“مارد الأسعار” يتحدى الحكومة.. ونواب: التخبط في القرارات وراء فوضى الأسواق
جنون الأسعار أصبح بمثابة “مارد” خرج من قمقمه ولا يبدو أنه سيعود، فيوما بعد آخر تزداد الأسعار ارتفاعا بشكل بات يشكل عبئا لا يطاق على السواد الأعظم من الشعب المصري، ماذا جرى فى مصر؟
السؤال بات يبحث عن إجابات شافية بالرغم مما يقال حول تأثير أزمة الحرب الروسية الأوكرانية والتضخم العالمي، خاصة أن الحكومة لم تستطع أن تقنع المواطنين بأنها تتصدى بجدية للارتفاعات المتتالية والقياسية فى الأسعار لاسيما فى أسعار اللحوم والدواجن والأسماك.
“فيتو” فتحت هذا الملف مع عدد من نواب البرلمان والسياسيين والاقتصاديين لاستطلاع رأيهم حول مدى مسؤولية الحكومة عن أزمة الأسعار، وما إذا كانت الحلول التى تقدمها مثل معارض «أهلا رمضان» كافية، إضافة إلى مقترحاتهم لخروج مصر من هذه الأزمة العصيبة.
أسباب الأزمة
وفي البداية يحلل نواب الأزمة ويرون أن تجاهل الاكتفاء الذاتى والاعتماد المتزايد على الاستيراد سبب ما نعانيه، إذ يعنى ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه استمرار هذه الزيادات الكبيرة، لا سيما أن جزءا كبيرا من السلع يتم استيرادها من الخارج، فضلا عن تأثر سلاسل الإمداد فى ظل عالم يموج بصراعات كبيرة أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق، فضلا عن عدم تطابق التصريحات الحكومية بشأن توافر السلع وأسعارها مع الواقع الحقيقى.
النائب أحمد فرغلى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، شن هجوما حادا على الحكومة، مؤكدا أنها تركت المواطن فريسة لجشع التجار، منتقدا سياسة وزارة التموين فى التعامل مع الأزمات المتلاحقة فى الأسعار.
وواصل النائب قائلا: الحكومة تحولت لوزارة للسوق السوداء وعليها الاستقالة، مستشهدا بأزمة الأرز الذى تجاوز سعره 25 جنيها، قائلا: «وزارة التموين تدخلت فى أزمة الأرز فأصبح بسعرين ومش موجود، والزيت اختفى».
وعن الدعم التموينى المقدم من الحكومة للمواطنين، أشار إلى أنه أصبح لا يساوى الثلث، مشيرا إلى أن المواطن يحصل على 50 جنيها على بطاقة التموين، وأصبحت لا تساوى شيئا فى ظل الارتفاع الكبير فى الأسعار.
فجوة غذائية
من جانبه أشار النائب عمرو درويش، أمين سر لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، إلى أن هناك فجوة كبيرة بين تكلفة السلع الغذائية وبين بيعها للمستهلكين بأسعار مرتفعة، موضحا أن السبب فى ذلك غياب دور وزارة التموين الرقابى، مؤكدا أنه لا يوجد تطابق بين ما يقوله المسئولون وما يواجهه المواطن فى الشارع.
من جانبها، أكدت النائبة مها عبد الناصر، أن هناك حالة من التخبط الشديد والقرارات والتصريحات المتضاربة شكلًا وموضوعًا للحكومة، والتى تخلق حالة من عدم الشفافية والمصداقية بين المواطن والحكومة، مستشهدة بما يحدث فى أسعار الأسماك على سبيل المثال حيث سقط قطاع الثروة السمكية فى شباك الأزمة الاقتصادية العصيبة التى تمر بها البلاد فى الآونة الأخيرة.
وأوضح أن الإشكالية ليست فقط فى الارتفاع الجنونى فى أسعار الأسماك، ولكن هناك حالة من حالات التضارب فى التصريحات والقرارات الحكومية والتى أتت جميع نتائجها بشكل عكسى على قطاع الثروة السمكية، مشيرة إلى ما تم الإعلان عنه من جانب رئاسة مجلس الوزراء فى عام 2015 عن إنشاء الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية والتى من أهدافها الأصيلة رعاية الثروة السمكية وتطويرها والإشراف على المسطحات المائية وتوفير المنتجات السمكية للمواطنين بأقل الأسعار.
وأشارت النائبة ، إلى التصريحات الأخيرة التى أطلقها وزير الزراعة، السيد القصير، بأن إجمالى الإنتاج السنوى فى مصر من الأسماك يبلغ 2 مليون طن بنسبة اكتفاء ذاتى تصل إلى حوالى 85%، فضلًا عن أن الدولة المصرية تحتل المركز الأول أفريقيا والسادس عالميًا فى الاستزراع السمكى وتحتل أيضًا المركز الثالث فى إنتاج البلطى.
وأوضحت أنه بالرغم من أسعار الأسماك فى مصر، إلا أنها قفزت بهذا الشكل الجنونى، فى حين أننا نحقق اكتفاء ذاتيا يقرب من 85% على حد التصريحات الأخيرة لوزير الزراعة، لافتة إلى أن ما حدث فى الأسماك جرى فى الدواجن واللحوم والأرز والزيوت وغيرها من أهم السلع الاستهلاكية التى تشهد ارتفاعا غير مسبوق فى الأسعار، بسبب غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق من جانب كافة الجهات المعنية.
دعم الإنتاج المحلى
من جهته أكد النائب محمد عبد الله زين الدين، أهمية أن تقوم الحكومة بدورها فى استمرار دعم الإنتاج المحلى، لتحقيق الاكتفاء الذاتى خصوصا من السلع الاستراتيجية، مشددا على ضرورة الحفاظ على بعض الصناعات مثل صناعة الدواجن التى تعرضت لأزمة كبيرة الفترة الماضية، أسفرت عن ارتفاع غير مسبوق فى الأسعار، مطالبا بأن يكون هناك قرارات حكومية جريئة فى التعامل مع هذه الأزمات للحد منها وللتخفيف عن المواطنين.
وقال زين الدين إن الحكومة تقوم بدور فى مواجهة الأزمة لامتصاص تداعياتها من خلال المعارض وعرض السلع بأسعار مخفضة، إلا أننا فى حاجة لرؤية متكاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع وخصوصا السلع الاستراتيجية.
نقلًا عن العدد الورقي…،