محمد التابعي، أمير مملكة النساء الذي طاردته الشائعات بفنانات، وقرار رئاسي بتأخير جنازته 48 ساعة
توج لسنوات طويلة ملكا على عرش صاحبة الجلالة، لقب بأمير الصحافة العربية، والصحفى المشاكس وأمير مملكة النساء وأستاذ الكلمة وأمير القلم والبرنس، ومؤسس حرية الرأي في الصحافة المصرية، استطاع برشاقة أسلوبه وعباراته القصيرة أن يحدث ثورة فى بلاط صاحبة الجلالة نقلتها من صحافة المقال إلى صحافة الخبر، هو الكاتب الصحفى محمد التابعى الذي رحل في مثل هذا اليوم 24 ديسمبر 1976.
ولد محمد التابعى عام 1902، بمصيف بحيرة المنزلة حيث كانت أسرته ضيفا عليه، ونسب إلى التابعى تبركا بالشيخ التابعى، إلا أن لقب عائلته الحقيقي وهبة.
سوق الخواجات
يقول التابعي عن نشأته: في الحارة قضيت طفولتي ألعب حافيا وأمسك في يدي سيفا من الصفيح ودرعا وخوذة كلفونى قرشين فقط، وتفننت في مبارزة فريق الزير سالم في مواجهة الزناتي خليفة، كنت أتردد على مكتبة في سوق الخواجات يملكها الشيخ سعيد حلقة، وأبدأ القراءة فيها.. حيث كان صاحبها يرفض الاستعارة، فقرأت ألف ليلة وليلة وقصص سيف زي يزن وحمزة البهلوان.. وكنت لم أبلغ الحادية عشر، وحدث أن فتشت والدتي حقيبتي وعثرت على مجموعة من القصص التي كنت قد اشتريتها من مصروفي وكان جزائي علقة مازلت اذكرها.
طرد من مدرسة السعيدية
وتابع التابعي: حصلت على الابتدائية وجئت إلى القاهرة والتحقت بالمدرسة السعيدية الثانوية و زاملني هناك صديق عمري الكاتب فكري أباظة، ونظرا لشقاوتي الشديدة أبعدني الناظر عن المدرسة بالطرد، وكان نصيبي الالتحاق بمدرسة العباسية الداخلية بحي محرم بك بالإسكندرية.. وهناك تعلمت النظام والطاعة، وحصلت على البكالوريا والتحقت بكلية الحقوق، ولظروفى العائلية، انقطعت عن الجامعة وعن الدراسة وعملت بوظيفة بمصلحة التموين مقابل 20 جنيها، ثم حصلت على الليسانس من منازلهم، وبعدها بدأت أكتب في روز اليوسف ثم احترفت الصحافة.
أسس مجلة آخر ساعة عام 1934، وبعدها جريدة المصري مع محمود أبو الفتح عام 1936، انتقلت مقالاته إلى جريدة الأخبار وكان الصحفى الوحيد الذى كان يرافق العائلة المالكة فى رحلاتها الطويلة لأوروبا.
عرف عنه أمير مملكة النساء بسبب علاقاته النسائية المتعددة فقيل إنه تزوج المطربة أسمهان، كما تزوج الممثلة زوزو حمدى الحكيم لكن لم يثبت ذلك وانتهى مشواره بزواجه من السيدة هدى التابعي.
أخذت السياسة الكاتب محمد التابعى من النقد المسرحي وكسبت الصحافة المصرية كاتبا من الدرجة الأولى فى الاجيبسيان ميل وروز اليوسف مما زاد من توزيع روز اليوسف حتى أنه كان يكتب النقد السياسي بأسلوب النقد المسرحي فكتب فى الأهرام بتوقيع مستعار باسم حندس.
تتلمذ على يديه عمالقة الصحافة والسياسة والأدب مثل محمد حسنين هيكل ومصطفى وعلي أمين وكامل الشناوي وإحسان عبد القدوس وأحمد رجب وغيرهم.
كانت مقالات محمد التابعى تسقط الوزراة، وتهز عروش الحكومات وتضرب الفساد والفاسدين في مقتل، كاتب نظيف يعيش حياته كالملوك والأمراء، يعتد بنفسه إلى أبعد ما يكون الاعتداد والثقة بالنفس
كتب عدة مقالات شهيرة عن الخلاف بين القصر والوزارة النحاسية، وغضب منه الوفد حتى أنه أعلن بنفسه بأنه لا صلة لـ آخر ساعة بحزب الوفد.. وكانت أول سابقة تتبرأ فيها جريدة في مصر من حزب الوفد.
أصدر التابعي العديد من المجلات انتهت بإصدار مجلة آخر ساعة، فأصدر مجلة الرقيب ومنعتها وزارة محمد محمود، ثم أصدر مجلة الشرق الأدنى ومجلة مصر الحرة، في عام 1930 أصدر صحيفة البرق وعطلتها حكومة صدقي. ثم أصدر مجلة الصرخة حتى استقال من روز اليوسف ليصدر مجلة آخر ساعة.
تكريم عند الرحيل
رحل التابعى عن 81 عاما بسبب إصابته بجلطة، تأخرت جنازته يومين فخرجت يوم 26 ديسمبر 1976 حتى يتم تجهيز جنازة تليق بأكبر صحفى مصري، وأعلنت رئاسة الجمهورية بيانا في الصحف يقول: "قرر الرئيس أنور السادات حينما علم بوفاة الكاتب الصحفى محمد التابعى أن تكون جنازته من ميزانية رئاسة الجمهورية، كما أرسل السادات مبعوثا خاصا إلى أرملة الفقيد للتكفل بكل ما يقتضيه الموقف.
وبالفعل خرجت جنازة مهيبة للراحل الفقيد من مسجد عمر مكرم حضرها كبار رجال الدولة على رأسهم مندوبا عن الرئيس السادات والسيد حسين الشافعي و المهندس سيد مرعي والدكتور عبد القادر حاتم والدكتور جمال العطيفي وزير الثقافة والإعلام في ذلك الوقت وجميع الكتاب والصحفيين وعدد كبير من الفنانين ولقبته الصحف بعميد الصحافة العربية.
