سيد درويش، رفض التقرب للملك وقاوم الاستعمار بالغناء، ولغز حول وفاته في ريعان الشباب
الموسيقار سيد درويش هو أحد رواد الموسيقى ومجددها وهو باعث النهضة الموسيقية في مصر والعالم العربى، صاحب أغانٍ ومقطوعات من التخت الشرقى الخالص، وأناشيد كلها مستوحاة من البيئة التى يعيش فيها، وهو ما جعل الشعب يحفظها عن ظهر قلب ويرددها إلى الآن، نشأ نشأة دينية وحفظ القران.
ولد الموسيقار سيد درويش في مثل هذا اليوم عام 1892 بحى كوم الدكة بالإسكندرية، بدأ حياته وهو في السادسة عشر عاملا للبناء ويغنى للعمال أثناء العمل حتى لفت نظر أصحاب فرقة سليم عطالله الى صوته فعرضوا عليه العمل في فرقتهم.
البداية مع الشيخ سلامة حجازى
بدأ الشيخ سيد درويش ـ كما كان يحب أن يسمى ـــ حياته الفنية مرددا لألحان الشيخ سلامة حجازي والشيخ حسن الأزهري عام 1905 داخل المعهد الدينى الذي يدرس فيه، لينتقل إلى الغناء في المقاهي.
أتى به الشيخ سلامة حجازي من الإسكندرية إلى القاهرة فقدم أول حفل غنائى له في مقهى الكونكوريا قدم فيه أول أغنية من تلحينه “زورونى كل سنة مرة حرام.. تنسونى بالمرة.. حرام”.
سافر سيد درويش مع الأخوين عطالله إلى الشام 1908 وغنى سيد درويش على مسارح بيروت وفى الافراح والحفلات الشعبية، واستمر هناك أربع سنوات اتقن فيها العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية.
قوم يامصرى مصر دايما بتناديك
عاد سيد درويش إلى القاهرة وقدم أول أدواره الغنائية (يا فؤادى ليه بتعشق )، وفى عام 1919 غنى أول أغنية وطنية (قوم يا مصرى.. مصر دايما بتناديك)، ثم تبع ذلك الكثير من الألحان للفرق المسرحية الموجودة آنذاك الريحانى ومنيرة المهدية وجورج أبيض وعلى الكسار.
دعوة الى الجهاد والاصلاح الاجتماعى
جعل من الغناء وسيلة للجهاد الوطنى والإصلاح الاجتماعى إلى جانب الطرب فلحن الموسيقار سيد درويش نشيد (أنا المصرى كريم العنصرين... بنيت المجد بين الأهرامين)، وغنى سيد درويش لمجتمع العمال بجميع أطيافه فغنى للعربجية، الجرسونات، الحشاشين، المجانين، بياعين اللبن، البوابين، السياسيين، بياع الورد، الأفندية، الرشايدة، الصعايدة.
من أجمل اغنيات سيد درويش
ومن أجمل ما قدمه سيد درويش أغنيات: قوم يامصرى مصر دايما بتناديك، خد بنصرى نصرى دين واجب عليك / خفيف الروح بيتعاجب.. برمش العين وبالحاجب/ علشان مانعلى ونعلى ونعلى.. لازم نطاطى نطاطى نطاطى / الحلوة دى قامت تعجن فى الفجرية.. والديك بيدن كوكو فى البدرية / زورونى كل سنة مرة.. حرام تنسونى بالمرة /الحبيب بالهجر مايل.. والفؤاد مايل إليه
قدم سيد درويش قوالب موسيقية متعددة منها 10 أدوار، 40 موشحا، 100 طقطوقة، 30 مسرحية و20 أوبريتا من أشهر الأوبريتات منها "شهرزاد" التي أحدثت انقلابا في عالم الموسيقى والألحان، "العشرة الطيبة" الذي ألفه محمد تيمور وكتب أغانيه بديع خيرى، "الباروكة" و"كليوباترا وأنطونيو وغيره.
موقف وطنى جرئ
ويحكى الكاتب مأمون الشناوي موقفا من المواقف الوطنية للموسيقار سيد درويش نشرها في مجلة الجيل عام 1953 يقول فيها:
دعى بعض الموسيقيين من أعضاء معهد فؤاد الأول للموسيقى لإحياء حفلة ساهرة في قصر عابدين، ورأى رجال المعهد على الرغم من خلافهم التنافسى مع المجدد الثائر على الأوضاع سيد درويش أنه خير من يضع الأناشيد الوطنية والحماسية فذهبوا إليه ــــ كارهين ـــ وقال له مسئول المعهد "لقد دعينا لإحياء حفلة موسيقية بسراى عابدين يشرفها الملك فؤاد بنفسه.. وقد جئنا إليك راجين أن تشاطرنا هذا الشرف بتقديم نشيد في تحية الملك ".
رد سيد درويش: كم كان يسعدنى هذا الشرف لكن الأيام الباقية على إقامة الحفل لا تكفى لوضع النشيد المناسب، لكن ألح عليه زملاؤه في إنجاز النشيد، ولاقت لأحدهم فكرة ظن أن فيها الحل وقال "ليس عليك إلا أن تضع اسم فؤاد مكان اسم سعد في نشيدك السابق وتغنيه.
هنا فقد درويش صوابه وقال "هل جننت يا رجل.. أتطلب منى أن أضع اسم الشيطان في مكان اسم الملاك، فلتعلموا أننى موسيقى لم أخلق لتسلية الملوك والأمراء وأمثالهم ولا للتغنى بمديحهم بحق وبغير حق.. وإنما خلقت لكى أعبر عن هؤلاء الحفاة العراة البائسين الذين هم منى وأنا منهم.. إننى موسيقى الجماهير المضطهدة، فموسيقاى تمثل صراخهم وآلامهم وآمالهم وشكواهم من مضطهديهم ومعذبيهم فكيف تطلبون من محامى المضطهدين أن يدافع عن الطغاة المستبدين.
رحيل غامض في ريعان الشباب
كان سيد درويش من أوائل الفنانين الذين ربطوا الفن بالسياسة والحياة الاجتماعية وقاوم الظلم والاستعمار بالفن، وساند الطبقات الشعبية والفقيرة وعبر عنها بالفن، فغنى "قوم يامصرى" أثناء ثورة 1919، كما غنى نشيد "بلادى بلادى" الذى اقتبس فيه بعضا من كلمات الزعيم الراحل مصطفى كامل، واستخدم الفن والموسيقى في الجهاد الوطني والإصلاح الاجتماعي.
وفى أوج شهرته وتألقه ومقاومته رحل سيد درويش فجأة بشكل غامض فى سبتمبر 1923، وهو فى ريعان شبابه، وأثير الكثير عن واقعة وفاته التي أشار الكثيرون إلى أنها مدبرة.
قالوا عن سيد درويش
وصفه العقاد بإمام الملحنين، وفى كتاب "صحبة العشاق “كتب الأديب خيري شلبي تحت عنوان (عبقرية سيد درويش.. ثورة الوجدان ووجدان الثورة) يقول: يزداد إيماني بعبقرية فنان الشعب سيد درويش عاما بعد عام، بل يزداد يوما بعد يوم، فما ترسب في النفس منه يكفى لأن يظل في الوجدان، إن ما حققه سيد درويش لم يكن مجرد إنتاج فنى غزير يصلح للتداول في كل عصر وأوان، بل خلَّف تراثا عظيما يتغذى على وجدان الجماهير قدر ما يغذيها”.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل: الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.