منفذ العملية إخواني انتحل صفة ضابط، 94 عاما على اغتيال محمود فهمى النقراشى
في مثل هذا اليوم 28 ديسمبر 1948 وفى أحد أيام الشتاء الباردة بينما البلاد تحتفل بأعياد رأس السنة اغتالت رصاصات الغدر والإرهاب رئيس وزراء مصر السابق محمود فهمى النقراشى بعدما أصدر بصفته حاكما عسكريا أمرا بحل جماعة الإخوان بعدما تسببت فى إحداث خطر على الأمن فى البلاد.
وقررت جماعة الإخوان وعقدت العزم على مقتل رئيس الوزراء، فأطلق شاب يدعى عبدالمجيد حسن الذى ينتمى إلى جماعة الإخوان، وكان يرتدى زيا عسكريا، الرصاص عليه عند وصوله إلى مبنى وزارة الداخلية.
فى هذا اليوم كتب جلال الدين الحمامصى رئيس تحرير صحيفة الزمان، مانشتا يقول فيه: فى تمام العاشرة من صباح اليوم دخل ضابط بوليس - ملازم أول - وزارة الداخلية ووقف فى الطابق الأول كأنه ينتظر شيئا، وعندما وصل النقراشى باشا أدى له التحية العسكرية فرد عليه النقراشى مبتسمًا، وعندما أوشك النقراشى أن يدخل المصعد أطلق الضابط ثلاث رصاصات فى ظهر النقراشى فسقط قتيلًا، وأعلنت الإذاعة الحداد ليومين.
وقد تبين من التحقيق ان القاتل ضابط مزيف كان يتردد على مقهى بالقرب من وزارة الداخلية، واسمه الحقيقى عبدالحميد أحمد حسن - وهو طالب بكلية الطب البيطرى، يتزعم شعبة الإخوان بالجامعة أحضر بدلة البوليس من سوق الكانتو، واعترف بالجريمة قائلًا: أيوه قتلته لأنه أصدر قرارا بحل جمعية الإخوان المسلمين، وهى جمعية دينية ومن يحلها يهدم الدين، كما تبين من التحقيقات وجود شركاء له في الجريمة من الجماعة.
شهادة عبد العزيز كامل
وأوضح الدكتور عبد العزيز كامل وزير الأوقاف السابق في مذكراته التي عرضت جزءا منها الصحفية سناء البيسى بجريدة الأهرام أن عام ٤٨ ومطلع عام ٤٩ كان من أكثر الأعوام دموية للإخوان، فقد تمت تفجيرات عديدة في المحال التي يمتلكها اليهود فقرر رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى وقف نشاط الجماعة وحلها فاعتبروه معتديا على الإسلام وأحلوا دمه وقام بقتله عبد المجيد حسن ومن هنا فتحت أبواب المعتقلات لاستقبالهم.
وكتب الصحفى مصطفى أمين فى جريدة الأخبار مقالًا تحت عنوان "النقراشى كان يعرف أنه سيموت"، وجاء فيه:إنه ذهب لزيارة النقراشى باشا فى منزله قبل اغتياله بأسبوعين ولفت نظره أثناء جلوسه فى الصالون انتظارا لنزول الباشا أن حوائط المنزل مزينة بصور أصدقاء النقراشى الراحلين، ومنهم الدكتور محجوب ثابت، وشاعر النيل حافظ إبراهيم، ورفيق كفاحه أحمد ماهر باشا رئيس الوزراء الذى اغتيل عام 1945 بالبهو الفرعونى، وصورة النحاس باشا رغم اختلاف النقراشى معه فى كثير من المواقف، ما يدل على وفاء النقراشى لأصحابه.
وأضاف مصطفى أمين:دار الحوار بينى وبين والنقراشى حول القرار الذى ينوى إصداره بحل جمعية الإخوان المسلمين فتمسك النقراشى برأيه فى ثبات عجيب وقال "سوف أصدر القرار وأنفذه وبعد الاطمئنان على الحالة سوف أستقيل وأعود معلما كما بدأت قبل الوزارة "، ولما رأيته مصرا على قراره تنبأت باغتياله وقلت له "قد تكسب رأيك ولكننا سنخسرك" وعدت الى بيتى باكيا فقد كنت أشعر وأنا أصافحه أنى أودعه الوداع الأخير، وتحقق حدسى فقد اغتيل النقراشى بعدها بأيام.
مشوار سياسى
محمود فهمى النقراشى هو أحد قادة ثورة 1919، كان أول المناصب التى تولاها هو عمله سكرتير عام لوزارة المعارف المصرية، ثم وكيلا لمحافظة القاهرة، ثم صار عضوا فى حزب الوفد، ثم بعد ذلك تولى وزارة المواصلات المصرية العام 1930، رأس الحكومة المصرية مرتين، الأولى فى فبراير 1945م، حيث جاءت فى جو تسوده المظاهرات والاضطرابات التى عمت البلاد، ثم تولى المنصب مرة أخرى فى 9 ديسمبر 1946م بعد استقالة وزارة إسماعيل صدقى ليظل بها حتى اغتياله في مثل هذا اليوم.