علي جمعة: نعيش في زمن الرويبضة
قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إن الله نهانا عن الفتنة بكل أشكالها، مؤكدًا أن الفتنة نوعان: فتنة شبهات وفتنة شهوات، وتزول فتنة الشبهات بالعلم.
فتنة الشهوات تسيطر على الناس
وأكد جمعة أن فتنة الشهوات هي الغالبة على عامة البشر، كالافتتان بالنساء أو بالمال الحرام أو بالمنصب أو بالجاه، وتزول هذه الفتن بالتقوى، موضحًا أنه بالعلم والتقوى ينجو الإنسان من كل أشكال الفتن، وبغياب العلم والتقوى تظهر الفتن، مؤكدًا أننا نعيش عصر الرويبضة.
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على فيس بوك قال فيها: "الشرع يأمر أن نرجع إلى الحقائق لا إلى الأوهام، وإلى الواقع لا إلى الخيال المريض قال تعالى وهو ينهانا عن الفتنة بكل أشكالها كلامًا وفعلًا وسلوكًا: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوَهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) [لقمان:20، 21].
وتابع علي جمعة: "وقال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [لقمان:6] وقال: ﴿أَفَمِنْ هَذَا الحَدِيثِ تَعْجَبُونَ* وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ* وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ﴾ [النجم:59، 61]، وسامدون أي تغنون بالباطل من القول. وقال تعالى: ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام:116].
ما هي أنواع الفتن؟
وعن أنواع الفتن قال علي جمعة: "وبالنظر إلى الفتنة ومبعثها في النفس الإنسانية يمكن أن نقسم الفتنة إلى قسمين الأول: فتنة الشبهات. والثاني: فتنة الشهوات. وفتنة الشبهات: كالتشكيك في صحيح العقيدة، والدعوة إلى الغلو والتطرف، وهذا النوع من الفتن يزول بالعلم."
كما قال علي جمعة إن فتنة الشهوات هي الغالبة على عامة البشر كالافتتان بالنساء أو بالمال الحرام أو بالمنصب أو بالجاه، وتزول هذه الفتن بالتقوى، موضحًا أنه بالعلم والتقوى ينجو الإنسان من كل أشكال الفتن، وبغياب العلم والتقوى تظهر الفتن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا كَأَنَّه يُرِيدُ الْقَتْلَ» [رواه البخاري].
وأضاف علي جمعة "وفي رواية أخرى: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ» [رواه البخاري].
وتابع علي جمعة: "الفتنة التي هي الابتلاء والامتحان تكون بالخير والشر، يقول تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُون﴾َ [الأنبياء:35]
نعيش عصر الرويبضة
وأكد الدكتور علي جمعة أن النوع الثاني من الفتن وهو اختلاط أهل الحق وأهل الباطل فيصعب التمييز بينهم فقد أشار القرآن إلى هؤلاء المندسين الذين يتسببون في فتنة المجتمع وأنهم لا يخفون عليه سبحانه فقال تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ البَأْسَ إِلاَّ قَلِيلًا﴾ [الأحزاب:18].
وعن اختلاط أهل الحق والباطل قال علي جمعة:"إن النبي صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك الزمان الذي يختلط فيه أهل الحق بأهل الباطل، ويظن الناس أن الكاذب صادق، والصادق كاذب حيث قول صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس سنوات جدعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيهم الرويبضة. قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما الرويبضة ؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة» [أحمد وابن ماجة والحاكم]".
واضاف علي جمعة: "يبدو أننا نعيش في تلك الحالة الثقافية التي لم تستقر بعد، ولم تتحدد مفاهيم كثيرة منها، والتي خرج الرويبضة ليساهم فيها ويتكلم في الشأن العام، من التصدر للنصيحة حتى الطبية منها، إلى الإفتاء ولو بغير علم مع أنه لم يحفظ آية كاملة إلا في قصار السور، إلى تولي المناصب العامة، إلى الكلام في الشيوعية البائدة أو الفن الجديد، إلى من يريدنا أن ننسلخ عن أنفسنا وديننا وتاريخنا إلى من يريد إرهابًا فكريا، إما هو وإما الجحيم، ثم جحيمه هي الجنة، وأن جنته هي الجحيم؛ لأنه دجال من الدجاجلة."
وعن المخرج من الفتن قال جمعة إن المخرج من ذلك كله هو الصبر والتأكيد على الحرية الملتزمة وترك الرويبضة يكتشفه الناس في تفاهته وفي هشاشة تفكيره، والاستمرار في بناء الإعلام الجاد الملتزم الذي سوف يطرد الهش والغث والذي سيجعل التافه يتعلم أو يستحي أو يتوارى أو يسير مسار الجادين أو يحاول حتى لو لم يصل إلى مستواهم".