“مارد الأسعار” يتحدى الحكومة.. وسياسيون واقتصاديون: التغيير الوزارى ليس حلا
جنون الأسعار أصبح بمثابة “مارد” خرج من قمقمه ولا يبدو أنه سيعود، فيوما بعد آخر تزداد الأسعار ارتفاعا بشكل بات يشكل عبئا لا يطاق على السواد الأعظم من الشعب المصري، ماذا جرى فى مصر؟
السؤال بات يبحث عن إجابات شافية بالرغم مما يقال حول تأثير أزمة الحرب الروسية الأوكرانية والتضخم العالمي، خاصة أن الحكومة لم تستطع أن تقنع المواطنين بأنها تتصدى بجدية للارتفاعات المتتالية والقياسية فى الأسعار لاسيما فى أسعار اللحوم والدواجن والأسماك.
توجهت «فيتو» لأصحاب الرأى وذوى الاختصاص ولاسيما قيادات الأحزاب والسياسيين والاقتصادين، وسألناهم عن مقترحاتهم للحدث من أزمة الأسعار المستمرة والتى ألهبت ظهور جميع المصريين من مختلف الطبقات.
الرضا الشعبي
يقول المهندس فريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، إن رضا الشعب عن سياسات الحكومة من عدمه أمر صعب تحديده، فزيادة الأسعار والأعباء المالية الملقاة على عاتق المواطن ستجعله غير راضٍ بالطبع.
وأكد زهران أن هناك حاجة إلى مزيد من المراجعة المستمرة لخطوات دعم برامج الحماية الاجتماعية وضمان وصول الدعم الاجتماعى لمن يستحق، على أن يتم ذلك بالتوازى مع مراجعة السياسات الزراعية والصناعية للحد من الاستيراد وتوفير الجزء الأكبر من احتياجاتنا من السوق المحلى التى تؤدى لكبح أية زيادة فى معدل التضخم ينتج عنها تآكل تأثير برامج الحماية الاجتماعية الجديدة.
وأكد زهران أن حالة الغلاء التى يعانيها الشعب المصرى فى جميع الخدمات تتطلب ضرورة الإسراع فى خلق آليات للتفاوض الاجتماعى وحلول مناسبة للغلاء بما يضمن إيجاد حلول عملية تخدم المواطن وتخفف عنه.
وأكد زهران أن هناك ضرورة لرفع الأجور وزيادة الدعم النقدى للفئات الأولى بالرعاية، وعدم زيادة أى أعباء جديدة على المواطنين من خلال تثبيت أسعار الكهرباء والوقود.
ولفت إلى ضرورة الامتناع عن فرض أى رسوم جديدة غير مباشرة، وتعاون الحكومة مع مجلس النواب عبر المراجعة العاجلة للموازنة العامة للدولة وخطة التنمية وترتيب أولويات الإنفاق والمشروعات الكبرى لإيجاد التمويل اللازم لزيادة بنود الحماية الاجتماعية.
استراتيجية محددة
أما الكاتبة الصحفية فريدة النقاش، نائب رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ، فقالت إن الحل ليس فى تغيير الحكومة أو بعض الوزراء، وإنما الحل يكمن فى وضع استراتيجية قابلة للتنفيذ لمواجهة هذا الغلاء والبداية عن طريق زيادة منافذ بيع السلع الغذائية التابعة للدولة لإحداث توازن فى الأسعار.
وأشارت النقاش إلى أهمية التصدى للتجار المحتكرين للسلع عن طريق تشديد العقوبات حتى يكونوا عبرة لغيرهم، مع قيام جهاز حماية المستهلك بدوره الرقابى وشددت فى الوقت نفسه على دور المواطن من خلال الوعى بخطورة الزيادة السكانية التى تسير بلا ضابط أو رابط، لافتة إلى ضرورة تحديد الدعم بطفلين.
من ناحيته، يقول المهندس أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكى المصرى: نحن أمام أزمة متشعبة تحتاج إلى إدارة حازمة وواضحة المعالم لتوفير الحد الأدنى من احتياجات المجتمع فى ظل الأسعار الجنونية التى نشهدها كل يوم، مؤكدا أن المواطن المصرى يمكن أن يستغنى عن أشياء كثيرة، وهذا حدث بالفعل، لكن لم يتبق أمامه إلا الغذاء الذى ارتفع سعره بشكل تجاوز كل الحدود.
أن مجلس الوزراء مطالب بمراجعة موقفه الأزمة والبحث عن حلول لها خاصة أن القضية تحتاج إلى معالجة حكيمة لأن تزايد الأوضاع قد يؤدى إلى ما لا يحمد عقباه، مؤكدا أن: لدينا حالة «سعار» فى الأسعار، والدولة ليس لديها قدرة على المواجهة وتركت القضية للشعب وهذه مشكلة كبرى، خاصة ونحن مقبلون على شهر رمضان.
أضاف: نحتاج إلى تدخل حقيقى لوضع حد للارتفاعات المتتالية للأسعار، لأن هذا يهدد السلم الاجتماعى، وإذا لم تستطع الحكومة، أو الوزارات المعنية بالغذاء التحكم فى الأسعار، فعليها أن تعترف بأنها غير مؤهلة لهذه القضية، إذ يعتبر الحل ليس فى تغيير الحكومة أو الوزير، وإنما فى تغيير السياسات لأن ترك الاقتصاد لآليات السوق يحدد أبعادها وسقفها يؤدى إلى كوارث ويجعل أصحاب رءوس الأموال يتحكمون فى كل شيء بدليل تدمير صناعة الدواجن.
استكمل: المواطن فعل كل شيء لمواجهة صدمات ارتفاع الأسعار لدرجة أنه يتناول أرجل الدجاج كطعام، لافتا إلى ضرورة إعادة مصر المنتجة كما كانت فى عهود سابقة، خاصة أن الاستيراد وصل إلى 90%من احتياجاتنا فى بعض السلع مثل الزيوت.
أما الدكتور ياسر الهضيبى، نائب رئيس حزب الوفد وعضو مجلس الشيوخ، فأكد أن ارتفاع الأسعار للمواد الغذائية بهذا الشكل الجنونى الذى تشهده الأسواق مؤخرا، يتطلب وضع سياسات زراعية جديدة تؤدى إلى إيجاد حلول لأزمة السلع فى السوق المصرى.
مسئولية الحكومة
من جهته، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، إن الحكومة مسئولة بشكل مباشر عن ارتفاع الأسعار التى حدثت الفترة الأخيرة، لأن السبب الرئيسى فى الزيادة، استيراد السلع والمنتجات الغذائية من الخارج، مع ارتفاع الدولار، ولذلك فالتاجر يشترى أغلى وفى النهاية يتحمل المواطن الفاتورة مع غياب الرقابة.
وأضاف «عبده»، فى تصريح خاص لـ»فيتو»، أن دولة بحجم مصر تستورد بنسبة تصل إلى 95% من زيوت الطعام من الخارج رغم أنها لا تحتاج إلى تكنولوجيا متطورة، ولكنها تحتاج إلى زراعة زيتون وغيرها من النباتات الزيتية بجانب أن المعاصر موجودة منذ أيام الفراعنة، وسؤالى هنا لوزيرى التموين والزراعة: ما هى الإشكالية إذن لصناعة الزيوت فى مصر؟
وتابع: المصريون لا يعملون بالشكل الكافى والبعض لا يعمل بالطريقة الصحيحة فعلى سبيل المثال أزمة الدواجن التى حدثت وارتفاع أسعارها، فإذا كانت الدواجن البرازيلية تنظيفها وتجميدها ثم نقلها عبر البحار إلى مصر وكل ذلك وما زالت أرخص بكثير من الدواجن المصرية إذن نحن لا نعرف طريقة تربية الدواجن الصحيحة.
وأكد أن الحل فى إنهاء الأزمة هو جلب مسئولين يعملون بشكل صحيح، ولديهم رؤية ونقلل الاعتماد على أهل الثقة الذين ليس لهم كفاءات.
نقلًا عن العدد الورقي…،