رئيس التحرير
عصام كامل

30 يونيو ثورة بجد.. الجماعة الثقافية المصرية تبدأ التأصيل للثورة ضد الإخوان.. وهبة: ثورة ليس لها مثيل.. ياسين: أكدت أن السيادة الشعبية فوق الديمقراطية.. حمزاوى: بددت عتمة الاستبداد


بدأت الجماعة الثقافية المصرية، برموزها الكبيرة في التأصيل الثقافي "لثورة 30 يونيو.. وتبدو الجماعة منهمكة في محاولة توصيف حقيقة ما جرى ويجري منذ الثلاثين من يونيو 2013، وما إذا كانت هذه الوقائع الثورية تشكل "ثورة جديدة أم موجة ثورية من موجات ثورة 25 يناير أو تصحيح للمسار الثوري". 


وفي هذا السياق، حذر العديد من المثقفين من محاولة اصطناع تناقض بين "يومي 25 يناير و30 يونيو"، وتصوير 30 يونيو "كثورة على ثورة يناير" بما يخدم مصالح فلول النظام الاستبدادي السابق أو "يعيد إنتاج هذا النظام بفساده واستبداده على أي نحو"، فيما تبقى مبادئ ثورة 25 يناير وشعارها الرئيسى في الحرية والكرامة والعدالة هي "البوصلة الهادية وسط زخم المتغيرات".

كان المئات من المثقفين المصريين قد انطلقوا عصر أمس "الجمعة" في مسيرة قبالة مقر وزارة الثقافة ليتجهوا إلى ميدان التحرير، "لتفويض القوات المسلحة والشرطة بالقضاء على الإرهاب"، فيما كان هذا الميدان بكل رمزيته الثورية قد امتلأ بالصائمين الذين جاءوا لدعم الثورة ونبذ الإرهاب في "منعطف ثوري حاسم واختبار كبير للإرادة الوطنية المصرية".

ورأى المفكر الكبير وأستاذ الفلسفة البارز الدكتور مراد وهبة، ما حدث في الثلاثين من يونيو "ثورة"، بل وأكد أنها "ثورة جماهيرية ليس لها مثيل في تاريخ الحضارة الإنسانية".

وفسر المفكر المصري الكبير مراد وهبة الأمر بقوله: "نعم إنها ثورة ليس لها مثيل في تاريخ الحضارة الإنسانية، إذ كانت مشتعلة بثلاثين مليونا من المواطنين تعلن إقالتها لرئيس خلا حكمه من أعمال العقل ومعنى ذلك أن الجماهير في طريقها إلى أن تكون هي النخبة".

وفي سياق التأصيل الثقافي لحقيقة ما جرى في الثلاثين من يونيو وتداعياته الثورية- قال الكاتب والقاص الكبير الدكتور محمد المخزنجي: "لو أردنا النظر بعين الإنصاف إلى ما حدث لتوجب علينا أن نعود بالمشهد الأخير إلى مقدماته.. نعم هناك حاكم جاء بالانتخابات ووعد أن يكون حاكما لكل المصريين لكنه سرعان ما تراجع عن وعده كما وعود أخرى أسرف فيها ولم يف بها".

أضاف الدكتور محمد المخزنجي: "هذا الحاكم صار حاكما على المصريين لصالح جماعة نهمة للسلطة والتسلط فيما راح يمكنها بشراهة من مفاصل الدولة دون كفاءة ولا استحقاق واستباح القانون وأخذ يعبث بمؤسسات الدولة الوطنية.. كل ذلك فيما كانت الأمور الأمنية والاقتصادية في البلاد تنحدر من سيئ إلى أسوأ فكانت سنة من الحكم على المصريين سوداء بتفاصيلها الكثيرة والمريرة".

وفيما استعرض المخزنجي الرفض المتكرر من جانب الحاكم المعزول لمطالب المصريين وعدم سماعه إلا لصوت جماعته- قال القاص الكبير: "كانت وقفة الجيش مع الأغلبية الساحقة من الأمة المصرية وقفة عز ومروءة حقيقيتين، خاصة بعد ما أوضحت الصور الدامغة في 30 يونيو ذلك الخروج الأسطوري السلمي والحضاري لعشرات الملايين في الشوارع يلتمسون الخلاص فأي انقلاب في أن يكون جيشهم هو مخلصهم"؟!.

وأكد الكاتب والقاص محمد المخزنجي أن "الجيش عندما استجاب لاستدعاء الأمة له يوم الثلاثين من يونيو كان يحمي التكوين التاريخي للأمة المصرية الذي لم يكف الإخوان عن محاولة تهشيمه خلال سنة حكمهم الفاشل" موجها التحية "للجيش المصري الوطني العظيم".

وحسب تشخيص الدكتور محمد المخزنجي للحظة المصرية الراهنة فهي "لحظة فارقة لا مكان فيها للمائع أو الألعبان أو الثعبان أو المسموم أو المأزوم.. لحظة وطن يهيج فيه جنون الخسة فتسقط الأقنعة عن شائه الوجوه ويرخص الشيطان لأصحابها أقذر الأسلحة ويحلل أخبث الوسائل لإنقاذ شرعية مزعومة أسقطت نفسها بسوء أدائها قبل الإعلان عن سقوطها بل لوهم استعادة غنيمة مخطوفة بحجم مصر التاريخية".

وعقد الكاتب والباحث الدكتور وحيد عبد المجيد، مقارنة بين "ثورتي 23 يوليو 1952 و30 يونيو 2013، حيث أهم ما يجمع هذين اليومين أن كلا منهما شهد ثورة نجحت على الفور وكل منهما تعرضت لمحاولات تشكيك وادعاء بأنها انقلاب عسكري".

واعتبر وحيد عبد المجيد أن "جماعة الإخوان ركبت ثورة 25 يناير وخطفتها فلما خرج الشعب لاستردادها في ثورة 30 يونيو زعمت أنها انقلاب مع أن كل ما فعلته القوات المسلحة هو حماية الشعب مثلما فعلت في ثورة 25 يناير".

ووصف الكاتب والباحث المرموق نبيل عبدالفتاح ما حدث في الثلاثين من يونيو، "بالموجة الثانية للانتفاضة الثورية العارمة" معتبرا أن "الانتفاضة الثورية الأولى" جاءت في الخامس والعشرين من يناير 2011.

ورأى الكاتب والمفكر السيد ياسين، أن "قواعد الشرعية الشكلية التي تنص عليها منظومة الديمقراطية ليست مقدسة من ناحية وقد لا تكون مناسبة للمجتمع العربي من ناحية أخرى" .. معتبرا في هذا السياق أن السلوك السياسي لحزب النهضة حين مارس الحكم في تونس "اأثر رشدا" من سلوك جماعة الإخوان في مصر.

وأوضح السيد ياسين: "نعني بكون هذه القواعد ليست مقدسة بأن التطبيق الحرفي لها قد يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي إذا ظن حزب ما حصل على أغلبية أصوات الناخبين أن من حقه أن يشرع كما يشاء وأن ينفرد انفرادا مطلقا بعملية صنع القرار وأن يقصي أحزاب المعارضة على أساس أنها لا تمثل الأغلبية ".. مشيدا بممارسات حزب النهضة في تونس التي جرت تحت شعار "لا ديمقراطية بغير توافق سياسي" .

ومضى السيد ياسين في طرح رؤيته بجريدة الأهرام ليقول "إن الصندوق مجرد آلية من آليات الديمقراطية وأهم منها قيم الديمقراطية التي تقوم على أساس الحوار والتشاور السياسي وتبلغ ذروتها حين تحاول تحقيق التوافق السياسي".

أضاف أن خروج المصريين بالملايين يوم الثلاثين من يونيو كان "إعمالا لمبدأ السيادة الشعبية الذي يعلو على قواعد الشرعية الشكلية التي تتشبث بها بشكل يائس قيادات الإخوان"، فيما ذهب إلى أنه "ليس أمام قيادات هذه الجماعة سوى ممارسة النقد الذاتي لاكتشاف الأخطاء الجسيمة التي ارتكبوها"، ودفعت المصريين والعديد من المؤسسات لرفض حكم جماعة الإخوان فيما كانت "جماعات المثقفين" من بين الرافضين لهذا الحكم الذي عمد للطغيان والإقصاء.

وفي ظل ما وصفه الكاتب محمد أبو الفضل "بإصرار قيادات الإخوان على القراءة المشوهة للتطورات، وبالتالي عدم القدرة على التحليل والاستشراف فإنها تسعى بكل الطرق "لتأجيج بذور الحرب الأهلية وتأليب فئات المجتمع من خلال حملات التحريض على بعض الرموز والمؤسسات الوطنية".

وفي الاتجاه ذاته، وصف الدكتور علي مبروك الباحث وأستاذ الفلسفة بكلية الآداب في جامعة القاهرة ما حدث في الثلاثين من يونيو، "بالثورة العارمة" التي اندلعت "ضد جماعة الإخوان نتيجة لفشلها الكامل في إدارة الشأن المصري بعد عام من وصول مرشحها إلى كرسي الرئاسة" مضيفا :" ولسوء الحظ فإن استجابة الجماعة للأزمة تكاد أن تتبلور جميعها ضمن الأفق ما قبل العقلاني".

ولم يبتعد الكاتب والصحفي صلاح عيسى، عن هذا التوجه عندما دعا في مقابلة تليفزيونية جماعة الإخوان إلى "التفكير بعقلانية ورشد والبعد عن العنف" محملا قيادات الجماعة "مسئولية أعمال العنف التي تشهدها البلاد" .

ونبه الباحث والكاتب الدكتور عمرو حمزاوي، إلى أن "الديمقراطية" تبقى هدفا رئيسيا "لثورة يناير وموجاتها المتعاقبة وصولا إلى 30 يونيو"، فيما رأى أن الجماعة "سجلت عاما من الفشل والعمل ضد الديمقراطية" أثناء وجودها في الحكم ومن ثم فهي تتحمل "قسطا كبيرا من مسئولية الإخفاق في إدارة انتقال ديمقراطي ناجح خلال الفترة الماضية" .

أضاف: "ها هو الغيم قد انجلى ليكشف وجه السماء على حافة النيل حيث البدر يؤكد حضوره الرمضاني ليبارك ثورة شعب رفض في ثورة 25 يناير الفساد والاستبداد كما رفض في ثورة 30 يونيو أن يترك العتم يكمل سلطانه!.
الجريدة الرسمية