د. محمد عفيفي: لجأت للرواية مؤخرا لترسيخ هوية الشباب.. وهذا المفكر ظلمناه (حوار)
هذا سر الإقبال على كتب التاريخ بمعرض الكتاب الأخير
الورش الحوارية أفضل طريقة لترسيخ الهوية المصرية للشباب وليست ندوات يتحدث فيها أستاذة ومؤرخون وكتاب
يمكن تقديم محتويات عن الهوية عبر المنصات الرقمية ويتسع جمهورها من الصغار وحتى كبار السن
مسألة الهوية والقومية دائما تثار فى الأوقات الصعبة التى تمر بها أي بلد أو أمة
الاهتمام بالزمن القريب متبادل بين المؤرخين والقراء
تصدرت الهوية المصرية معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته المنتهية هذا العام منذ أيام، وذلك من خلال العديد من الإصدارات التى تتناولها سواء فى الهيئة العامة للكتاب أو قصور الثقافة، أو الندوات والفعاليات الثقافية التى صاحبت المعرض والتى ناقشت من خلال عدد من الكتاب والمفكرين ملفات وقضايا تتعلق بالهوية أيضًا.
"فيتو" أجرت حوارا مع الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة سابقا، للوقوف على تأثيرات الاهتمام بالهوية من جديد وكيفية معالجة مضمونها لتقديمها للشباب والأجيال الجديدة، كذلك عدة أمور أخرى تتعلق بمستقبل الهوية المصرية، وجاء نص الحوار كالتالى:
*بداية.. ما رأيك فى تصدر الهوية المصرية معرض القاهرة للكتاب 2023 سواء من خلال كتب أو فعاليات وندوات؟
فى الحقيقة دائمًا ما تثار مسألة الهوية والقومية فى الأوقات الصعبة التى تمر بها أي بلد أو أمة فهذا الأمر لا يحدث فقط فى مصر خلال السنوات الأخيرة بشكل عام، لكن تحديدا وفى الفترة التى أعقبت ثورتى 2011 و2013 مرت البلاد بالعديد من الأوقات والظروف الصعبة، ومن هنا بدأت العودة للاهتمام وتسليط الضوء على القومية المصرية.
ومن المهم زرع ذلك فى الأجيال الجديدة وفى نفوس الشباب عبر كل المحافل الثقافية الجماهيرية خلال العام وليس معرض القاهرة الدولى للكتاب فقط، بل أيضًا من خلال الندوات والأمسيات الفكرية وفى المدارس والجامعات ومراكز الشباب، ومن المهم حقيقة التذكير بهويتنا وثقافتنا المصرية فى كل وقت، وألا تكون طى النسيان إطلاقا.
*إذن ما الطريقة والأسلوب الأمثل لمخاطبة الشباب والأجيال الجديدة حول الهوية والثقافة المصرية من وجهة نظرك؟
أعتقد أن تلك النقطة بالفعل هى الأبرز فى هذه القضية لأن الأجيال الجديدة والشباب سواء فى فترة العشرينيات أو سن المراهقة يختلفون عن الأجيال التى تكبرهم، وذلك نظرا للثورة المعلوماتية والتكنولوجية التى عاشوها وعاصروها من بدايتها وتعاملوا معها، تزامنا مع ذلك التطور الكبير فى وسائل التواصل الاجتماعى والانفتاح على العالم من مختلف الثقافات، لذلك يجب اختيار أسلوب أمثل سواء فى الكتابة للأعمال الأدبية والروايات وغيرها أو فى طريقة العرض وتقديم الندوات والأمسيات.
وفى وجهة نظرى لتحقيق ذلك يجب العمل على 3 محاور أولها نوعية الكتابات التى تقدم والقالب التى تعرض به للمتلقى، وثانيها اختيار المصطلحات والكلمات المناسبة والابتعاد عن الكلمات الثقيلة على إذن الشباب، وثالثها حجم الكتاب أو العمل من حيث عدد الورق وأرى أنه كلما كان العمل صغيرا كلما زاد جمهوره من الشباب.
*الرواية أم القصة أم الكتاب التاريخى.. أيهم تفضل فى إيصال مضمون الهوية المصرية للشباب؟
أتصور أن الشكل الأمثل لتقديم عمل الهوية أو التاريخ للشباب فى الوقت الحالى هو الرواية لأن جمهورها بين الشباب الحالى والأجيال الجديدة أوسع وأكبر، لذلك لا أخفى عليك أننى لجأت للرواية فى أعمالى الأخيرة لإيصالها لأكبر قدر من فئة الشباب، والتى أحب أن أخاطبها، وأن تصلها كلماتى، وذلك من خلال روايتى «يعقوب» فى بداية الأمر وأخيرا رواية «سلام على إبراهيم».
فمن الممكن طبع ونشر أعمال روائية أو قصصية قصيرة عن أحداث أو شخصيات أو تواريخ مصرية مهمة تبرز الهوية الوطنية وتصدرها للأجيال الحالية والمقبلة، وذلك سيتحدد أيضًا من خلال حوارات مع الشباب أنفسهم سواء المهتمين بعالم الهوية أو غيرهم.
ولا يمكننا أن نغفل فى الوقت ذاته عن وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام الحديثة ومن مراقبتى للمشهد واهتمامات الشباب فإنهم متعلقون بالصورة بشكل كبير سواء فيديو أو فيلم قصير لا تتجاوز مدته الـ10 دقائق، فمن الممكن تقديم محتويات عن الهوية بشكل أكبر عبر المنصات الرقمية التى تصل لكل بيت ويتسع جمهورها من الصغار وحتى كبار السن أنفسهم.
*هل هناك دور للندوات والأمسيات فى عملية التوعية بالهوية المصرية؟
بالتأكيد لها دور مهم فى العملية الثقافية برمتها، ولكن فى وجهة نظرى الأجدى والأكثر قربا وتأثيرا فى الشباب إذا أردنا ترسيخ الهوية المصرية فى وجدانهم هى الورش الحوارية التى يشارك فيها الشباب أنفسهم فى طرح وجهات النظر والتعبير عما بداخلهم والتعلم وتبادل وجهات النظر، وليست ندوات يتحدث فيها أستاذة ومؤرخون وكتاب عن الهوية والتلقين للمتلقى فقط، للشباب أسلوب يجب اتباعه فى إيصال المعلومة أو القضية المهمة التى تريدهم معرفتها.
*لماذا يهتم الشباب بأعمال التاريخ الحديث أكثر من غيرها والتى تتناول حقبا زمنية أقدم وهذا ما رصدته مبيعات الكتب فى معرض القاهرة هذا العام؟
أعتقد أن الإقبال على الأعمال التى تتناول التاريخ الحديث أمرا طبيعيا وموجود فى مختلف دول العالم، ومن الطبيعى أن القراءات فى مجال التاريخ تتركز على الفترة الأقرب للعصر الذى تقرأ فيه تلك الأعمال، وفى تاريخ الأمم والدول المتعاقبة نرى ذلك يتضح جليا فى كتابات المؤرخين أنفسهم عبر العصور، فالاهتمام بالزمن القريب متبادل بين المؤرخين والقراء.
وأعتقد أن هذه ظاهرة طيبة كذلك ويجب أن نستغل ذلك ونشجعه أيضًا وشيئا فشيئا سيهتم القارئ بالعصور السابقة لزيادة معرفته وإدراكه لأمور لا يعلمها أو أحداث لها تأثيرات على التاريخ الحديث الذى يقرؤه.
*مَن مِن رموز وكتاب الهوية المصرية يجب تسليط الضوء عليه أكثر مما عليه حاليا، ولماذا؟
بكل تأكيد هو الكاتب والمفكر الكبير أحمد لطفى السيد أبو القومية المصرية، والذى أرسى قواعدها على مدار سنوات طويلة، بل إن تأثيره امتد إلى الجيل والكتاب الذين نعتبرهم حاليا كتابا لهم دورهم وأهميتهم فى مسألة الهوية المصرية.
وفى وجهة نظرى، يجب أن ينال اهتماما أكبر من جميع المثقفين والقائمين على موضوعات الفكر والثقافة، فهو يستحق بكل تأكيد، ويغفل البعض عن الدور العظيم الذى قام به فى ترسيخ مفهوم القومية والهوية المصرية فى العصر الحديث.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "قيتو"