المصريون في 2023.. مخاوف من زيادة للأسعار.. واقتصاديون: تشغيل القوة الصناعية والزراعية الضامن الوحيد
يستقبل المصريون عامًا جديدًا فى ترقب وحذر. قطاعات كثيرة من المصريين تضع أياديها على قلوبها خوفًا. تراجع قيمة الجنيه المصرى فى مقابل ارتفاع الدولار يضاعف هموم المصريين.
موجات الغلاء لا ترحم وتمضى بوتيرة متسارعة. . أسعار السلع الإستراتيجية والأساسية تخاصم المنطق وتضرب موعدًا كل يوم مع اللامنطق، بدءًا من رغيف الخبز وحتى ثمن الدواء. الأمور تبدو صعبة مخيفة. فى المقابل لا تقف حكومة الدكتور مصطفى مدبولى صامتة مستكينة مستسلمة، ولكنها تحاول قدر إمكانياتها أن تجابه وتواجه هذا الشبح المفزع. ربما تبدو المسؤولية أكبر من الحكومة.
ربما تبدو المجموعة الاقتصادية مرتبكة غير قادرة على اتخاذ قرارات إيجابية تصب فى خدمة الفقراء. المبادرات الرئاسية تقف حائط صد لحماية الفقراء والمعدمين، ولولاها لزادت رقعة الفقر.. وهنا يطرح هذا السؤال نفسه: كيف يواجه المصريون العام الجديد؟ وفى هذا الملف تسعى «فيتو» لوضع إجابات منطقية على هذا السؤال غير العبثي، بعيدًا عن التهوين أو التهويل، بعيدًا عن الإثارة أو التعمية على الحقيقة.
شبح التضخم
تنبأ اقتصاديون بتراجع حدة الغلاء فى العام الجديد واستقرار الأسعار حال اتخاذ الحكومة حزمة من إجراءات الحماية الاجتماعية والإجراءات والتدابير الاقتصادية التى يقلل من حدة التضخم، ويعيد الأسواق إلى رشدها المفقود، بما ينعكس إيجابًا على جيوب الفقراء والمعدمين.
الخبير الاقتصادى الدكتور عادل عامر يقول: موجة الغلاء المنتشرة فى مصر جاءت نتيجة التضخم الزائد عن المعدلات الطبيعية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، موضحا أن الحكومة تدخلت لتوجيه البنوك بإصدار شهادات استثمار بفائدة 25%، ليتم من خلالها سحب وامتصاص السيولة من الأسواق التى تؤدى إلى القوة الشرائية، لتثبيت الأسعار حتى لا ترتفع أكثر من ذلك.
وعن تراجع الأسعار، أكد عامر فى تصريحات خاصة لـ»فيتو»، أن تراجع الأسعار فى الأسواق سوف يتم فى حالة الإفراج الكامل عن المواد الخام وتشغيل القوة الصناعية والزراعية والتجارية بكامل طاقتها مما يساعد على تشغيل عجلة الإنتاج وطرح المنتجات فى الأسواق، مما ينعكس عليه وقف الارتفاع فى نسب التضخم والأسعار.
وأشار إلى أن حوالى 90 % من الشركات الكبرى والمشروعات الاستراتيجية التى قامت الدولة بإنشائها، لم يتم الاستفادة من إنتاجها حتى الآن فى الدورة الاقتصادية خلال العام المالى الجارى، مؤكدا أنه من المتوقع أن يحدث حالة من التذبذب فى الأسعار خلال الفترة الحالية، ومع بداية عام 2024 سوف نشهد استقرارا كبيرا فى الأسعار.
أسعار الدولار
وعن تأثير زيادة الدولار على الموازنة العامة للدولة، أكد الدكتور عادل عامر أن هناك تأثيرا سلبيا لارتفاع سعر الدولار على الموازنة العامة للدولة، والتى تتمثل فى زيادة أعباء الدين على عاتق وزارة المالية، لأنها أكبر مقرض على مستوى الدين الداخلى أو الخارجى، مما يضطر الدولة للبحث عن موارد متنوعة لكى تكون قادرة على سداد هذه الأعباء والزيادة التى طرأت فجأة فى سعر الدولار.
وتابع: وهذا الأمر يؤدى إلى قيام الدولة فى الموازنة العامة القادمة باتباع سياسة التقشف وتقليل الإنفاق فى بعض المجالات، بجانب ترتيب الأولويات فى الموازنة الجديدة، مما يساعد على تخفيف الأعباء التى تطلبتها القرارات الأخيرة سواء التى اشترطها صندوق النقد، أو التى عزمت عليها الحكومة لمواجهة التضخم.
وأكد أن الصحة والتعليم، من الخدمات التى لا يجوز المساس بها فى الموازنة العامة للدولة، للحفاظ على جودتها وتنميتها ضمن الخطة الرئاسية للنهوض بها خلال الفترة المقبلة، مضيفا أنه من الممكن الاقتراب من الخدمات الأخرى المتعلقة بالوزارات، وهذا لأن الدستور حدد الحد الأدنى من الإنفاق فى الناتج القومى للخدمات والتى يأتى فى مقدمتها التعليم والصحة.
وعن مسئولية التحكم فى مستوى الأسعار، قال الخبير الاقتصادى، إن المسئولية هى عبارة عن مسئولية ثلاثية تدخل فيها الحكومة والمواطنون والتجار، مضيفا أن الدولة تتمثل فى ضعف تواجدها داخل الأسواق خلال الوسائل الإنتاجية التى تمتلكها لكى يحدث توازن فى الأسعار فى ظل الاقتصاد الحر الذى تتبناه الدولة، أما المواطن يتمثل فى تقاعسه عن الإبلاغ حول الاحتكار للجهات المسئولة سواء جهاز حماية المنافسة أو جهاز حماية المستهلك، مشيرا إلى أن الطرف الثالث وهو التجار لهم دور كبير فى رفع الأسعار نتيجة احتكار السلع وعدم طرحها فى الأسواق مما ينتج عنه تراجع العرض مع ارتفاع الطلب.
الحرب الروسية والأوكرانية
ومن جهته، قال الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادى، إن الحرب الروسية والأوكرانية، كان لها دور كبير أيضا ارتفاع الأسعار فى مختلف دول العالم، وبالتحديد فى الدول الناشئة، لأن الدولتين لديهما حصة كبيرة من صادرات النفط والصادرات الغذائية.
وأضاف الشافعى، أن الحرب نتج عنها العديد من المؤشرات السلبية على الأسواق العالمية، والتى يأتى من أبرزها ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير لم يحدث منذ أكثر من 4 عقود، موضحا أن الجميع أمام مسئولية كبيرة لمحاولة إنقاذ الاقتصاد سواء من ناحية الحكومة للحفاظ على محدودى الدخل، أو المواطنين لشراء المنتجات الأساسية وعدم اللجوء للسلع الأخرى مما تجبرها على التراجع وانخفاض معدلات التضخم المحلية.
وأكد أن الدولة تقوم بكافة الجهود فى محاولة توفير كافة السلع والحبوب الغذائية للمواطنين، مشيرا إلى أن هذا الأمر يأتى فى الوقت الذى يتم فيه تقديم العديد من عمليات التحفيز للمزارعين لزيادة معدلات الإنتاج وتخفيف فاتورة الاستيراد من الخارج، مشددا على أن التداعيات السلبية على الاقتصاد المصرى سوف تستمر طالما استمرت الحرب الروسية الأوكرانية.
وعن استمرار ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، قال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى، إن الدولار سوف يستمر فى الارتفاع طالما هناك طلب عليه، مؤكدا على أن تفعيل مبدأ تخفيف الطلب سوف ينتج عنه انخفاض أسعاره أمام الجنيه المصرى.
وعن سعر صرف الجنيه المرن، أكد عبده، أن هذا القرار جاء نتيجة مطالبات صندوق النقد الدولى، والذى يأتى من أبرز شروطه لمنح مصر القرض، من خلال التحكم فى سعره نتيجة العرض والطلب وليس البنك المركزى كما فى السابق.
وأشار إلى أن طرح شهادات الـ25%، له العديد من المميزات التى تدعم سياسة تخفيف الطلب على الدولار الأمريكى، مؤكدا على أن المواطنين سوف يلجأون إلى بيع الدولار وتحويله للجنيه ووضعه فى الشهادات الجنيه لأنها تعود عليهم بعائد كبير ومكاسب عالية.
نقلًا عن العدد الورقي…