رئيس التحرير
عصام كامل

الفنانة السورية كندة علوش في حوار لـ"فيتو": "نيران صديقة" يرصد التغييرات في المجتمع خلال نصف قرن



  • السينما المستقلة شريان الحياة.. والتمثيل مع الأطفال "ممتع"
  • أخوض امتحان تمثيل يومي مع رانيا يوسف ومنة شلبي
الفنان الحقيقي موقف.. وكان موقف الفنانة السورية كندة علوش إلى جانب خيار الشعب المصري في ثورته الشعبية استردادا لإرادته.. بل وطالبت في بيان الشعب السوري باحترام رغبة المصريين.. كندة.. تفتح قلبها لـ«فيتو» وتتحدث عن مسلسلاتها الرمضانية الثلاثة.. لاسيما دورها المركب في مسلسل نيران صديقة.. كما تتحدث عن دراما سوريا في الواقع وأمام الكاميرات.



• لماذا اخترتم اسم "نيران صديقة" للمسلسل؟

 "نيران صديقة" مصطلح سياسي يعني الرصاص الذي يطلق من منطقة صديقة أو دولة شقيقة مثلًا، وليست عدوة، وغالبًا ما تكون عن غير قصد، وفى المسلسل مقصود به الأذى الذي يمكن أن يطال المرء من قبل صديق أو شخص قريب لا نتوقع منه الشر، و"نيران صديقة" يحكي قصة 6 أصدقاء عبر 26 عاما، وكيف تتحول حياتهم ويلحقون الأذى ببعضهم البعض، سواء بقصد أو دون قصد وبشكل مباشر أو غير مباشر.

•ما الذي أغراك للانضمام لفريق "نيران صديقة" وما الجديد الذي ستقدمونه في هذا المسلسل؟

 النص الشديد الخصوصية والاختلاف الذي كتبه محمد أمين راضي، نادرًا ما يقع بين يدي الممثل نصًا شبيهًا له، فهو جديد ومختلف على صعيد الشكل والمضمون وأسلوب الكتابة والتعاطي مع الدراما جديد وغير تقليدي، والموضوعات المطروحة وشكل العلاقات بين الشخصيات أيضًا لم نعتد أن نشاهده في الدراما العربية، ومن ثم كنت شديدة الحماسة للعمل مع خالد مرعي، ومع اقترابنا من انتهاء التصوير أستطيع القول إنه من أكثر المخرجين الذين استمتعت بالعمل معهم لقدرته على توجيه الممثل بأسلوب رائع ولإدراكه لأهمية كل العناصر الفنية ابتداءً بالممثل والصورة وصولا لأبسط تفاصيل الإكسسوار، فقد قام بمساعدة مدير التصوير أحمد يوسف ومهندس الديكور محمد أمين بخلق كادر وجو درامي يتناسب مع جدة واختلاف النص.

* المسلسل اعتمد أسلوبا أمريكيا كما في أفلام الرعب.. ألم تتخوفى من عدم قبول الجمهور لمثل هذا النوع من الأعمال في رمضان؟


- بالفعل يطغى جو التشويق والإثارة على أحداث المسلسل، وهذا بالنسبة لي عامل شديد الإيجابية، عمل على جذب الجمهور بشكل أكبر، ولكن ما يقدمه "نيران صديقة" أعمق من كونه مجرد تشويق أو إثارة أو رعب، فهو يقدم من خلال أبطاله الستة وعلاقتهم الممتدة عبر ٢٦ سنة والتغييرات التي تطرأ عليها، قراءة ونقدا للمجتمع وتغيراته منذ الثمانينيات حتى يومنا هذا تقريبًا.

• كندة علوش، منة شلبى، ورانيا يوسف.. 3 فنانات كل منهن وصلت للبطولة المطلقة، وجرت العادة أنه كلما جمع عمل بين أكثر من بطلة نسمع عن مشاكل وخلافات.. هل حدث هذا في كواليس "نيران صديقة"؟

- فيما مضى، عندما كنت أسمع ممثلين يتحدثون عن الأجواء العائلية الحميمية في التصوير، وكنت أقول إنها مبالغة وكلام غير حقيقي، ولكن العمل هنا مختلف، فكلنا نعرف بعضنا البعض قبل التصوير، وتجمعنا علاقات جيدة سواء الممثلات أو الممثلين وتحديدًا نحن الستة، وهذه العلاقة تعمقت طوال فترة التصوير؛ لأننا قضينا قرابة 6 شهور نلتقي بشكل يومي ونمضي ساعات طويلة معا، كما أن أحداث المسلسل تتسم بالقسوة ويطغى على غالبها الحزن والألم، لذا فكنا نحرص على خلق أجواء مرحة ولطيفة في الكواليس كي لا يؤثر علينا الجو العام للمسلسل بشكل سلبي، أما على الصعيد المهني فوجودي ضمن هذه الأسماء ممثلات أو ممثلين شكل حافزًا كبيرًا بالنسبة لي ولهم، ليقدم كل منا أفضل ما عنده، فنحن في مسابقة تمثيل يومية.

• للمرة الثانية تقدمين دور الصحفية.. ألم تخافي من "التنميط " والمقارنة، خصوصًا أنك لعبتي الدور نفسه من قبل في مسلسل "أهل كايرو" وفيلم "الفاجومي"؟

- هناك آلاف الصحفيات لكل منهن شخصية وطباع وشكل وطريقة مختلفة في الحياة والتعامل مع مهنتها وحتى ملابسها، فأين التنميط؟ والصحفية ليست "كاركتر" أو نمطا، بل هي مهنة، وأظن أن دوري هنا مختلف تماما عن "أهل كايرو"، وقد لعبت دور صحفية أيضًا في "الاجتياح" مع شوقي الماجري، وفي المسلسل السوري "بنات العيلة"، لكن "نهال" في مسلسل "نيران صديقة" مختلفة تماما، فهى كاتبة وإعلامية، وسنتعرف على قصتها على مدى 26 عاما ونرى التغييرات الجذرية التي تطرأ عليها منذ الثمانينيات وحتى 2009 وتعاطيها في كل مرحلة مع مهنتها كصحفية وهي تمر بتحولات كبيرة.

• شخصية نهال في العمل تثير الأسئلة بسبب تناقضها وردود أفعالها غير المتوقعة.. هل هي شريرة أم خيرة ؟

- نهال ليست شريرة أو خيرة، هي إنسانة لديها كل تناقضات وصراعات الإنسان، والظروف القاسية التي تمر بها هي التي تدفعها لممارسة سلوكيات سلبية، وهذا ينطبق على الشخصيات الستة في المسلسل، فجميع الشخصيات يطغى على سلوكها الجانب السلبي، ولكن هناك مبررات ومقدمات أدت إلى هذه النتائج.

* لديك 3 مسلسلات في رمضان هي "نيران صديقة" و"على كف عفريت" و"سنعود بعد قليل".. ألا يقلقك هذا ؟

- هي مصادفة لم أكن سعيدة بها، وكنت أتمنى أن أدخل الموسم الرمضاني بمسلسل "نيران صديقة" فقط، خصوصًا أنه عمل به زخم وكثافة، أما "على كف عفريت" فقد تم الانتهاء منه منذ العام الماضي، وكان سيتم عرضه خارج موسم رمضان، وكنت أتمنى ذلك، ولكن المنتج والقناة اتفقا على عرضه في رمضان الحالي، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، ووجودي في مسلسل سوري هو أمر أحرص عليه سنويا، وكنت سعيدة هذا العام بمشاركتي كضيفة شرف في مسلسل "سنعود بعد قليل".

• توقع الكثيرون توقف الدراما السورية نتيجة الظروف السياسية التي تمرون بها ولكنكم فاجأتم الجميع وقدمتم أعمالا كثيرة.. فهل هذا قرار منكم كفنانين؟

-ما وصلنا إليه اليوم في سوريا -بعيدًا عن الشق السياسي- هو كارثة إنسانية بكل المقاييس وعلى جميع المستويات، اقتصاديًا صحيًا تعليميًا، مئات آلاف الشهداء والجرحى والمصابين، ملايين النازحين والمشردين واللاجئين، ومن الطبيعي أن تنعكس هذه الكارثة على الدراما، ولكن بعض المنتجين أصروا على الاستمرار في الإنتاج رغم كل هذه الظروف، وهذا شيء نحترمهم فيه، خصوصا أن هناك مئات البيوت مفتوحة من هذه الصناعة، والسوري محب للحياة، واستمرار عملنا هو شيء جيد جدا، يشترك فيه المنتج مع الممثل، وتطرح الدراما السورية هذا العام أكثر من 20 مسلسلا، بعضها صور في سوريا والبعض الآخر في لبنان ودبي ومصر.

•أول أدوارك في السينما المصرية في "أولاد العم" وكل أدوارك التالية بطولات لأفلام تجارية ضخمة، حتى وصلتِ للبطولة المطلقة في "برتيتة".. فلماذا توافقين على تقديم فيلم منخفض التكلفة مثل فيلم "لا مؤاخذة" ؟

- بالفعل هذه هي المرة الأولى التي أقدم فيها فيلمًا منخفض التكلفة، ومنذ فترة طويلة أرغب في تقديم مثل هذه النوعية من الأفلام، وهي رافد جديد وقوي لصناعة السينما المصرية، وهي صناعة حقيقية وقائمة منذ 100 عام، بعدد كبير من دور العرض وجمهور حقيقى، وتكاد تكون هي التجربة الوحيدة كصناعة وتجارة في الوطن العربى – بالطبع توجد العديد من التجارب السينمائية المهمة في كثير من البلدان العربية، ولكنني هنا أتحدث عن الشق التجاري والصناعي، وأنا أحترم فكرة السينما المستقلة التي سعى صناعها لرفض أن يتحكم فيهم وفي أفكارهم أي عوامل سواء كان هذا العامل ماديا متمثلا في ملايين المنتج التي سينفقها على الفيلم أو محاولة فرض ذوق معين تحت داعي أن الجمهور يريد هذا، وهي أفلام ذات هاجس فني وتجريبي وتعطي فرصة لمخرجين شباب أو حتى قدموا أفلاما من قبل كعمرو سلامة في حالة "لا مؤاخذة".

•التمثيل أمام الأطفال صعب جدًا، وقد كانت لديك مشاهد كثيرة مع الطفل الذي تقومين بدور أمه، كيف كان استعدادك لهذا الدور؟

-أعشق التعامل مع الأطفال، وأحب شقاوتهم، والطفل كائن حر وصعب تقييده، والطفل "أحمد داش" الذي يلعب دور ابني في الفيلم لا يخاف من الكاميرا، ويفهم الملاحظة من المرة الأولى، وكنت مستمتعة بالعمل معه، والأطفال لديهم طزاجة وخفة دم وفكر فطري.

•ما الذي جذبك لفيلم "لا مؤاخذة"؟

-وجود فكرة جديدة وطازجة ومخرج موهوب أثبت نفسه في أكثر من تجربة مثل "زي النهاردة" و"أسماء"، ودور جديد بالنسبة لي وشكل جديد من الأداء، وعموما لا توجد تجربة مضمونة النجاح وكل الأعمال بها مغامرة، وأنا بطبعي أحب المغامرة ولا أضع لنفسي قيودا.

•ما هو دورك في الفيلم؟

-لا أحب الحديث كثيرًا عن الدور، ولكن ببساطة هي أم مسيحية تواجه المجتمع وابنها ومشاكلها معهم.

•ألا تعتقدين أن التوقيت الحالي غير مناسب لمناقشة علاقة المسلمين والمسيحيين، خصوصا مع حالة الاحتقان الموجودة في الشارع ؟

-من الجبن الشديد ألا نطرح مثل هذه الموضوعات في أوقات الاحتقان، وهذا هو دور الفن الحقيقي، ومع كامل احترامي لمحاولات الأفلام للترفيه عن الناس، يجب أن يكون بجواره تسليط للضوء على المشاكل، وخصوصا أن التأثير في الجمهور حاليا يكون من خلال السينما والتليفزيون، وأنا مع الدور التنويري وضد الدور التعليمي والتوجيهي للفن، وأعتقد أننا يجب أن نتحدث عن هذا، وهو مماثل تمامًا لما نراه في الدراما التليفزيونية في رمضان التي تعبر عن وجود تخوفات لدى البعض من تدخل رجال الدين في الحياة الاجتماعية، وهو من أهم واجبات الفن.

الجريدة الرسمية