عمرو موسى: الحوار الوطني ضرورة لمستقبل مصر
أكد عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، أهمية الحوار الوطني فيما يتعلق بمستقبل مصر.
وقال: لي تعليق حول شعار الجمهورية الجديدة وهو أنه يجب أن ترتكز على التعليم الجيد والمرتب المناسب والشفافية والتخطيط والديمقراطية.. وأنا كمواطن مصري مهتم بالمسألة المصرية ومهتم بإنجاح تلك المسيرة ومطلع بقدر الامكان علي التطورات العالمية والإقليمية حول مصر انطلاقا من النصوص الدستورية والمواد المطروحة فيه حول التنمية البشرية وحقوق المواطنة والتي فصلها الدستور.
وأضاف: “الدستور خصص 4% من الميزانية العامة للتعليم قبل الجامعي و2% للتعليم العالي و1 % للبحث العلمي وهى مواد يجب أن يقرأها المثقفون بالإضافة إلى ما جاء بالدستور من سرد وتأكيد لحقوق المواطنة والتزاماتها وما جاء فيه من مواد للمرأة والطفل”.
جاء ذلك في ندوة " التعليم والتنمية... رؤية مستقبلية" والتي نظمتها مؤسسة الدكتور جمال شيحة للتعليم والثقافة والتنمية المستدامة وذلك في إطار برنامجها الثقافي لعام 2023 والذي حمل شعار " طه حسين...مشروعا للمستقبل " بالتعاون مع اتحاد كتاب مصر والمؤسسة الأفريقية للتطوير وبناء القدرات بمناسبة مرور 50 عاما على وفاة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.
وشهد الندوة الدكتور جمال شيحة رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي السابق بمجلس النواب ومقرر لجنة التعليم والبحث العلمي في الحوار الوطني ولفيف من رؤساء وأساتذة الجامعات وشباب الجامعات وبرلمان الشباب والشخصيات العامة وعدد من قيادات التعليم.
وأثنى الأمين العام لجامعة الدول العربية علي اختيار طه حسين لأنه ترسيخ لفكرة أنه لا يوجد مستحيل وهو من تحدث عن أن التعليم كالماء والهواء كان يقصد الماء النقي والهواء النقي مع التأكيد على عنصر الجودة في التعليم لبناء الشخصية كما لا يجب التفرقة في الفرص بين الأغنياء والفقراء وأنه يجب إعطاء الفرصة للجميع حتى يكون الجميع علي قدرة للانتفاع بمقدرات الدولة فالفرص في مصر متاحة لمن يجيد التعلم ويدرس بإجادة ويقرأ بإجادة.
وأشار إلى أنه في السابق لم يتم منع أحد أبدا ولم يكن كل الأعلام المعروفين أمثال طه حسين والسنهوري ومصطفى النحاس من الأغنياء وإنما كانوا من العائلات الفقيرة فطه حسين أبوه كان فلاحا والنحاس كان أبوه نجارا وهذا يعنى أن الفرصة موجودة ولكن مع الجودة فقد كان بالمدارس مكتبات وكان المدرسون يدفعون بالطلاب للقراءة والمناقشة وهذا هو التعليم الذي أنتج طه حسين وغيره من أعلام عصره، مؤكدا أن الطموح مسالة مهمة جدا ليس من أجل ترقية أو وظيفة ولكن من أجل أن يكون المواطن صالحا ويحيا حياة طيبة ومريحة فيها السعادة والرضا.
وأضاف: نعم نريد جمهورية جديدة يعمل فيها الكل ويعرف الجميع إلي أين نحن ذاهبون وأن يكون الجميع قادر علي الإسهام في التقدم وأن يلعب القطاع الخاص دورا مهما بجانب القطاع الاستثماري من أجل النجاح وأن يكون هناك دور للمجتمع المصري وأن يقول رأيه ويتابع وأن يوافق في إطار أن المجتمع يتحدث و يتحاور ويتناقش بكل ديمقراطية وحرية وضوابط.
وأشار إلى أن طه حسين وغيره ممن عاشوا في جيله سواء من الشخصيات المعروفة أو من المهنيين هؤلاء هم من اعتمد عليهم المجتمع.. أما الآن فالمجتمع يفرق بين الطبيب والنجار وبين المهندس والحداد بخلاف المجتمعات التي وصلت لمرحلة النضج لا تفرق بين هذا وذاك لأنهم عصب المجتمع ولذلك علي المجتمع أن يدرك ذلك.
وأضاف: رسالة طه حسين للجميع أنه لا مستحيل بدليل أنه كان رجلا فقيرا ومن ضمن عدد كبير في أسرته ولكنه استطاع أن يخترق الآفاق، فتعلم واستفاد وأنه حينما دعا إلي مجانية التعليم فكان يعنى أن التعليم كالماء والهواء وهو حق من حقوق الإنسان، ولكن عندما نتكلم عن التعليم فنحن نتحدث عن التعليم الجيد من حيث المضمون والمعلمين، وألا يكون هناك مستحيل مع التركيز على التنمية والاستقرار والخدمات الصحية والتعليمية.
وأشار موسى إلى أن ما تمر به المنطقة الآن من تطورات وتغيرات تحدث بسبب ما نراه من سوء استخدام لميثاق الأمم المتحدة وآليات حفظ السلام والأمن الدوليين وسياسات الدول العظمى التي أدت لإضعاف دول الجنوب والعالم الثالث ولذلك وجب إعادة النظر في النظام الدولي وضرورة تطويره.
وأكد أن كورونا أصابت العالم بالشلل وأظهرت فشل دول العالم في المواجهة ولذلك يجب النظر في أن يعاد النظر في القواعد الحاكمة للموقف الدولي.. ثم أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا واشتعال الصراع بين روسيا والغرب وما تبعه من أزمات وتطورات كبيرة وتبعات خطيرة على دولنا.
وأشار إلى أن الاتفاق الإيراني السعودي مهم وهناك عوامل محيطة به لأن الدولة العظمى الراعية له هي الصين والطرفين كلاهما إسلامي وإذا تطور ونجح سيكون له دور مختلف على المنطقة من حيث الاستقرار والتنمية.
وأضاف أن هناك تقدما في ملف العلاقات المصرية التركية ووزير الخارجية التركي زار مصر.. فتركيا دولة مهمة جدا وتلعب دورا كبيرا ولها تأثير في الجناح الشرقي لأوروبا ودول القوقاز والاتحاد السوفيتي السابق.. كما أن لها دور وتأثير كبير في العالم الإسلامي ولها طموحات في العالم العربي وهى موجودة في سوريا وشمال العراق عسكريا ولها قواعد في البحر الأحمر وفي القرن الأفريقي وفى ليبيا لأنها استطاعت أن تدير امورها بحنكة فحدث تقدم في الاقتصاد والتقدم في نواحي الحياة ولها دور متميز في التفاوض بين روسيا وأوكرانيا لها دور مهم في موضوع غاز البحر المتوسط، وأيضا مصر دولة كبيرة والإمكانيات لديها ليس لها حدود وأسواقها كبيرة ولذلك تطمح في عودة العلاقات مع مصر.
أضاف أن إيران أيضا تريد أن تلعب دور بالمنطقة، ولكن الفرق بين تركيا وإيران أن تركيا تلعب بأوراق القرن 21 حيث الاستثمار والاقتصاد، ولكن إيران مازالت تلعب بأدوات القرن الرابع حيث المذهبية التي تحاول نشرها والسيطرة من خلالها.
وقال: كلاهما يحاولان السيطرة والقيادة الاقليمية في منطقة كانت القيادة كانت معقودة فيها لمصر منذ قديم الزمن وصولا لمحمد علي باشا حيث اعتمدت فيها مصر علي القوة الناعمة حيث التعليم في الأزهر وفى الجامعة المصرية التى كان يدرس بهما أبناء الملوك والأمراء والقادة أمثال الملك حسين والملك فيصل وغيرهم كما أن مصر كانت قبلة للباحثين عن العلاج والاستشفاء والحياة الرغدة.
وأشار الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية الى أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تصبح دولة عظمى بالأساطيل الحربية ولكن بالتعليم والجامعات وناسا وغيرها وهذا ما ننظر إليه باحترام وهذا ما نتمناه لمصر أن يكون لديها جودة التعليم من أجل النجاح وأن يكون لديها قوة ناعمة وأن يكون الجميع معنيين بذلك، وأن تستعد للعصر بما فكر فيه طه حسين وأراده لمصر من حيث الجودة في التعليم والجامعات الحديثة والتكنولوجية والأخذ بمفردات الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي والروبوت وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين وللضيوف الأجانب من السائحين وغيرهم.
أضاف أن مصر لديها من العلماء والمؤسسات الطبية مثل د.مجدى يعقوب ومحمد غنيم وأنهم يقدمون خدمات طبية على مستوى راق مثل ما تقدمه المراكز الطبية العالمية.
وقال: مصر دولة لها تاريخ عميق يتحدث عن المجتمع المصري وشهامة وكرم مواطنيه ولكننا الآن نتحدث عن المستقبل ومطلوب للإنسان المصري أن يطمئن وأن يعيش مع أمل يمكن الوصول إليه وأن ننزع عنه اليأس وأن نزرع الأمل وأن يتقدم كما تقدم طه حسين والسنهوري ومصطفى مشرفة، فكل شيء ممكن إذا كان الإنسان مطمئن ومتعلم بشكل جيد فالتعليم سيدفع به للأمام.
أضاف: أنا كمواطن مصري لا أيأس وأحمي نفسي من اليأس، وبذلك نستطيع أن نتقدم، ولنا في دول مثل فيتنام وماليزيا وسنغافورة وبعض من دول أفريقيا قصص نجاح كثيرة قائمة على الفكر السليم والعلم ومشاركة الجميع فالتقدم لا يأتي صدفة وعلينا أن نشعر بالأمل وأن نفخر بمصر وأجيالنا الحالية التى أرى أن لديها الفرصة للنجاح والتقدم.
وجاء في رسالته للشباب: تفاءلوا ولا تيأسوا لأن اليأس يقضى على البلد وعلى الجيل..ويجب أن تتمسكوا بالجودة في كل شئ كل في مجاله.
وطالب بإيقاظ القوى الناعمة مضيفا: “علينا أن نعيش بأدوات العصر فنحن في تحد كبير”.
وأشار الدكتور جمال شيحة إلى أنه بالتعليم والبحث العلمي والقوى الناعمة تستطيع أي أمة أن تنهض وأن يكون لها دور مهم في العالم من حيث القوة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية اقليميا ودوليا وتستطيع ان تواجه المؤامرات والتدخلات الخارجية.
وأضاف أن الوطن والأمة يتلمسان الطريق ونتصور أن التعليم الجيد والبحث العلمي يمكن أن يكونا نقطة البداية لمشروع وطني وقومي عنوانه "الحرية والديمقراطية والمشاركة العامة" لذلك رأينا أن تكون البداية بشخصية لها رمزية متعددة وهى الدكتور طه حسين والذي يمر في أكتوبر القادم خمسين عاما على رحيله.