ماذا خسر العالم من إصرار الغرب على فرض قيمه الثقافية بمونديال قطر؟
تجاوز عالم كرة القدم المحطة الأولى ودخل في المراحل الأكثر حسما بمونديال قطر، بيد أن خروج المنتخب الألماني وبعض المنتخبات الكبرى من الأدوار الأولى بعد أن انشغلوا وشغلوا العالم بمعارك أخرى بعيدة تماما عن خصوصية المناسبة سيظل حاضرا في الأذهان لعقود قادمة، فما خسره العالم ليس سهلا بعد إثارة مشكلات ثقافية ودينية ستزيد من التباعد بين الشرق والغرب.
اختبار مونديال قطر
يقول جمال القحطاني الكاتب والباحث إن الحملة الغربية الشعواء لفرض قيم دخيلة بمونديال قطر على بقية دول العالم، تظهر الروح الاستعلائية الغربية الموروثة من حقبة الاستعمار والتمدد الإمبريالي.
أضاف: ما زالت هذه الروح تهيمن على العقل السياسي في الغرب، رغم كل مزاعم الليبرالية وحقوق الإنسان، واحترام التنوع والاختلاف، إذ كشفت عملية التعبئة الغربية المحمومة مؤخرًا لترويج قيمه الثقافية ساقطة، أن الغرب بات يشعر بمكانة عليا تخوله فرض القيم والسياسات التي تناسبه على مجتمعات أخرى لا تشترك معه في الدين أو الثقافة أو القيم الاجتماعية السائدة.
أزمة مونديال قطر والاستعلاء الغربي
واستكمل: ما حدث في قطر بهذا المنطق الاستعلائي إنما يقض كل البنيان الفكري لقيمة الليبرالية القائمة على حرية الاختيار سواء كان ذلك على مستوى الفرد، أو على مستوى المجتمعات، التي من حقها رفض ما لا يتواءم مع دينها وأعرافها وقيمها الأصيلة.
وأشار الباحث إلى أن هذه الفوقية الأخلاقية الذي ظهرت بوضوح في مونديال قطر لايوجد ما يبررها أو يسندها واقعيًا، وقد انكشف الانهيار الأخلاقي والقيمي الذي يعانيه الغرب باعتراف نخبه ومفكريه، وتفسخ عرى العلاقات الإنسانية داخل مجتمعاته مع طغيان المادية وتراجع القيم الأسرية في صورة نقيضة لتقدمه العلمي والمعرفي الذي لا يتسنى إنكاره.
تأثير ما بعد مونديال قطر على العالم وصراع الشرق والغرب
اختتم: قدم الغرب في مونديال قطر ما يدعم انتهازيته وممارسته لفوقية أخلاقية فارغة، كل ما خطاه العالم في العقدين الأخيرين نحو تعزيز التقارب بين الحضارات والثقافات، وتعزيز قيم الحوار واحترام خصوصية كل مجتمع أو حضارة، الأمر الذي يعيدنا إلى مربع النزاع والتنافر والقطيعة، وهو أمر لا يمكن أن يعود بخير على الجميع.