صندوق النقد ضلّل حكوماتنا!
نعم، هذا ما حدث وعلى مدار عدة سنوات.. فعندما عقدنا اتفاقا معه عام 2016 لإجراء إصلاح اقتصادى كما قيل، تضمن تقريبا ذات الخطوات التى نكررها الآن ومن بينها إتباع سياسة سعر صرف مرن للجنيه، ظل صندوق النقد يشيد بنجاح تجربتنا في الإصلاح الاقتصادى في تقاريره المتتالية والدورية، والآن يأتى صندوق النقد في تقريره الجديد عن الاقتصاد المصرى الذى أعلنه قبل أيام قليلة ليقول إننا اخطانا في الاعتماد على الأموال الساخنة في سد الفجوة التمويلية للنقد الأجنبي!
لقد ظل صندوق النقد ومسؤولوه يصفقون لنا ونحن نعتمد على تلك الأموال الساخنة منذ عام 2017 وحتى بداية العام الماضى، والذى شهد هجرتها من أسواقنا بعد انتهاج الفيدرالى الأمريكى سياسة رفع سعر الفائدة، ولم يفتح أحد فمه من هؤلاء المسئولين لينبهنا أن اعتمادنا على الأموال الساخنة خطأ، بل خطأ كبير! أليس هذا تضليلا؟! اللهم إلا إذا كان أساسا توريطا؟!
فبعد أن حدثت الأزمة، وبعد أن خرج من أسواقنا نحو 20 مليار دولار العام الماضى تحدث مسئولو صندوق النقد عن أن الاعتماد على الأموال الساخنة كان خطأ، رغم أنه كان يتم تحت أعينهم وبموافقتهم، وهذا ما تبينه التقارير الدورية للصندوق التى كتبتها البعثات الدورية له إلينا على مدى خمسة سنوات كاملة.. وحتى هذا التنبيه سبقهم إليه وزير ماليتنا بعام تقريبا حينما إعترف بخطأ الإعتماد على الأموال الساخنة وأكد إننا لن نكررهذا الخطأ مستقبلا!.. وهذا يعنى أن أهل مصر أدرى بوديانها مثلما أهل مكة أدرى بشعابها!
والمثير أكثر أنه بينما أشار صندوق النقد في تقريره الشامل الذى تجاوز المائة صفحة عن اقتصادنا إلى الخطأ في الاعتماد على الأموال الساخنة، فإنه في اتفاقه الجديد معنا فتح الباب أمام الحصول على بعض منها لسد الفجوة التمويلية الحالية من النقد الأجنبى، حينما تضمنت حزمة الأموال التى سوف يساعدنا في الحصول عليها أذون خزانة جديدة بعضها من أسواق آسيوية.. فكيف ينتقدون الاعتماد على الأموال الساخنة ويرحبون بعودتنا لاستخدامها في سد الفجوة التمويلية هذا العام، الذى يعتبر العام الأصعب في أزمتنا الاقتصادية.