بعد تأكيد تقرير لجنة ثلاثية لها، وإرساله إلى المجالس الطبية المتخصصة وعرضها على اللجان الطبية.
لكن كانت نتيجة اللجنة، أنها غير مستحقة للحقن، الأمر الذى اضطرها إلى تقديم تظلم من قرار اللجنة للعرض على لجنة أخرى، وهو أمر يتطلب إجراءات إدارية جديدة بداية من إصدار تقرير لجنة ثلاثية جديدة، وإجراء فحوصات طبية وأشعة، تثبت حاجتها إلى العلاج ويستغرق الأمر وقتا طويلا قد يصل إلى شهور.
بدوره قال والد الطفل عبد الرحمن المصاب بنقص وتكسير فى الصفائح الدموية، إنه لم يستجب للعلاج بالكورتيزون، وكانت حقن (IVIG) الحل الوحيد له، وبعد إقرار الأطباء بضرورة حصوله على الحقن وتحديد جرعات معينة تصل لـ٤٠ حقنة يأخذها الطفل لم يصرف فى النهاية إلا ١٦ حقنة له فى المستشفى، وبقية الجرعات استلزم شراؤها من الخارج.
وأضاف لـ»فيتو» أن تلك الحقن مقصور استخدامها على المستشفيات فقط، ولا تتوفر داخل الصيدليات فى السوق، وإذا وفرها أحد تكون مهربة من الخارج وتدخل البلاد بشكل غير شرعي.
وأوضح أن تلك الحقن كانت آخر خط علاجى يلجأ له الأطباء بعد تجربة كل الطرق العلاجية إذا لم تأت بنتيجة، مشيرا إلى أن سعرها يتراوح من ٥ إلى ٦ آلاف جنيه للحقنة الواحدة فى السوق، ويمكن أن يتكلف البرنامج العلاجى أكثر من ٥٠ ألف جنيه.
وأضاف أنه اضطر لشراء كميات من الحقنة من خارج المستشفى، وبفواتير الشراء يعود إلى التأمين الصحى لاسترداد قيمة الحقن، ولكن بأسعار التأمين الصحي، وحسب أسعار التعاقد عليها، والتى لا تزيد على ١٥٠٠ جنيه.
وبسؤال محرر «فيتو» عن أسعار الدواء داخل كبرى سلاسل الصيدليات، أكدت أنه غير متوفر باستمرار، وحال احتياج أى مريض له يمكن التعاقد على عدد العبوات المطلوبة مباشرة مع الشركة المستوردة له، وأوضحت السلاسل أن سعر العبوة ذات التركيز 2.5 جرام يبلغ 6 آلاف جنيه، وكانت منذ ٣ شهور بـ٤ آلاف جنيه، ويمكن أن يزيد سعرها مرة أخرى على ٦ آلاف جنيه.
ويسأل البعض، ما هى حقن (IVIG) وأهميتها واستخداماتها؟ وكيف تحقق نسب شفاء مرتفعة؟ وكيف يتم توفيرها للمرضى؟ وأماكن توفرها والحصول عليها، ويكشف عن ذلك عدد من أطباء أمراض المناعة.
بدوره قال الصيدلى كريم كرم، عضو المركز المصرى للحق فى الدواء، إن حقن IVIG مستوردة من الخارج ويتأثر سعرها وفق أسعار الدولار، ولا يتم توفيرها بكميات كبيرة، بل كميات محدودة.
من جانبه قال الدكتور أمجد الحداد استشارى أمراض المناعة والحساسية إن حقن IVIG عبارة عن أجسام مناعة جاهزة، يتم حقنها داخل جسم الإنسان فى حالات نقص المناعة.
وتابع حديثه لـ»فيتو» بأن الأجسام المناعية فى الجسم تقاوم أى أمراض تصيب الإنسان، مشيرا إلى أن بعض الأطفال يولدون بعيوب خلقية منها مرض نقص المناعة الخلقي، ويسبب لهم التهابات رئوية متكررة، والتهاب أذن وتكون نسبة الأجسام المضادة قليلة فى الدم عند إجراء تحليل للكشف عنها.
وأضاف أن هؤلاء الأطفال يوفر لهم التأمين الصحى حقن(IVIG) بعد إقرار اللجان الطبية بذلك، ويحدد عدد الحقن حسب وزن الطفل وتؤخذ الحقن عن طريق الوريد لفترات طويلة، ويمكن أن تكون مدى الحياة.
وأشار إلى أن بعض الأمراض الوراثية المصاحبة بنقص الأجسام المضادة تؤثر على المناعة وتستخدم حقن الأجسام المناعية فى أمراض المناعة الذاتية، منها الذئبة الحمراء والروماتيزم أو أمراض الشلل الرباعى المصاحب لها عدوى فيروسية تهاجم جسم الإنسان فى الكبار ويحصلون على حقن(IVIG) لفترات مؤقتة.
وأكد أن من يستمر على تلك الحقن طوال العمر هم الأطفال المولودون بنقص المناعة المكتسبة، مشيرا إلى أن الحقن يتم صرفها فى المستشفيات الجامعية أو مستشفيات وزارة الصحة.
بدوره قال الدكتور أشرف عقبة، أستاذ أمراض الباطنة والمناعة بكلية الطب جامعة عين شمس، إن حقن (ivig) هى حقن الجلوبيولين المناعي، موضحا أنها عبارة عن أجسام مضادة مركزة تعطى للمرضى الذين يعانون من نقص المناعة، ويمكن استخدامها فى مجالات أخرى لعلاج أطفال حديثى الولادة من أمهات تعانى من فيروس B لمنع انتقال الفيروس للمولود.
وتعتبر الحقن علاجا مناعيا لأمراض المناعة الذاتية، وتؤخذ بكميات كبيرة حسب وزن المريض والحالة الصحية، ويجب استخدامها فى المستشفى تحت إشراف طبى من أطباء المناعة لمنع حدوث أى آثار جانبية، منها نوبات حساسية شديدة حسب رد فعل جسم الإنسان.