ريا وسكينة قصة قضية هزت المجتمع المصرى في القرن الماضي
أشرقت شمس يوم الأربعاء لترفع الرايات السوداء على سارية سجن الحضرة بالإسكندرية إعلانا عن تنفيذ حكم الإعدام، بينما أحاطت بالسجن مجموعة من النساء من حى اللبان يهتفن ويزغردن بإعدام ريا وسكينة، هذه الكلمات كانت افتتاحية صحيفة الأهرام صبيحة تنفيذ حكم الإعدام في السفاحتين ريا وسكينة في مثل هذا اليوم 21 ديسمبر 1921.
ريا وسكينة من أشهر القضايا البشعة التي شهدتها مصر وهى الجريمة التي هزت المجتمع المصرى في الإسكندرية التي راح ضحيتها أكثر من 17 سيدة من أجل السرقة وظلت متداولة في المحاكم دون معرفة الفاعلين الحقيقيين، وصدر فيها الحكم بإعدام السفاحتين ريا وسكينة أشهر سيدتين في الإجرام في تاريخ مصر ليصبحا أول النساء اللاتى يطبق عليهن، حيث لم يكن يطبق على المرأة الإعدام في ذلك الوقت.
بدأت وقائع قضية ريا وسكينة حين تقدمت زينب حسن ببلاغ إلى قسم اللبان عن اختفاء ابنتها نظلة أبو الليل في نوفمبر 1919، وفى مارس 1920 جاء البلاغ الثانى عن اختفاء زنوبة عليوة، تقدمت به ابنتها اتهمت فيه سكينة بالاسم، لتتوالى بعدها بلاغات الاختفاء.
أبطال القضية
ابطال هذه القضية سيدة وأربع رجال حكم عليهم بالاعدام شنقا هم ريا على همام وزوجها حسب الله سعيد، وشقيقتها سكينة على همام وزوجها عبد العال، وعبد الرازق يوسف وعرابى حسان، كونت الشقيقتان ريا وسكينة جميعا تشكيلا عصابيا لخطف النساء وقتلهن بمساعدة عبد العال زوج سكينة وحسب الله سعيد زوج ريا وعبد الرازق يوسف وعرابى حسان. قاموا جميعا بقتل 17 سيدة وسرقة مصوغاتهن بعد أن استدرجتهما ريا أو سكينة من سوق زنقة الستات القريب من ميدان المنشية بحجة أنهما يعملا دلالات ولديهما الأقمشة وأدوات التجميل.
وتعددت بلاغات اختفاء النساء التى وصلت إلى 30 بلاغا وقام بالبحث والتحرى الصاغ كمال الطرابلسى رئيس المباحث الجنائية بالإسكندرية ومساعده الملازم محمود صلاح وبدأت القضية بعد بلاغ من سباك صحى يفيد أنه أثناء قيامه بتسليك مواسير العقار رقم5 بشارع ماركوريس والحفر حول البلاعة فوجئ برأس آدمية مدفونة وبجوارها جسم آدمى آخر فانتقل المأمور الى مكان الحادث، وبالحفر عثر على 11 جثة أخرى وأكد صاحب العقار أن ريا وسكينة وعبد العال وحسب الله استأجروا البيت لمدة عشر سنوات ثم تركاه منذ أسبوعين فقط، وعن طريق بلاغ آخر فقط من منطقة كوم الدكة عثر بعدها على باقى الجثث، وبالقبض على المتهمين اعترف الجميع بارتكاب الجرائم.
وجهت إلى المتهمتين الأولى والثانية تهمة القتل العمد لـ17 سيدة عمدا مع سبق الإصرار واستباحة اموالهن، وفى محاكمة رائعة فى مايو 1921 كان دخول الجمهور فيها وحضور الجلسة بتذاكر مدفوعة وكان الزحام شديدا لمشاهدة المجرمين.
وفى نهاية الجلسة حكم القاضي أحمد مرسى بإعدام ريا وسكينة وأربعة من الرجال وحبس الصائغ خمس سنوات.
قيدت قضية ريا وسكينة بجدول النقض ورفض الطعن وقيد تنفيذ حكم الإعدام ونفذ الحكم فى 21 و22 ديسمبر 1921 بسجن الحضرة حيث رفعت الرايات السوداء بحضور محمد حداية محافظ الإسكندرية.
الغريب أن آخر كلمات ريا قبل الإعدام حيث كانت متماسكة قوية واثقة من نفسها (هى موتة ولا اكثر، وربنا معاكى يا بديعة ابنتها الوحيدة التى شهدت على جرائمهما، وقالت سكينة التى كانت مرتبكة وترتعد السجن للجدعان ليصبح أول حكم بإعدام النساء فى مصر من نصيب السفاحتين.
استغل الكتاب والمخرجون القصة وقدمت حولها عدة أفلام قدمتها نجمة ابراهيم وزوزو حمدى الحكيم وحديثا قدمتها شريهان، ومسرحية كاملة كانت بطلتها شادية وسهير البابلى وأخرجها حسين كمال.