الفن وسنينه
أيتها النخبة من الإعلاميين لقد نفد رصيد أغلبكم في 2022؟!
خلص المشاركون في منتدى الإعلام العربي الأخير الذي عقد في دبي إلى حقيقة هامة جدًا وهي أن الإعلام الرقمي فرض نفسه على الوسائل التقليدية وبات يستخدم على نطاق واسع في وطننا العربي وفي كافة دول العالم على اختلافها.
مشيرين إلى ضرورة تطوير المحتوى وتحسين الأداء والاهتمام بالقضايا التي تشغل الجمهور وتعبر عن مشاكله وهمومه وطموحاته، وابتكار أساليب جديدة متطورة وفعالة تعزز مكانة وسائل الإعلام التقليدية، وقدرتها على إحداث التأثير المأمول عبر منصات تفاعلية تواكب احتياجات الجمهور وأذواقه.
فهل نحن هنا في مصرنا الحبيبة ندرك هذه الحقيقة بوضوح ونتعامل معها بجدية ووعي ومنهج؟ أم نسير في نفس الطريق الذي سرنا ومازلنا فيه منذ سنوات طويلة في كل قضايانا الهامة والحيوية، طريق العشوائية والتخبط والفهلوة والمسكنات والصدفة فكانت النتيجة الفشل والخيبة والخروج من المنافسة الإعلامية بخفي حنين؟!
أداء النخبة الإعلامية
وهل أداء من يطلق عليهم 'النخبة، من الإعلاميين مقدمي البرامج الجماهيرية تطور ليتناسب مع هذه المتغيرات والتطورات المذهلة في عالم الإعلام، وهل ارتقى إلى المستوى المأمول منه ليعبر بصدق ووعي وتجرد عن كافة القضايا والمشاكل والهموم والتحديات التي يواجهها ويعاني منها المواطن البسيط بمفرده دون منقذ أو مغيث أو مبشر بالأمل؟
بل على العكس نجد أغلبهم كنافخ الكير ينفر ولا يبشر يصدر اليأس والخوف وينشر الفزع والقلق دون أن يحاول البحث عن نقطة ضوء وبارقة أمل ولو ضئيلة تجعل المواطن يصبر ويتذرع بالأمل والخير الذي سيحدث ولو بعد حين ؟!
في السطور التالية سنقوم بتحليل سريع لأداء بعضًا من أشهر الإعلاميين من مقدمي البرامج في العام الذي ودعنا من أيام قلائل 2022، ومدى التزامهم بميثاق الشرف الإعلامي الذي صدر عن نقابة الإعلاميين في أواخر 2017.
عمرو أديب حالة خاصة
20 بندًا لميثاق الشرف الإعلامي لنقابة الإعلاميين الصادر في ديسمبر 2017 والملزم لجميع أعضاء النقابة أو من يزاول العمل الإعلامي وتتم محاسبته وفقا لقانون النقابة حال مخالفة ايًا من هذه البنود الوافية والتي من أهمها:
الالتزام بالدقة والأمانة والصدق وإسناد الأخبار والمعلومات إلى مصادرها الأصلية.. وعدم تحريف ما يبث بالوسائل المسموعة والمرئية وتجنب استغلال التقنيات الحديثة في تضليل الجمهور.. والالتزام بالموضوعية في التناول والتوازن في عرض وجهات النظر وعدم تغليب المصالح الخاصة على اعتبارات المهنية والوطنية.
التحقق مما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من معلومات وقضايا قبل بثها.. واحترام آداب الحوار الإعلامي وعدم الدخول في ملاسنات وخلافات شخصية.. والالتزام بعدم استخدام ألفاظ أو عبارات أو صور تتنافى مع الآداب والقيم المجتمعية.. والامتناع عن بث كل ما يغذي أو يكرس ثقافة العنف والكراهية بكل صورهما وأشكالهما.
لا شك أن عمرو أديب يعد حالةً خاصةً بين الإعلاميين في مصر والوطن العربي، فهو الأعلى أجرًا حيث يتقاضى ولا حسد ما يقرب من ٣ ملايين دولارًا سنويًا من محطة mbc مصر ويقال انه يحصل أيضًا على نسبة إضافية من الإعلانات وذلك عن برنامج 'الحكاية'!
وهو الأكثر شهرةً ومتابعةً بين أقرانه سواءً من خلال المحطة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن ليس معنى ذلك أنه الأفضل والأكثر مهنيةً أو ثقافة ً ولكنه دون جدال الأشطر والأمهر صنعةً، حيث يجيد صنعته تمامًا ويعرف جيدا كيف يلعب على الأوتار والمشاعر والمصالح وله أسلوبه الخاص جدا في الكلام والحوار هو من ابتدعه، والبعيد كل البعد عن الأسلوب واللغة الإعلامية الأكاديمية التي تعلمناها في كلية الإعلام جامعة القاهرة وتعلمها هو أيضًا كخريج هذه الكلية عام ١٩٨٦.
ولكنه تخلى عن كل ذلك واصطنع لغة خاصة به تعتمد على الصوت العالي الجهوري والذي يخيف أحيانًا والتعبير بالوجه بشكل مبالغ فيه ولا يخلو من التمثيل أيضًا؟! ورغم ذلك فقد وقع في سقطات عديدة ودخل في حوارات وصراعات ومشاكل لا تفيد الناس في شيء.
وآخرها سجاله مع محمد رمضان والصحفي عبد الناصر زيدان وانتقاده لشيخ الأزهر في قضية ضرب الزوج لزوجته وهو ما دفع رئيس تحرير مجلة الأزهر إلى الانتفاض ضده ووصفه بانه إعلامي الترفيه، وأنه يروج للشائعات ويحرض على العنف ولا يلتزم بالموضوعية باجتزائه تصريحات الإمام الأكبر عن هذه القضية بهدف كسب الترند وعمل بلبلة؟!
عمرو أديب أيضًا مثله مثل كل أغلب الذين يعملون في محطات خاصة يدافع باستماتة عن سياسة ومصالح هذه المحطات ومن يملكها من أفراد والدول التي تتبعها ولهذا لا يكاد تمر حلقة من برنامجه الحكاية، إلا وأمطر رئيس هيئة الترفيه السعودية بوابل من المديح والثناء والتفخيم وهو ما يقلل كثيرًا من مصداقيته.
خاصة وأنه لا يتعامل بمثل هذا الحماس من القضايا والمشاكل الحيوية التي تمس المواطن في الصميم وقد يبدو أنه شعر بتأكل هذه المصداقية يومًا بعد يوم فأعلن من أشهر قليلة أنه سيعتزل العمل الإعلامي بعد سنة أو أقل قائلًا: “انا مش عبقري ولا حاجة بغلط كتير واتلغبط وبعمل مشاكل كتير” وفي نفس السياق توقع أحد الفلكيين المعروفين أن يختفي عمرو أديب عن الساحة الإعلامية خلال العام الجديد 2023!
تامر وموسى والديهي
قد يكون تامر أمين من النماذج الإعلامية الجيدة من الناحية المهنية، فهو يمتلك أدوات الحوار السليم والثقافة والثقة بالنفس والحضور رغم عدم دراسته للإعلام فهو تخرج من كلية الألسن ولكنك تشعر بأنه يتعالى بعض الشيء على ضيوفه وعلى الجمهور، ويعشق التنظير ويجيد إطلاق التصريحات المثيرة للجدل والتي تدخله في حوارات ومشاكل ودعاوى قضائية..
مثل مشكلته مع أهل الصعيد عندما صرح بأن أهل الصعيد يكثرون من الإنجاب بهدف إرسال بناتهم للقاهرة للعمل خادمات! أو التصريحات النارية المتبادلة بينه وبين سما المصري وفيفي عبده وغيرهما وانتقاده لزميلتيه رضوى الشربيني ومفيدة شيحة وهو ما يستنفذ جهده بعيدا عن مشاكل وهموم ومتاعب الناس الحياتية.
أحمد موسى ونشأت الديهي نموذج صارخ للإعلامي الذي لا يرى إلا الإيجابيات طوال الوقت يركز عليها ويهلل لها دون هوادة أو ملل أو كلل للحكومة ووزرائها ومسؤوليها وينفذ حرفيًا مبدأ (ملكي اكتر من الملك) وهو بذلك يضر أكثر مما ينفع لأن جمهور المتلقي صار أنضج وعيًا وفطنة ً وبات يرفض هذا النمط من الإعلام..
بل ويمقته وينزع مصداقية مروجيه الذين يعتقدون أنهم بهذا التوجه والرسالة الإعلامية المنقوصة من وجهها الآخر، وهو السلبيات والإخفاقات، وهذا هو الدور الرقابي الأساسي للإعلام، سينالون الرضا دائمًا من الحكومة ومن أصحاب المحطات التي يعملون بها وبالتالي سيحافظون على تواجدهم أطول فترة ممكنة يتمتعون بامتيازات عديدة ماديًا ومعنويًا حتى ولو على حساب رسالة الإعلام ودوره المهم والحيوي في كشف الفساد ومحاربته وحماية المجتمع منه والدفاع عن مصالح الناس والتعبير عن همومهم ومشاكلهم وتطلعاتهم في المقام الأول.
وهو ما يجعلنا في أشد الاحتياج إلى جيل جديد من الإعلاميين يحمل على عاتقه المواطن البسيط معبرًا عن همومه ومدافعًا عن حقوقه في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، مطالب شباب 25 يناير 2011، وذلك بعد أن انتهت صلاحية أغلب أعضاء نادي النخبة الإعلامية الحاليين ونفد رصيدهم.