الوردة البيضاء.. الفيلم الذي أثار حفيظة الأزهر بسبب القبلات بـ"الطربوش"
في الأيام الأولى من ديسمبر عام 1933 وبمجرد ظهور السينما الناطقة عرض الفيلم العربى الغنائى الأول في تاريخ السينما المصرية “ الوردة البيضاء ” بسينما رويال بوسط المدينة من اخراج محمد كريم وأول أفلام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في أول محطات اتجاهه إلى السينما، صاحب فكرة الفيلم وكان محمد متولى والحوار للفنان سليمان نجيب وتوفيق المردنلى، والموسيقى والألحان والغناء لمحمد عبدالوهاب وقام بالتمثيل مع عبدالوهاب الممثلة سميرة خلوصي.
تدور أحداث الفيلم حول " جلال " الذي يعمل بدائرة إسماعيل بك ثم تتوطد علاقته برجاء ابنته ويكتشف إسماعيل بك العلاقة ويثور، ويفصل جلال من الدائرة ويعده جلال بالابتعاد عن ابنته، ثم يحترف الغناء وتعمل زوجة إسماعيل بك على زواج رجاء التي ترفض حبا في جلال، ويتم الإيقاع بين الحبيبين وتوافق رجاء على الزواج من شفيق ويفى جلال بالوعد الذي أعطاه لإسماعيل بك بالابتعاد..
الفيلم الغنائي
جاءت فكرة تقديم فيلما غنائيا بعد أن ذاع صيت المطرب محمد عبد الوهاب وظهرت السينما الناطقة فأصبح من الضروري أن يحتل الغناء جزءًا من الفيلم السينمائى، ومن هنا ظهر الفيلم الغنائى، ليختار المخرج صديقه المطرب المشهور في ذلك الوقت محمد عبد الوهاب وتم تصوير وطبع الفيلم في استديو توبيس كلانج بفرنسا..
قدم عبد الوهاب في الفيلم 8 أغاني من تلحينه هي: النيل نجاشى التي كتبها احمد شوقى تكريما واحتراما لشوقى حيث عرض الفيلم بعد أقل من شهرين من رحيل شوقى، جفنه علم الغزل من كلمات بشارة الخوري، أما باقى الاغانى فهى من كلمات شاعر الشباب أحمد رامي وهى: جفنه علم الغزل، سبع سواقى، نادانى قلبى اليك، يالوعتى ياشقايا، ياللي شجاك الأنين، ضحيت غرامى
عن ذكرياته حول الفيلم قال الموسيقار محمد عبد الوهاب في مجلة فن بعد عرض الفيلم الذى استمر شهرين في السينما: "دعوت عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين وهو من أعز أصدقائى ليحضر هو وزوجته الفرنسية حضور عرض فيلمى "الوردة البيضا"، وبالفعل حضر العرض وأخذت زوجته تشرح له همسًا ما يدور على الشاشة من أحداث الفيلم، وبعد أيام كتب الدكتور طه حسين مقالًا في جريدة الأهرام يقول فيه: شاهدت فيلم الوردة البيضا، ولم يقل سمعت فتيقنت أن هذا الرجل يملك البصيرة بالرغم من أنه فاقد البصر،
إشادة طه حسين
قال الدكتور طه حسين في مقاله: ان فيلم الوردة البيضا يعتبر حدثا كبيرا في تاريخ الغناء العربى والسينما العربية التي ستبلغ أعلى المراتب إذا اقتحم ميدانها رجال عباقرة أمثال المخرج محمد كريم والمطرب محمد عبد الوهاب الذى هزنى من الأعماق وهو يغنى روائعه في الفيلم ولا سيما أغنية "ياللى شجاك الأنين، يا وردة الحب الصافى، جفنة علم الغزل".
من المعروف أن مشيخة الأزهر اعترضت على القبلات التي تمت في الفيلم احتجاجا على أن عبد الوهاب كان يقبل البطلة وهو يرتدى الطربوش الرمز القومى للبلاد لما في ذلك من إهانة له.
بسبب نجاح فيلم الوردة البيضا الذى حقق ايرادا ربع مليون جنيه لطول فترة عرضه وجماهيريته ـ بدأ فى القاهرة 4 ديسمبر، وفى الإسكندرية 8 ديسمبر واستمر اكثر من شهرين ـ أنتج عبد الوهاب بعده بعام واحد فيلمه الثانى الغنائي أيضا " دموع الحب" المأخوذ عن رواية ماجدولين التي ترجمها مصطفى لطفى المنفلوطى وأخرجه محمد كريم أيضا وقام ببطولته عبد الوهاب ونجاة على، واستعان المخرج بنجوم المسرح في ذلك الوقت: عبد الوارث عسر ومحمد توفيق وسليمان نجيب، دولت أبيض، محمد عبد القدوس، زكى رستم.