أكرم توفيق.. أن تصاب في زمن السوشيال ميديا
حتى عندما نفى أكرم توفيق - بشكل قاطع- علاقة محمود كهربا بإصابته بقطع في الرباط الصليبي، فإن كثيرا من الجالسين على السوشيال ميديا واصلوا حملتهم الممنهجة على محمود كهربا باعتبار أن التحامه العنيف مع أكرم توفيق هو السبب الحقيقي والمباشر في إصابته بهذه الإصابة الخطيرة.
أحد الجالسين وراء الكيبورد قال: يعني (لا منك ولا كفاية شرك).. والمعنى أن كهربا لا يلعب بسبب الوقف ويتسبب في إصابة الذين يلعبون ويتألقون ويساعدون الفريق على الفوز.
لنقرأ القصة من بدايتها، فما إن تم الإعلان عن إصابة أكرم توفيق حتى تخلى كثير من الجالسين وراء الكيبورد عن وقارهم وألقوا بعباءة الإنسانية التي يرتدونها على قارعة الطريق. لماذا فعلوا ذلك.. لا أعرف..
أكرم توفيق.. لاعب مهم.. نعم.. مفيد للأهلي والمنتخب.. جدا.. بدأ في استعادة مستواه العالي بعد غياب طويل عن الملاعب بسبب إصابة مماثلة.. بالتأكيد.. ولكن لماذا هذا الصراخ المحموم من أنصاره والشماتة الواضحة من خصومه وخصوم محمود كهربا.
محمود كهربا حتى لو تسبب في إصابة أكرم توفيق -وهذا غير صحيح باعتراف أكرم نفسه- فسيكون هذا قد حدث بدون قصد ولا يستدعي هذه المحاكمة العاجلة عبر الفضاء الإلكتروني. كما أن إصابة أكرم توفيق لو حدثت في الثمانينات أو التسعينات مثلا لكان نصيبها من النشر خبرا من 3 سطور في صفحة الرياضة رغم أن مثل هذه الإصابة في ذلك الزمن البعيد كان من الممكن أن تؤدي إلى اعتزاله فلم يكن الطب قد تقدم في علاج مثل هذه الحالات الصعبة.
صلابة أكرم توفيق
أما وقد حدثت الإصابة في زمن السوشيال ميديا فقد أصبح على أكرم توفيق أن يعاني -إضافة إلى معاناته من الإصابة- في صد موجات الهجوم عليه وعلى محمود كهربا.. هجوم السوشيال ميديا شرس وصعب فهي لا تظن ولا تشك ولا تعتقد ولا تعترف ب ربما ويمكن ولكنها تجزم وتؤكد وتقرر ولا تقف عند حد.
عقب الإصابة مباشرة، انطلقت حملات المواساة وموجات التعاطف مع أكرم توفيق ولكنها للأسف كانت مواساة مقيدة وتعاطفا مشروطا.
ففريق كبير من السوشيال ميديا قرر أن أكرم توفيق أصيب بسبب تهوره الشديد واندفاعه غير المحسوب وبالتالي فأكرم نفسه هو المسؤول الأول والأخير عن إصابته وزاد هذا الفريق بأنه توقع هذه الإصابة منذ شهرين نظرا لطبيعة لعب أكرم توفيق المتهورة.
كانت السوشيال ميديا في توجهها هذا أشبه برجل قرر أن يزور مريضا وبدلا من أن يتمنى له السلامة صرخ في وجهه: اسمع.. أنت المسؤول الحقيقي عن مرضك والمتسبب الأساسي في إصابتك.
الذين اقتربوا من أكرم توفيق - ومن بينهم الأستاذ زغلول صيام الذي أثق تماما في موضوعيته- يعرفون جيدا صلابة أكرم توفيق وقوة شخصيته وأخلاقه الطيبة وبالتالي فأكرم قادر -بإذن الله- على العودة أقوى مما كان وتخطي الآثار السلبية للسوشيال ميديا في معالجة الأزمة.
كما أن أكرم توفيق يتعامل مع كرة القدم بجدية شديدة واللاعب يحتاج في زمن السوشيال ميديا إلى جهد وعمل أضعاف موهبته لكى يحقق أهدافه ويواجه حملات النقد التي لاترحم.
ولكن المشكلة أن كثيرا من اللاعبين يملكون موهبة أكرم توفيق ولكن لايملكون صلابته وقوته ولذا فهم لا يتحملون ضغوط السوشيال ميديا ويتأثر أداؤهم سلبا باتجاهاتها فهي -عادة- لا تقول لمجيد أحسنت ولا لمجتهد أديت واجبك، ولكنها -في أفضل أحوالها- عادة تترصد الخطأ وتنكأ الجرح وتضغط على نقطة الضعف وتتعجل نهاية كثير ممن نجحوا يوما وكأنها تعاقبهم على نجاحهم.
ولأن في كل قصة جانبها المضيئ فقد أعجبني دعم لاعبي كرة القدم الحاليين والقدامى ل أكرم توفيق، فقد انهالت عليه رسائل المساندة والمؤازرة والتشجيع وخصوصا من لاعبي الزمالك المنافس التقليدي للأهلي ولعل في ذلك درسا للشامتين والكارهين على السوشيال ميديا.