محاولات إجهاض عودة العرب للحضن السوري!
ليست المرة الأولى التي أكتب فيها عن حتمية عودة العرب للحضن السوري ولن تكون الأخيرة بالطبع، في ظل الحقد الذي تمارسه بعض النخب العربية عبر وسائل الإعلام على سورية العربية، فمعركتنا مع أبواق العدو الأمريكي وحليفه الصهيوني لازالت مستمرة.
وهذه المعركة التي نخوضها تطوعا لنشر وعي حقيقي حول ما يحدث داخل مجتمعاتنا العربية, يخوضها الآخرون بأجر, وفي الوقت الذي تضيق علينا مساحة التعبير عبر الوسائل الإعلامية فلا نجد إلا بعض المنابر الوطنية المقاومة، لكن تتسع المساحة الممنوحة لهؤلاء بحجة المهنية وسماع الرأي والرأي الأخر.
وقد أوضحنا كثيرا أن معركتنا بدأت مبكرا مع من يطلقون على أنفسهم النخب العربية ويظهرون على وسائل الإعلام ليزيفوا وعي الجماهير العربية بحقيقة ما يحدث داخل مجتمعاتنا، فحين بدأت موجة الربيع العربي المزعوم في نهاية العام 2010 وبداية العام 2011 كانت هناك العديد من المبررات الموضوعية لحدوثها في غالبية الأقطار العربية..
خاصة التي انبطحت أنظمتها الحاكمة للعدو الأمريكي – الصهيوني وسلمت مقدرات شعوبها وأوطانها لذلك العدو ليفعل بها ما يشاء، وتحولت بذلك غالبية مجتمعاتنا العربية إلى مجتمعات رأسمالية تابعة تدور في فلك النظام الرأسمالي العالمي، لذلك لم يكن غريبا خروج الجماهير الشعبية غاضبة ومطالبة بالتغيير وإسقاط هذه الأنظمة بعدما عانت أشد المعاناة على كافة الأصعدة المجتمعية.
جبهة شعبية للدفاع عن سورية
لذلك لم يكن من المتوقع أن تصل مثل هذه الموجة الغاضبة إلى سورية العربية، التي كان نظامها الحاكم يرفع راية العصيان في مواجهة المشروع الرأسمالي الغربي, ويكن العداء ويجاهر به في وجه العدو الأمريكي – الصهيوني، ويدعم حركات المقاومة العربية في مواجهة العدو الصهيوني, ويرفض أي اتفاقيات سلام مزعومة قائمة على التفريط في شبر واحد من الأرض العربية المحتلة من قبل العدو الصهيوني, ويرفض التفريط في قراره السياسي بأى شكل من الأشكال..
لذلك سعى إلى بناء مجتمع قائم على الاكتفاء الذاتي, فكانت سورية هى الدولة العربية الوحيدة التي يأكل شعبها مما يزرع ويلبس مما يصنع, ولم يكن عليها دولار واحد دين خارجي خاصة للدول الغربية الرأسمالية, ولا المنظمات الدولية التي تفرض شروطها على من يرغب في الاستدانة كصندوق النقد والبنك الدوليين, وكان غالبية سكانها يعيشون بكرامة في مجتمع تتوافر به كل احتياجاتهم الأساسية والتي تشكل صمام الأمان لأي مجتمع.
وعندما وصلت موجة الغضب إلى سورية وتناقلتها وسائل الإعلام الغربية والعربية العميلة والمأجورة كنت أتشكك فيما يحدث، ولم يكن عقلي يقبل بما يذاع إلا في إطار المؤامرة لأن الشروط الموضوعية التي توافرت في بعض الأقطار العربية الأخرى التي شهدت موجة الغضب لم تكن متوفرة في الحالة السورية..
لذلك سارعت مع بعض الزملاء الذين يمتلكون نفس الوعي بتشكيل أول وفد مصري لزيارة سورية لنرى ونشاهد على أرض الواقع ما تبثه وتدعيه وسائل الإعلام, وبالفعل كانت الزيارة كاشفة بكل معنى الكلمة فلا أصل لما يبث عبر وسائل الإعلام بل فبركات وتزييف وتزوير للواقع..
وتأكدنا أن هناك شعبا واعيا إلى حد كبير خرج لتأييد ودعم قيادته الوطنية التي تسعى طوال الوقت للحفاظ على استقلالية القرار الوطني السوري. وعند عودتنا إلى مصر قمنا بتشكيل جبهة شعبية وإعلامية للدفاع عن سورية التي تشكل آخر معاقل القومية العربية..
فك الحصار عن سورية
وواجهنا انتقادات كبيرة وصلت إلى حد الاتهام بالعمالة للنظام السوري أحيانا والتكفير أحيانا أخرى ثم تطور الأمر لإهدار دماؤنا أثناء حكم محمد مرسي وجماعته الإرهابية, ورغم ذلك أخذنا على عاتقنا أن نخوض المعركة إلى جانب سورية العربية عبر المنابر الإعلامية المتاح لنا الظهور عليها في محاولة لتنوير الرأي العام المصري والعربي بحقيقة ما يحدث على الأرض العربية السورية.
وبعد حدوث الزلزال الأخير دخلت سورية مرحلة جديدة حيث تغير الموقف الرسمي العربي إلى حد كبير، وبدأت الاتصالات المقطوعة تعود من جديد بين العواصم العربية ودمشق, وبدأت المساعدات التي تشكل مقدمة لفك الحصار الظالم على سورية تتوافد عبر البر والبحر والجو, وبدأت الوفود الرسمية العربية تحج إلى دمشق وتلتقي بالرئيس البطل بشار الأسد, وتداخل بذلك الانساني مع السياسي..
لذلك طالبنا بحتمية الإسراع في عودة العرب لحضن سورية من جديد وأن تكون القمة العربية القادمة بالرياض هي تتويج وترجمة فعلية لكل هذه التحركات الايجابية على الأرض, ففك الحصار عن سورية والعودة إلى حضنها هو التكفير الوحيد عن الذنب الذي ارتكبته الأنظمة العربية الرسمية على مدار السنوات الماضية..
وبالطبع هذه العودة لن تعجب قوى العدوان الأمريكية – الصهيونية لذلك بدأت في تحريك أبواقها المأجورة من النخب العربية التي لازالت تزاحمنا على بعض وسائل الإعلام الوطنية, فتجد من يخرج لينشر سمومه ورؤيته السوداوية ويقول أن التحرك العربي انساني بحت ولن ينتقل إلى السياسي..
وهو ما يعني أن الأنظمة العربية مسلوبة الإرادة, لذلك يجب التصدي لهذه الأبواق التي لازالت تروج لمشروع العدوان والحقد على سورية العربية الحصن الأخير للعروبة, وتحاول إجهاض عودة العرب للحضن السوري, فالفرصة الآن سانحة لإحياء المشروع القومي العربي في مواجهة المشاريع المعادية لنا في الإقليم, خاصة وأن الخريطة الدولية تتشكل من جديد, ولم يعد العدو الأمريكي يغرد منفردا كما كان في الماضي القريب, اللهم بلغت اللهم فاشهد.