عيادات “القومي للبحوث” تنقذ آلاف الأطفال من مصير مشؤوم.. وزواج الأقارب وراء غالبية الأمراض الوراثية
ممرات طويلة ينتظر بها مئات من الأهالى يوميا للكشف عن سبب الأمراض التى يعانى منها أبناؤهم، فهنا تجد سيدة بسيطة تحمل ابنها الذى تجاوز الخمس سنوات من عمره ولا يستطيع المشى حتى الآن، وفى الزاوية الأخرى تجد أبا وأما بملامح ريفية ويجلس بجانبهما طفلان بملامح غير مألوفة فى الفم والأنف فنصحهما بعض المعارف بالذهاب إلى المركز القومى للبحوث فى القاهرة لتشخيص المرض الذى لحق بالطفلين، وهناك أب جالس بجوار ابنه الذى تظهر عليه علامات تضخم فى البطن ونصحه بعض زملائه فى العمل للكشف عن ابنه فى عيادات الوراثة بمركز التميز الطبى بالمركز القومى للبحوث الذى يقدم خدمة طبية متميزة بأسعار رمزية.
فى البداية تقول الدكتورة إكرام فطين، أستاذ الوراثة البيوكيميائية، ونائب رئيس المركز القومى للبحوث سابقا، إن معمل الوراثة البيوكيميائية بالمركز يوفر للمواطنين خدمة إجراء العديد من التحاليل الوراثية التى تكشف عن أمراض وراثية كثيرة من خلال تحليل الإنزيمات، لافتة إلى أن نقص إنزيم واحد فى الجسم يمكن أن يسبب مشكلات كثيرة فى الكبد أو الطحال أو الأنيميا الشديدة، أو الإصابة بمرض «غوشيه» نتيجة تراكم بعض المواد الدهنية فى بعض الأعضاء، وخاصة الطحال والكبد، ويؤدى هذا إلى تضخم تلك الأعضاء ويمكن أن يؤثر على وظيفتها، ويسبب فى بعض الأحيان مشكلات بالعظام والجهاز العصبى.
أمراض وراثية
وأشارت فطين إلى أن المركز القومى للبحوث حقق نتائج باهرة فى تشخيص مرض غوشيه منذ أكثر من 25 عاما، فكان له الفضل فى اكتشاف وعلاج هذا الداء فى مصر وهذا إنجاز غير مسبوق، وله الفضل أيضًا فى علاج مرض mbs وهو مرض وراثى نادر يصيب الأطفال ويجعلهم يعانون من العديد من الأعراض، منها: تضخم فى الطحال والكبد وعضلات القلب وورم بالقرنية وضمور فى اكتمال النمو ويؤدى إلى فقد البصر.
وأوضحت فطين أن مرض mbs له عَشرة أنواع منهم أربعة أنواع فقط لهم علاج، ويوحد لدينا فى المركز القومى للبحوث وحدة العلاج بالإنزيمات بمركز التميز الطبى، نستقبل فيها أسبوعيا 100 مريض من مرضى mbs ويتم علاجهم بالإنزيم التعويضى.
وأشارت نائب المركز القومى للبحوث سابقا أن معمل الوراثة البيوكيميائية بالمركز هو المعمل المرجعى لتشخيص الأمراض الوراثية فى مصر ليس من خلال أفراد، بل من خلال فرق بحثية مُسخرة بالكامل لخدمة وعلاج الأطفال المصابين بالأمراض الوراثية النادرة، مؤكد أن المعمل يستقبل أسبوعيا آلاف الحالات المصابة بالأمراض الوراثية المنتشرة فى مصر.
زواج الأقارب
وأكدت الدكتورة إكرام فطين أن غالبية الأمراض الوراثية المنتشرة فى مصر تظهر بسبب زواج الأقارب، وأبرزها وأكثرها انتشارا فى مصر داء غوشيه، والعديد من الأمراض التى تؤثر على الجهاز العصبى مثل مرض تاى ساكس وهو اضطراب وراثى نادر ينتقل من الأبوين إلى الطفل، وينتج عن غياب الإنزيم الذى يساعد فى تكسير المواد الدهنية، وقد تتراكم هذه المواد الدهنية، التى تسمى جانجليوزيد، إلى مستويات سامة فى الدماغ والحبل النخاعى، وتؤثر على وظيفة الخلايا العصبية، مما يؤثر على حركة الطفل وعدم القدرة على المشى أو الجلوس.
وأوضحت الأستاذة بالمركز القومى للبحوث أنه كل هذه الأمراض يتم تشخيصها من خلال عينة دم واحدة فقط، وتظهر النتيجة خلال أسبوع، ناصحة كل أم بضرورة الاطمئنان على طفلها إذا كانت هناك أى شكوك حول صحته الجسدية وألا تتردد فى الذهاب إلى مركز التميز الطبى لإجراء تحاليل الوراثة خاصة إذا كانت هناك أمراض وراثية موجودة فى العائلة من قبل أو إذا كان الزوجين أقارب، للتأكد من أن الطفل لا يعانى من أى مشكلة.
وفى سياق آخر، كشفت الدكتورة مها سعد زكى أستاذ ورئيس قسم الوراثة الإكلينيكية بالمركز القومى للبحوث، أن هناك عيادة خاصة للكشف عن أمراض الوراثة العصبية بمركز التميز الطبى بالمركز القومى للبحوث، سواء كانت أمراض تتعلق بالمخ أو تشوهات موجودة بالجهاز العصبى، ومعظمها أمراض تتعلق بالمشى والحركة.
وأضافت الدكتورة مها زكى فى تصريحاتها لفيتو أن أهم جزء فى الأمراض الوراثية العصبية هو التشخيص، لأن التشخيص السليم هو الذى يحقق العلاج السريع والصحيح للحالة المرضية، لافتة إلى أن أغلب الحالات التى تأتى للعيادة تكون أقارب فيتم التشخيص السليم للمرض من خلال تحديد الجينات المسئولة عنه ونسبة تكراره فى العائلة، ونبحث بعد ذلك عن أفضل طريقة تجعل المريض يعيش أفضل حياة يمكن أن يعيشها فى ظل مرضه.
وتابعت أستاذ الوراثة الإكلينيكية بالمركز القومى للبحوث بأنه يتم متابعة المريض بصفة دورية بعد التشخيص من خلال العلاج الطبيعى ووصف الأدوية المناسبة لحالته وضبط التشنجات والتحكم فيها.
نقلًا عن العدد الورقي…،