رئيس التحرير
عصام كامل

دعاة ضد الإخوان.. الجفري: اختزال نصرة الإسلام في "جماعة" بعينها انحراف عن الدين.. مسعود: الاستقواء بالخارج والدعوة للقتال ليس من الجهاد.. والدعاة إلى المشروع الإسلامي فقدوا مصداقيتهم ولن نتحمل فشلهم


لم يرد الإخوان المسلمين أن تكتمل فرحة المصريين بالخروج لتفويض الجيش في حربه على الإرهاب، وفي سبيل ذلك أشعلوا حربا ضروسا في الإسكندرية، وقاموا بإرهاب واحتجاز العشرات داخل مسجد القائد إبراهيم، وأسفرت المواجهات الدامية معهم عن سقوط 12 شخصا من المعارضين لعودة المعزول محمد مرسي، ظنا منهم بأن الدين حكرا عليهم وأنهم الناطقون باسم الله في الأرض وأن دين المسلم لن يكتمل إلا بكونه عضوا في تلك الجماعة التي قتلت وعذبت وسحلت واستحلت الدماء باسم الدين.


كل هذه الحجج التي يدفع بها الإخوان المسلمين، رفضها كل من الدكتور أسامة الأزهري المشرف على مكتب رسالة الأزهر، والمتخصص في علوم الحديث، والداعية الإسلامي الحبيب على الجفري والداعية معز مسعود، مؤكدين أن الدين لن يكون لعبة في يد أي جماعة، واختزال نصرة الإسلام في الانتصار لجماعة بعينها يعد انحرافا عن صحيح الدين. 

وفي بيان لهم بعنوان "حتى لا يكون الدين لعبا" أكدوا أنه بعد متابعة أحداث مصر المتتالية، التي كان آخرها الاشتباك الدامي بشارع النصر، وتداعيات تفاعلاته، كان لا بد من بيان أن الدماء معصومة، والتعدي عليها من أكبر الكبائر، مهما كان المتورط فيها، بداية بدماء الجنود والأهالي التي تسفك ولا تزال كل يوم تروي أرض سيناء، على مدى شهر أو أكثر، وانتهاء بالحادث الأليم في شارع النصر، ودماء المتظاهرين من مختلف الاتجاهات، فالتحيّز لدمٍ بعينه، دون بقية الدماء الطاهرة، وإثارة حفائظ الناس للانتصار له، مع إغفال دماء من سواه، ما هو إلا استهانة بحرمة الدماء، وهذا من دعوى الجاهلية المقيتة وعصبيتها، والتحقيق الجاد والفوري في الاعتداءات، والمحاكمة العادلة لمرتكبيها هما السبيل الصحيح لإحقاق الحق، مع السعي الصادق للصلح بين المتخاصمين ابتغاء رضوان الله تعالى وإيثارا له على ما سواه.
 
وأكدوا أن دعوة الناس من مختلف الجهات وتأليبهم على مصر، أو على شرائح كبيرة من شعبها، انتصارًا لفصيل معين، ما هو إلا دعوة للفتنة، وفتح لأبواب اقتتال المسلمين والعرب، وتؤدي إلى دمار البلاد والعباد، وليست من الجهاد في شيء، والدعوة إلى تحويل أرض مصر إلى ميدان للمقاتلين من الدول المختلفة أمر في غاية الخطورة، فمصر هي قلعة الإسلام الحصينة، التي تتحطم على أبوابها أطماع الطامعين.

وأشار الدعاة في بيانهم إلى أن اختزال نصرة الإسلام في الانتصار لجماعة بعينها، لتُنسج عليها مفاهيم الولاء والبراء، ويُدار بها ميزان الحق والباطل، ويُربط انتصار الإسلام وهزيمته بنجاح مشروعها أو فشله، ما هو إلا انحراف عن صحيح الإسلام، وتضييق لواسع أفقه، واعتداء على طُهر عصمته.

وقال الدعاة: "إنه خلال سنة واحدة فَقَد من كانوا يتحدثون عن المشروع الإسلامي لعقود متتالية كثيرًا من مصداقيتهم، لدى شرائح متسعة من المسلمين، لكنّهم إن استمروا على ما هم عليه، وأضافوا إليه جريمة التحريض على الاقتتال، فسوف يخسرون تقبّل الناس لوجودهم فيما بينهم، وهنا يُصبح نزاع البقاء سبيلا إلى الفناء".

ودعا البيان، الجميع إلى وقفة مراجعة للنفس، مطالبين بالاعتراف بالخطأ، والاستغفار والندم، مع الاستعداد الكامل للرجوع إلى الحق حال ظهوره مهما خالف الهوى والمألوف، والاقتناع التام بأنه ليس لطرف أن يتصور قدرته على أن يُقصي غيره، بل لا يجوز له أن يقبل التفكير في ذلك.

وقالوا: "هذا وقت التماس الأعذار لبعضنا؛ لأن شدة الانفعال، وهول الأحداث، وزلزلة الكرب، وشدة التباس الأمور، وتصوير الخلاف السياسي على أنه صراع حول الهوية الإسلامية، ووقوع الدماء البريئة الطاهرة، كل ذلك من شأنه أن يذهب بالعقول، وتضيق معه الصدور، ويُعلنُ الناس بعضهم بعضا بالقطيعة والسباب".

مؤكدا أن الواجب في مثل هذا الوقت هو اتساع الصدر، والربانية الخالصة التي تذيب الأحقاد، وأن نتذكر جميعا الروابط العليا التي لا يصح العدوان عليها، والتي تجمع الشمل في هذا الوقت العصيب، والتي نفزع إليها عندما تثور النفوس، بأن نتذكر أخوة الدين، وأخوة الوطن، وأخوة الإنسانية، ولا يستسلم أحد لغضبه، فيعطي لنفسه حق التجاوز والتعدي، وألا يستسلم لرضاه فيغض الطرف عن واجب النصح والنقد والتوجيه، وأن نستحضر الأخلاق النبوية المشرفة، وأن يعامل بعضنا بعضا بالصفح."
الجريدة الرسمية