رئيس التحرير
عصام كامل

“مارد الأسعار” يتحدى الحكومة.. ونواب: التخبط في القرارات وراء فوضى الأسواق 

النائب أحمد فرغلي،
النائب أحمد فرغلي، فيتو

جنون‭ ‬الأسعار‭ ‬أصبح‭ ‬بمثابة‭ ‬“مارد”‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬قمقمه‭ ‬ولا‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬سيعود،‭ ‬فيوما‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭ ‬تزداد‭ ‬الأسعار‭ ‬ارتفاعا‭ ‬بشكل‭ ‬بات‭ ‬يشكل‭ ‬عبئا‭ ‬لا‭ ‬يطاق‭ ‬على‭ ‬السواد‭ ‬الأعظم‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬المصري،‭ ‬ماذا‭ ‬جرى‭ ‬فى‭ ‬مصر؟‭ 

‬السؤال‭ ‬بات‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬إجابات‭ ‬شافية‭ ‬بالرغم‭ ‬مما‭ ‬يقال‭ ‬حول‭ ‬تأثير‭ ‬أزمة‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والتضخم‭ ‬العالمي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تقنع‭ ‬المواطنين‭ ‬بأنها‭ ‬تتصدى‭ ‬بجدية‭ ‬للارتفاعات‭ ‬المتتالية‭ ‬والقياسية‭ ‬فى‭ ‬الأسعار‭ ‬لاسيما‭ ‬فى‭ ‬أسعار‭ ‬اللحوم‭ ‬والدواجن‭ ‬والأسماك‭.‬


“فيتو”‭ ‬فتحت‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬نواب‭ ‬البرلمان‭ ‬والسياسيين‭ ‬والاقتصاديين‭ ‬لاستطلاع‭ ‬رأيهم‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬مسؤولية‭ ‬الحكومة‭ ‬عن‭ ‬أزمة‭ ‬الأسعار،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الحلول‭ ‬التى‭ ‬تقدمها‭ ‬مثل‭ ‬معارض‭ ‬‮«‬أهلا‭ ‬رمضان‮»‬‭ ‬كافية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مقترحاتهم‭ ‬لخروج‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬العصيبة‭.‬

 

أسباب الأزمة

وفي البداية يحلل‭ ‬نواب‭ ‬الأزمة‭ ‬ويرون‭ ‬أن‭ ‬تجاهل‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬والاعتماد‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬الاستيراد‭ ‬سبب‭ ‬ما‭ ‬نعانيه،‭ ‬إذ‭ ‬يعنى‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدولار‭ ‬أمام‭ ‬الجنيه‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬الزيادات‭ ‬الكبيرة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬يتم‭ ‬استيرادها‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تأثر‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬عالم‭ ‬يموج‭ ‬بصراعات‭ ‬كبيرة‭ ‬أبرزها‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬غياب‭ ‬الرقابة‭ ‬الحقيقية‭ ‬على‭ ‬الأسواق،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬تطابق‭ ‬التصريحات‭ ‬الحكومية‭ ‬بشأن‭ ‬توافر‭ ‬السلع‭ ‬وأسعارها‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬الحقيقى‭.‬


النائب‭ ‬أحمد‭ ‬فرغلى،‭ ‬عضو‭ ‬اللجنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬شن‭ ‬هجوما‭ ‬حادا‭ ‬على‭ ‬الحكومة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنها‭ ‬تركت‭ ‬المواطن‭ ‬فريسة‭ ‬لجشع‭ ‬التجار،‭ ‬منتقدا‭ ‬سياسة‭ ‬وزارة‭ ‬التموين‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمات‭ ‬المتلاحقة‭ ‬فى‭ ‬الأسعار‭.‬


وواصل‭ ‬النائب‭ ‬قائلا‭: ‬الحكومة‭ ‬تحولت‭ ‬لوزارة‭ ‬للسوق‭ ‬السوداء‭ ‬وعليها‭ ‬الاستقالة،‭ ‬مستشهدا‭ ‬بأزمة‭ ‬الأرز‭ ‬الذى‭ ‬تجاوز‭ ‬سعره‭ ‬25‭ ‬جنيها،‭ ‬قائلا‭: ‬‮«‬وزارة‭ ‬التموين‭ ‬تدخلت‭ ‬فى‭ ‬أزمة‭ ‬الأرز‭ ‬فأصبح‭ ‬بسعرين‭ ‬ومش‭ ‬موجود،‭ ‬والزيت‭ ‬اختفى‮»‬‭.‬

وعن‭ ‬الدعم‭ ‬التموينى‭ ‬المقدم‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬للمواطنين،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬أصبح‭ ‬لا‭ ‬يساوى‭ ‬الثلث،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬50‭ ‬جنيها‭ ‬على‭ ‬بطاقة‭ ‬التموين،‭ ‬وأصبحت‭ ‬لا‭ ‬تساوى‭ ‬شيئا‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الارتفاع‭ ‬الكبير‭ ‬فى‭ ‬الأسعار‭.‬

فجوة غذائية
من‭ ‬جانبه‭ ‬أشار‭ ‬النائب‭ ‬عمرو‭ ‬درويش،‭ ‬أمين‭ ‬سر‭ ‬لجنة‭ ‬الإدارة‭ ‬المحلية‭ ‬بالبرلمان،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬كبيرة‭ ‬بين‭ ‬تكلفة‭ ‬السلع‭ ‬الغذائية‭ ‬وبين‭ ‬بيعها‭ ‬للمستهلكين‭ ‬بأسعار‭ ‬مرتفعة،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬غياب‭ ‬دور‭ ‬وزارة‭ ‬التموين‭ ‬الرقابى،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تطابق‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬المسئولون‭ ‬وما‭ ‬يواجهه‭ ‬المواطن‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭.‬


من‭ ‬جانبها،‭ ‬أكدت‭ ‬النائبة‭ ‬مها‭ ‬عبد‭ ‬الناصر،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التخبط‭ ‬الشديد‭ ‬والقرارات‭ ‬والتصريحات‭ ‬المتضاربة‭ ‬شكلًا‭ ‬وموضوعًا‭ ‬للحكومة،‭ ‬والتى‭ ‬تخلق‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الشفافية‭ ‬والمصداقية‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والحكومة،‭ ‬مستشهدة‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬أسعار‭ ‬الأسماك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬حيث‭ ‬سقط‭ ‬قطاع‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬فى‭ ‬شباك‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العصيبة‭ ‬التى‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬فى‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭.‬


وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الإشكالية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬فى‭ ‬الارتفاع‭ ‬الجنونى‭ ‬فى‭ ‬أسعار‭ ‬الأسماك،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬التضارب‭ ‬فى‭ ‬التصريحات‭ ‬والقرارات‭ ‬الحكومية‭ ‬والتى‭ ‬أتت‭ ‬جميع‭ ‬نتائجها‭ ‬بشكل‭ ‬عكسى‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬رئاسة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬عن‭ ‬إنشاء‭ ‬الشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬للثروة‭ ‬السمكية‭ ‬والأحياء‭ ‬المائية‭ ‬والتى‭ ‬من‭ ‬أهدافها‭ ‬الأصيلة‭ ‬رعاية‭ ‬الثروة‭ ‬السمكية‭ ‬وتطويرها‭ ‬والإشراف‭ ‬على‭ ‬المسطحات‭ ‬المائية‭ ‬وتوفير‭ ‬المنتجات‭ ‬السمكية‭ ‬للمواطنين‭ ‬بأقل‭ ‬الأسعار‭.‬


وأشارت‭ ‬النائبة‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬التصريحات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التى‭ ‬أطلقها‭ ‬وزير‭ ‬الزراعة،‭ ‬السيد‭ ‬القصير،‭ ‬بأن‭ ‬إجمالى‭ ‬الإنتاج‭ ‬السنوى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬الأسماك‭ ‬يبلغ‭ ‬2‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬بنسبة‭ ‬اكتفاء‭ ‬ذاتى‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬حوالى‭ ‬85‭%‬،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬تحتل‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬أفريقيا‭ ‬والسادس‭ ‬عالميًا‭ ‬فى‭ ‬الاستزراع‭ ‬السمكى‭ ‬وتحتل‭ ‬أيضًا‭ ‬المركز‭ ‬الثالث‭ ‬فى‭ ‬إنتاج‭ ‬البلطى‭.‬


وأوضحت‭ ‬أنه‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أسعار‭ ‬الأسماك‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬قفزت‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬الجنونى،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬أننا‭ ‬نحقق‭ ‬اكتفاء‭ ‬ذاتيا‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬85‭% ‬على‭ ‬حد‭ ‬التصريحات‭ ‬الأخيرة‭ ‬لوزير‭ ‬الزراعة،‭ ‬لافتة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬الأسماك‭ ‬جرى‭ ‬فى‭ ‬الدواجن‭ ‬واللحوم‭ ‬والأرز‭ ‬والزيوت‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬السلع‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬التى‭ ‬تشهد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬فى‭ ‬الأسعار،‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬الرقابة‭ ‬الحقيقية‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬كافة‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭.‬

 

دعم الإنتاج المحلى

من‭ ‬جهته‭ ‬أكد‭ ‬النائب‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬زين‭ ‬الدين،‭ ‬أهمية‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الحكومة‭ ‬بدورها‭ ‬فى‭ ‬استمرار‭ ‬دعم‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلى،‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الصناعات‭ ‬مثل‭ ‬صناعة‭ ‬الدواجن‭ ‬التى‭ ‬تعرضت‭ ‬لأزمة‭ ‬كبيرة‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية،‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬فى‭ ‬الأسعار،‭ ‬مطالبا‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬قرارات‭ ‬حكومية‭ ‬جريئة‭ ‬فى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬للحد‭ ‬منها‭ ‬وللتخفيف‭ ‬عن‭ ‬المواطنين‭.‬


وقال‭ ‬زين‭ ‬الدين‭ ‬إن‭ ‬الحكومة‭ ‬تقوم‭ ‬بدور‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمة‭ ‬لامتصاص‭ ‬تداعياتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المعارض‭ ‬وعرض‭ ‬السلع‭ ‬بأسعار‭ ‬مخفضة،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬فى‭ ‬حاجة‭ ‬لرؤية‭ ‬متكاملة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬وخصوصا‭ ‬السلع‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية